المنشورات

أول من خطب على العصا والراحلة قس بن ساعدة الايادى

وهو أول من أظهر التوحيد بمكة، وما حولها مع ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل، ولو لم يكن من فضل قس الا أن النبى- صلّى الله عليه وسلم- روى عنه لكفاه فخرا.
أخبرنا أبو أحمد عن أبيه عن عسل بن ذكوان عن يحيى ابن عبد الحميد الوراق عن أبى معاوية عن الاعمش عن مسلم بن مسروق عن عبد الله قال: قدم وفد أياد على النبى صلّى الله عليه وسلم فقال: ما فعل قس بن ساعدة؟ قالوا: هلك يا رسول الله، فقال كأنى أنظر إليه بسوق عكاظ يخطب الناس على جمل أحمر ويقول:
أيها الناس اسمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرساة، وأرض مدحاة، «1» وأنهار مجراة، إن فى السماء لخبرا، وان فى الارض لعبرا، ما بال الناس يذهبون فلا يرجعون؟ أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟ يقسم قس بالله قسما لا أثم فيه، ان لله دينا هو أرضى له وأفضل من دينكم الذى أنتم علية، إنكم لتأتون من الامر منكرا ثم انشأ.
فى الذاهبين الأوّلين ... من القرون لنا بصائر
لمّا رأيت مواردا للموت ... ليس لها مصادر
ورأيت قومى نحوها ... يمضى الأكابر والاصاغر
لا يرجع الماضى الىّ ... ولا من الباقين غابر
أيقنت أني لا محالة ... حيث صار القوم صائر
وقال النبى صلّى الله عليه وسلم: (يعرض هذا الكلام يوم القيامة على قس بن ساعدة فإن كان قاله لله فهو من أهل الجنة)
وهو أول من قال (أما بعد) أخبرنا أبو القاسم عبد الوهاب بن إبراهيم عن العقدى عن بعض رجاله قال: أوصى قس بن ساعدة ولده فذكر الله ثم قال:
(أما بعد) - وهو أول من قالها- فان المعا تكفيه البقلة، وترويه المرقة، ومن عيرك شيئا ففيه مثله، ومن ظلمك يجد من يظلمه، وإن عدلت على نفسك عدل عليك من فوقك، وإذا نهيت عن شىء فابدأ بنفسك، ولا تجمع مالا تأكل، ولا تأكل مالا تحتاج إليه، وإذا أخرت فلا يكونن كنزك الا فعلك، وكن عف العيلة، «1» مشترك الغنى، تسد قومك، ولا تشاور مشغولا وان كان حازما، ولا جائعا وإن كان فهما، ولا مذعورا وإن كان ناصحا، ولا تدع فى عنقك طوقا لا يمكنك نزعه إلا بشق نفسك، وإذا خاصمت فاعدل، وإذا قلت فأقصر، ولا تستودعنّ سرك أحدا، فانك ان فعلت ذلك لم تزل وجلا، وكان المستودع بالخيار، إن جنى عليك كنت أول ذلك، وإن وفى لك كان الممدوح دونك.
وقالوا: أول من قال (أما بعد) داود عليه السلام وهو قوله تعالى وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ
«2» أخبرنا أبو أحمد عن الصولى عن زياد ابن الخيل عن إبراهيم بن المنذر عن عمر بن عبد العزيز عن أبى الزناد عن أبيه عن بلال بن أبى بردة عن جد أبى موسى أنه قال: فصل الخطاب (أما بعد) وقال الشعبى كذلك، ومعناه أنه يفصل بين الحمد لله وغيره مما سابق البربرى: يبتدأ «3» وبين ما يجىء بعده من القول، قال الشاعر:
باسم الذى أنزلت من عنده السّور ... والحمد لله أمّا بعد يا عمر
فإن رضيت بما يأتى وما يذر ... فكن على حذر قد ينفع الحذر
وقال آخر:
سارعى منك ما ضيّعت منّى ... وهل يرعى لذى غدر ذمام
وأمّا بعد فالدّنيا علينا ... مكدّرة لفقدك والسلام
والمراد أنها لا تقع مبتدأة، ويجوز أن تقع بعد بسم الله الرحمن الرحيم، ولا بد من مجىء الفاء بعدها، لأن أما لا عمل لها الا اقتضاء الفاء، لأن الفاء تصل بعض الكلام ببعض وصلا لا انفصال بينه ولا مهلة فيه، وأما فاصلة، وأثبت بالفاء لرد الكلام على أوله، وقال الضحاك بن مزاحم: فصل الخطاب العلم بالقضاء، وقال شريح والحسن: فصل الخطاب الشهود والايمان، ذهبا إلى أنه بهما يجب الحكم وتفصل الأمور.
وهو أول من كتب من فلان إلى فلان، رأيت فى بعض الكتب أن قسا كتب إلى بعض من هو على أول من كتب من فلان إلى فلان نحلته، من قس بن ساعدة، إلى فلان بن فلان- وهو أول من كتب بذلك- ورأيت بعده كلاما زدنا فى اللفظ والوصف عليه، فأخذت معناه، وكسوته الألفاظ من عندى، وزدت عليه ليحسن، أما بعد فانك لا تفوتك ربك بنفسك، فكن عند رضاه، وأحذر سخطه يكفك المهم، ويدرأ «1» عنك غائبة الملم، وانظر ماذا تجرح «2» فإنك مجزى بما تكدح، «3» وكن لله يكن لك، وعليك بالصبر فإنه من أوكد أسباب النصر، واياك والإضاعة «4» فإنه لا يبقى عليها الكثير، ولا يتبين معها القليل، ولا تصحبن أحمق «1» ولا فاجرا ولا بخيلا، فالأحمق يوثقك، «2» والفاجر يوبقك، «3» والبخيل يسلمك، واعلم أنه إذا أهملت نفسك لم تجد من يرعاها، فتول من اصلاحها ما لا يقدر عليه غيرك والسلام.













مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید