المنشورات

أول من خرج من تهامه اياد

قال: وكانت مكة وما حولها تجمع ولد نزار فكثرت أياد فضاقت بهم، فخرجوا الى الارياف حتى نزلت بين الحيرة والبحرين على عهد بنى أسد، فلما كان زمن سابور ذى الاكتاف أفسدوا وأصابوا الطريق وأغاروا على السواد، وسابور بالجبل كان يتصيف هناك، وقال: بل وثب فارسى على امرأة منهم فنكحها، فوثب أخوها واسمه- أحمد- فنكح أخت الفارسى، فغضب سابور فجمع لهم وكتب اليهم لقيط بن يعمر الأياد وكان رهينة عند سابور عن أياد لئلا تعتو «2» فقال فيها:
يا دار عمرة من محتلّها الجزعا ... هاجت لك الهمّ والأحزان وارجعا
يالهف نفسى إن كانت أموركم ... شتّى وأحكم أمر النّاس فاجتمعا
لو أنّ جمعهم راموا بهدّته ... شمّ الشّماريخ من تهلان «3» لا تصدعا
فى كلّ يوم يسنّون الحراب لكم ... لا يهجعون اذا ما غافل هجعا
وأنتم تحرثون الارض عن سفه ... فى كلّ معتمد تبغون مزدرعا «1»
وتلقحون حيال الشّول آونة ... وتنتجون بدار القلعة الرّبعا «2»
وتلبسون ثياب الأمن ضاحية ... لا تجمعون وهذا الجيش قد جمعا
اذكوا العيون وراء السّرح واحترسوا ... حتّى ترى الخيل من تعدائها رجعا
فإن غلبتم على ضنّ بداركم ... فقد لقيتم بأمر الحازم الفزعا
مالى أراكم نياما فى بلهنية «3» ... وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا
وقد أظلّكم من شطر أرضكم ... هول له ظلم يغشاكم قطعا
هو الفناء الّذى تبقى مذلّته ... إن طار طائركم «4» يوما وان وقعا
لا تتمروا المال للأعداء انّهم ... ان يظهروا يحتووكم والتّلاد معا
وقلّدوا أمركم لله درّكم ... رحب الذّراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مسرفا «1» إن رخاء العيش ساعده ... ولا اذا عضّ مكروة به خشعا
مشرّد «2» النّوم تعنيه أموركم ... يروم منها الى الأعداء مطّلعا
ما أنفكّ يحلب هذا الدّهر اشطره ... يكون متّبعا طورا ومتّبعا
لا يطعم النّوم إلّا ريث يحفزه ... همّ يكاد حشاه يحطم الظّلعا «3»
حتّى استمرّت على شزر «4» مريرته ... مستحكم الرّأى لا فحما ولا ضرعا «5»
هذه أجود أبيات قيلت فى صفة صاحب حرب وقائد جيش.
وقال فى آخرها
لقد محضت لكم ودىّ بلا دخل ... فاستيقظوا انّ خير العلم ما نفعا
وهى أجود قصيدة قيلت فى الانذار.
فلما بلغهم هربوا، فتبعهم جند سابور فالتقوا بموضع (دير الجماجم) «6» واصطلمت أياد، وبدت طائفة منهم فدخلت بلاد الروم، فطاب سابور ملكها بهم فأبى أن يسلمهم اليه، فغزاه حتى أسره فكان محبوسا عنده سبع سنين، ثم جدعه وخلاه بعد أن عطف عليه ما يؤديه فى كل سنة، فقال الشاعر:
الأحمر ان أهلكا أيادا ... وحرّما قومهما السّوادا
هو أحمر واحد وهو الرجل الذى أتى الأعجمية، ضم اليه آخر حاله كحاله فقال: الاحمران، كما قال: الدبران لدبر واحد ضم اليه مكان آخر فقال: الدبران، ومن قول لقيط «يكون متبعا طورا ومتبعا» أخذ زياد قوله (الا وأنا قد سسنا وساسنا السائسون وجربنا وجربنا المجربون فوجدنا هذا الامر- يعنى السلطان- لا يصلحه الا شدة فى غير عنف ولين فى غير ضعف) فلما قضى كلامه قال الاحنف: انما الرجل بجده، والسيف بحده، والفرس بشده، والثناء بعد البلاء، والحمد بعد العطاء، وقد بلغ بك جدك ما ترى، وأنك لا تحمد حتى تبتلى.













مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید