المنشورات

أول ما قيل الجاهلية

جاءت امرأة الى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إن إبلا لى أصيبت فى الجاهلية، فأنزل الله تعالى الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى
«1» وكانت قريش تسمى فى الجاهلية العالمية لفضلهم وعلمهم، قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبى لهب
ألسنا أهل مكّة عالميا ... وأدركنا السلام بها رطابا
والسلام الحجارة والعرب تزعم أن الحجارة كانت رطبة لينة قال ابن العجاج:
قدّ كان ذلكم زمن الفطحل «2» ... والصخر متبلّ كطين الوحل
وقال مقاتل بن سليمان: أثرت قدم ابراهيم- عليه السّلام- فى الصخر كتأثير أقدام الناس فى ذلك الزمان فى الصخور، الا أن الله تعالى سوى تلك الآثار وعفاها ومسحها ومحاها سوى أثر قدم ابراهيم- عليه السّلام- تكرمة له، وارادة لتخليد ذكره وكانوا يقولون ان كل شيء كان يعرف وينطق قال أمية:
بآية كان ينطق كلّ شىء ... وخان أمانة الديك الغراب
ويقولون ان الاشجار لم يكن لها شوك، قال الشاعر:
وكان رطيبا يوم ذلك صخرها ... وكان حصيدا طلحها وسيالها «1»
وان ذلك انما تغير حين عصى ابن آدم فى قتله أخاه، وان الأرض لما شربت من دم المقتول عوقبت بعشر خصال: أنبت فيها الشوك، وصير فيها الفيافى «2» . وخرق فيها البحار، وملح طعمها، وطعم أكثر مياهها، وخلق فيها الهوام والسباع، وجعلت قرار العاصين، وصير جهنم فيها، وجعل ثمرها لا يأتى إلا فى حين، وجعلت توطأ بالأقدام، ثم لم نشرب بعد دم أحد من ولده ولا غير ولده، قال عمر «3» لأبى مريم الحنفى: وكان قتل أخاه زيدا يوم اليمامة «انى لاشد بغضا لك من الأرض للدم» فقال أبو مريم: أو يضر بى ذلك؟ قال لا: قال فلا أبالى، ويقال: ان الحية كانت مثل الجمل، وكانت تطير، فدخل فيها ابليس، فطارت به حتى أدخلته الجنة، فأغوى آدم، فسيرت ملعونة، قال عدى بن زيد:
وكانت الحيّة الرّقطاء «4» إذ خلقت ... كما ترى ناقة فى الخلق أو جملا
قال: فعوقبت بقص جناحيها، وقطع أرجلها، واعراء جلدها، وشق لسانها، والقاء عداوة الناس عليها، ونسب الكذب والظلم اليها، فقيل:
أكذب من حية، وأظلم من حية، وكذبها ان تنطوى فى الرمل على الطريق فتصير كأنها طبق خيزران، ومنها حيات بيض تستدير فتحسب خلاخيل أو أساور، وذلك لتغرى الناس فتهلكهم، وظلمها أنها لا تمر بجحر فتدخله الا هرب صاحبه منه وخلاه، الى غير ذلك من حشو كثير وتخليط طويل عريض.















مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید