المنشورات

أول من غير الحنيفية وبحر البحيرة وسيب السائبة وجعل الوصيلة والحام عمرو بن لحى

وهو عمرو بن ربيعة أبو خزاعة، وهو أول من ولى البيت منهم، ثم رحل الى قومه بالشام ورأى الاصنام تعبد فاعجبته عبادتها، وقدم مكة بهبل، ودعا الناس الى عبادته والى مفارقته الحنيفية، فأجابه الجمهور وأكثره من لم يجربه حتى استمر «2» له ما أراد منه، وقال النبى- صلّى الله عليه وسلم-: «أطلعت فى النار فرأيت عمرو بن لحى يجر قصبه فيها- والقصب المعا «3» - وكان الأصل فى عبادة الاوثان، ان قوما من الأوائل اعتقدوا ان الكواكب تفعل أفعالا تجرى فى النفع والضر مجرى أفعال الآلهة على حسب ما يعتقده بعض أهل التنجيم، فاتخذوا عبادتها دينا، وأراد ملوكهم ورؤساؤهم توكيده فى أنفسهم والزيادة فيه عندهم، وذلك ان الملك يحتاج الى الدين كحاجته الى الرجال والمال، لأن الملك لا يثبت الا بالتبعة، والتبعة لا تكون الا بالإيمان، والإيمان لا يكون إلا لأهل الأديان، إذا لا يصح أن يحلف الرجل إلا بدينه ومعبوده، ومن لا يعتقد من أمر الملك بالدين، فصنعوا لهم الاصنام على صور الكواكب التى يعبدونها بزعمهم، ليشاهدوها من قرب فتحلوا فى نفوسهم، وتزكوا محبتها فى قلوبهم، ثم انتشر ذلك فى أكثر الارض، وعم جل «1» الأقاليم، وسمعت المشايخ يذكرون ان بعض المراكب اخطأ السمت «2» فى بعض البحار حتى انتهى أهله إلى جزيرة، واذا فيها ناس لم يعرفوا قط أن فى الارض ناسا غيرهم، وعرف بدلائل المكان ان أحدا منا لم يخلص اليهم قط، واذا هم يعبدون الاصنام، ووقفوا من جهتهم بالاشارة الى ان السبب الذى دعاهم الى عبادتها هو الذى ذكرناه فى أمر الكواكب وهذا من أعجب ما فى هذا الباب والله أعلم.
وزعمت العرب أنها تعبد الاصنام لتشفع لها عند الله، وهذا مثل ما حكى عن بعض السؤال أنه كان يقول «اللهم ارزق الناس حتى يعطونى» فقال له أبو الحارث حميد: مالك تسأل الله سفتجة «3» بالرزق، سل الله يرزقك، وكان ينبغى للعرب أن يعبدوا الله ليرحمهم، ولا يحتاجون الى اقامة شفيع.
وعمرو بن لحى اول من بحر البحيرة وسيب السائبة وجعل الوصيلة والحام.
والبحيرة: الناقة اذا نتجت خمسة أبطن، فان كان الخامس أنثى بحروا أذنها أى شقوها، وكانت حراما على النساء لحمها ولبنها، وان كان ذكرا نحروه للآلهة، ولحمه للرجال دون النساء.
والسائبة: البعير يسيب بنذر يكون على الرجل ان سلمه الله من مرض أو بلغه منزلة ان يفعل ذلك، فلا يحبس عن رعى ولا ماء ولا يركبه أحد.
والوصيلة: من الغنم كانوا اذا ولدت الشاة سبعة أبطن فان كان السابع ذكرا ذبح فأكل منه الرجال والنساء، وان كان أنثى تركت، وان كان ذكرا وأنثى قالوا وصلت أخاها، فلم تذبح لمكانها وكان لبنها وجميع منافعها حراما على النساء، وان وضعته ميتا اشترك فى أكله الرجال والنساء.
وقالوا: السائبة الانثى من الابل، يسيبها الرجل لآلهته، ومن البقر والغنم فيكون ظهورها وأولادها وأصوافها واوبارها وأشعارها للآلهة، والبانها للرجال دون النساء.
والحامى: الفحل اذا ركب ولد ولده، وقالوا: اذا نتج من صلبه عشرة أبطن قالوا: حمى ظهره، فلا يركب، ولا يمنع من كلأ ولا ماء.

















مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید