المنشورات

أول قسامة كانت

ما أخبرنا به أحمد قال: أخبرنا الهذلى قال: أخبرنا أبو عبد الله الجهنى قال:
كان من حديث عمرو بن علقمة وخداش بن عبد الله ان خداشا خرج الى الشام فى ركب قريش واستأجر، عمرو بن علقمة بن المطلب بن عبد مناف، فلما كان ببعض الطريق نزلوا منزلا، وانطلق خداش بظهره يرعاه، وترك عند عمرو ناقة مهزولة، وأمره أن يعلفها، وفى عنقها حبل، فمر قوم على عمرو فاستعانوه وقد شردت أبلهم، فطرح لهم الحبل الذى فى عنق الناقة، فلما جاء خداش قال: أين الحبل؟ فأخبره أنه أعاره رجلا، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ وقد نزلنا أرضا لانجد فيها مستعانا، فضربه بعصا فشجه، فضمن «4» من ضربته، وجعل يجد وجعا كأنه ينزل الى صدره.
فكتب عمرو كتابا الى أبى طالب وأبى سفيان بن حرب وبنى عبد مناف، أنه كان من أمرى كذا وكذا، فان رجع اليكم ولست معه فقد قتلنى، فاطلبوا بدمى، ثم استعرض قوما فدفعه اليهم فبلغوا بنى عبد مناف، فلما قدم خداش وليس معه عمرو سألوه عنه، فقال: مات فقالوا: كذبت بل قتلته، فطلبوا العقل، فأبى عليهم، فقال: ما مكث إلا أياما حتى مات فتحاكموا الى الوليد بن المغيرة، وهو يومئذ حكم قريش، فقضى على خداش ورهطه بالقسامة، أن يحلف خمسون رجلا ما قتلنا صاحبكم، فحلفوا كلهم إلا حويطب بن عبد العزى، افتدت أمه يمينه بأربعين أوقية ورقا، والاوقية أربعون درهما، وكان أكثر قريش ريعا بمكة فهلك الذين حلفوا جميعا، وورثهم حويطب فذلك قول أبى طالب:
أفى فضل حبل لا أباك ضربته ... بمنسأة قد جاء حبل وأحبل
هلمّ إلى حكم ابن صخرة انّه ... سيحكم فيما بيننا ثمّ يعدل
كما كان يقضى فى أمور تنوبنا ... فيعمل للأمر الحسيم فيفصل
وصخرة هى أم الوليد فقال أبو الوليد أحد بنى عامر بن لؤى:
أتدعو إلى حكم بن صخرة آنفا ... أماه «1» لحكم العبد والعبد أنذل
خداش اذا ما هاجت الحرب فارس ... وعند بنى سجع بمكّة يعمل
أبا طالب ما كنت تعلم أنّه ... خداش اذا ما كان يوم محجّل
قال العباس بن عبد المطلب فى ذلك وقد روى لغيره
أيا قومنا ان تنصفونا فانصفت ... قواطع «2» فى ايماننا تقطر الدّما
تركناهم لا يستحلّون بعدنا ... لذى رحم من سائر النّاس محرما
وزعناهم «1» وزع النوامس «2» بالقنا ... وكلّ سريجىّ «3» اذا هزّ صمّما
فلا ترجونّا حاصن بعد طهرها ... لئن نحن لم نتار من القوم علقما
أبا طالب لا تقبل النّصف منهم ... وان أنصفوا حتّى تعقّ وتظلما
وغلط عمر بن شبه من هذا الخبر فى ثلاثة مواضع قال: المقتول علقمة بن المطلب وهو عمرو بن علقمة وانما زل لما سمع قول العباس «لئن نحن لم نثأر من القوم علقما» وانما اراد عمرو بن علقمة فلم يستو له البيت فذكر علقمة اضطرارا وقال علقمة ابن أخت أبى طالب وليست تعرف لابى طالب أخت كانت عند المطلب بن عبد مناف ثم قال وقضى فيه الوليد وهو غلط ولا يشك أهل الاخبار أنه قضى بالقسامة وأنه اول قسامة قضى بها.













مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید