المنشورات

أول ما قاتل جمهور المشركين وهزمهم وظفر بهم وهو أول يوم علا فيه الاسلام ورفعت أعلامه وانحط منار الكفر وزلزلت أركانه

أخبرنا أبو القاسم عن العقدى عن أبى جعفر عن المدائنى وأبو أحمد عن عبد الله بن العباس عن الفضل بن عبد العزيز عن ابراهيم الجوهرى عن الواقدى وعن غير هؤلاء قالوا: أقبل أبو سفيان بن حرب بعير قريش من الشام يحميها، ومعه ثلاثون رجلا أو أربعون، وخرج رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة فى ثلاث وثلاثين رجلا من المهاجرين وواحد وستين رجلا من الأوس ومائة وسبعين من الخزرج، ولم يكن خرج بأحد من الانصار قبل ذلك فى قتال، ومعهم سبعون بعيرا وفرسان، فرس للمقداد بن الأسود الكندى والآخر لمرثد بن أبى مرثد الغنوى، يعترض العير ففاتته.
وجاء حتى نزل ببدر وكانت سوقا تقام فى كل سنة ثمانية أيام، وخرجت قريش تريده وهم ما بين تسعمائة والف، وخيلهم مائة، وكان أول طالع منهم زمعة بن الأسود، فقال رسول الله «صلّى الله عليه وسلم» (اللهم أنك أنزلت على الكتاب وأمرتنى بقتال المشركين ووعدتنى احدى الطائفتين وأنت لا تخلف الميعاد وهذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك اللهم أحنهم «1» الغداة) فاستجيب له فيهم، فهزموا وقتل صناديدهم وأسروا، فكان القتلى سبعين والأسرى سبعين، وقيل أربعين وأربعين.
وضرب عنق النضر ابن الحارث، وهو أول من ضرب عنقه فى الاسلام فقالت ابنته ترثيه: وتخاطب رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- أمحمّد ها أنت صنو «2» نجيبة لنجيبة والفحل فحل معرق
ما كان ضرّك لو مننت وربّما ... منّ الفتى وهو المغيظ المحنق «3»
فقال صلّى الله عليه وسلم: لو سمعت شعرها ما قتلته «4» ، فلما قسم غنائمهم أخذ سيف منبه بن الحجاج،- وهو ذو الفقار- فتقلده فكان أول سيف تقلده، وأخذ أيضا جملا مهريا لابى جهل صفّية، فجعله فيما أهدى الى مكة، فهابت قريش من يومئذ جانب المسلمين، فتركت الطريق التى كانت تسلكها الى الشام، واستأجرت رجلا يقال له الفرات بن حيان، فخرجوا بتجارة عظيمة، فبعث رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- زيد بن حارثة فأصابها، وورد بها المدينة، فقال حسان ابن ثابت: يذكر الفرات بن حيان حين انصرف رسول الله من بدر ومعه فرسان فرس للمقداد وفرس للزبير.
أقمنا على الرّس «1» النّزوع لياليا ... بأرعن «2» جرّار عريض المبارك
بكلّ كميت جوزه نصف خلقه ... طوال الهوادى مشرفات الحوارك «3»
ترى العرفج الحولىّ تذرى أصوله ... مناسم أخفاف المطىّ الرّواتك «4»
اذ ارتحلوا عن منزل خلت أنّه ... قريب المدى بالموسم المتعارك «5»
نسير فلا تنجو اليعافير وسطنا ... وإن وألت منّا بشدّ مواشك «6»
دعوا فلجات الشّام قد حال دونها ... جلاد كأفواه المخاض الأوارك «7»
بأيدى رجال هاجروا نحو ربّهم ... وأنصاره حقا وأيدى الملائك
اذا أقبل العضروط من رمل عالج ... فقولا لها ليس الطّريق هنالك «8»
فان نلق فى تطوافنا والتماسنا ... فرات بن حيّان يكن جدّ هالك
يصيب وما يدرى ويخطى ومادرى ... وليس يكون النّوك الّا كذلك «1»
وانما يستحسن ذلك لدخوله فى باب التهويل على العدو، وهو يجرى مجرى المكيدة فى الحرب، ومثله ان خثعم قتلت رجلا من بنى سليم فقالت أخته ترثيه.
لعمرى وما عمرى علىّ بهّين ... لنعم الفتى غادرتم آل ختعما
وكان اذا ما أورد الخيل بيشة ... الى حين أسراج أناخ فألجما «2»
فأرسلها رهوا رعالا كأنّها ... جراد رمته ريح نجد فأتهما «3»
فقيل لها: كم كانت خيل أخيك؟ فقالت: اللهم لا أعرف الا فرسه.
ومثله ان ليلى بنت عروة بن زيد الخيل قالت لابيها: كم كانت الخيل؟
حين قال:
بنى عامر هل تعرفون اذا غدا ... أبو مكنف قد شدّ عقد الدّوائر
بجيش تضلّ البلق فى حجراته ... ترى الأكم فيها سجّدا للحوافر
وجمع كمثل اللّيل مرتجس الوغى ... كثير بواكبه سريع البوادر «1»
أتت غادة للورد ان نكره الوغى ... وحاجة رمّحى فى نمير بن عامر
قال أبو هلال قوله تضل البلق فى حجراته غاية فى صفة الكثرة، لأن البلق مشاهير، فاذا خفى فكأنه فى جيش قد بلغ نهاية الكثرة، وتقول العرب: هو أشهر من الفارس الابلق.
فقال: لست أعرف إلا ثلاثة أفراس أحدها فرسه.










مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید