المنشورات

أول من ختم الكتاب من قريش وأهل الحجاز محمد- صلّى الله عليه وسلم-

وذلك حين احتاج الى مكاتبة الملوك فقيل له: إنهم لا يقبلون الكتب الا مختومة، فاتخذ خاتما من ذهب، ففشت خواتيم الذهب فى أصحابه، فطرحه واتخذ خاتما من ورق، ونقش عليه محمد رسول الله فى ثلاثة أسطر محمد سطر ورسول سطر والله سطر، وكان فى يده حتى مات، وفى يد أبى بكر حتى مات، وفى يد عمر حتى مات، وفى يد عثمان ست سنين، فلما كثرت عليه الكتب دفعه الى رجل من الانصار ليختم عنه به، فأتى قليبا «1» لعثمان فسقط الخاتم فيه فالتمسوه فلم يجدوه، فاتخذ خاتما من ورق ونقش عليه مثل النقش الاول، واما ديوان الخاتم فأول من اتخذه معاوية، وولاه عبيد الله بن أوس الغسانى وسلم اليه الخاتم وعلى فصه «لكل عمل ثواب» ، وكان سبب ذلك ما أخبرنا به أبو أحمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن حمد بن معاوية عن الهيثم بن عدى قال: كان عمر بن سعيد غلاما ليزيد بن معاوية، فقطع الى ابن الزبير بعثا عليهم عمرو بن الزبير، فلما التقوا أسره عبد الله بن الزبير فقال له: قبحك الله أما كان فى بلائى عندك ما يكفيك؟ من كان يطلبه بشىء فليقم، فجعل الرجل يقول: نتف لحيتى، وآخر يقول نتف أشفار عينى، وآخر يقول نزع حلمة ثديى فيؤمرون بالقصاص منه، فأقام بذلك سنة، ثم جاء مصعب ابن عبد الرحمن بن عوف فقال: ضربنى مائة سوط وليس بأمير ولم أذنب ذنبا، فأمره فضربه فنغل «2» جلده فمات، فلامه الناس على ذلك، فقال: أنكم لا تدرون ما صنعت به: كتب له معاوية بمائة الف درهم الى زياد فقلب الكتاب فجعلها مائتى الف فدفعها اليه زياد، فلما رفع محاسبه قال معاوية:
ما كتبت له الا بمائة الف، فنظروا فى الديوان فوجدوها مائة الف، فكتب معاوية إلى مروان وهو على المدينة يأمره بأخذه بها، فحبسه فأديتها عنه، وجعل ديوان الخاتم من يومئذ.
وكان خالد بن الزبير أخو عمرو لأمه، أمهما بنت خالد بن سعيد قد أعطى عمرا الامان هو وعروة وعبيدة أبناء الزبير، فاحتقرهم عبد الله فى كلام هذا معناه وقال:
حتّام لا أنفكّ حارس سكّة «3» ... أدعى فاسمع مذعنا وأطيع
يتداول النّاس الرّياسة بينهم ... وأروم «1» حظّهم فلا أسطيع
وأكلّف العبء الثّقيل وإنّما ... يبلى بها الاتباع لا المتبوع
فعليهم الاثقال يحتملونها ... وعلى الرّئيس الختم والتوقيع
وقال آخر:
يا أيّها الملك المنفّذ أمره شرقا وغربا أمنن بختم صحيفتى ما دام هذا الطّين رطبا واعلم بأنّ جفافه ممّا يعيد السّهل صعبا وقال آخر:
ختمت الفؤاد على سرّها ... كذاك الصّحيفة بالخاتم
هوت بى إلى حبّها نظرة ... هوىّ الفراشة للجاحم
أخبرنا أبو أحمد عن الصولى عن عمرو بن تركى القاضى عن القحذمى قال:
كان على خاتم البريد للأكاسرة صورة ذباب، يريدون بذلك الا يحجب كما ان الذباب لا يمكن حجبه، وكانوا لا يمكنون منه الا الوزراء فقط، أخبرنا أبو أحمد عن الجلودى عن زياد بن الخليل عن يزيد بن خالد عن مروان بن عمر العمرى عن محمد ابن كعب أنه قال: الأمانة خير من الخاتم والخاتم خير من ظن السوء.














مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید