المنشورات

أول من فتح الفتوح ومسح السواد عمر

أخبرنا أبو القاسم باسناده عن المدائنى قال العمرى: عن أبى عبد الرحمن الثعلبى، وأخبرونا عن غير هؤلاء قالوا: لما ظهر المسلمون على السواد وفارس. لم يعلموا كيف يصنعون بالخراج وجباية أهل الذمة؟ وكان سعد يستعمل العامل على طروح «2» فيأتيه بما يجد، ولا يدرى كيف يعمل؟ وكان بعث عمر عثمان بن حنيف على مساحة السواد، وكاتبه بأن يبعث اليه من دهاقينها «3» عشرة نفر، «4» ففعل، فسألهم عمر عما كانت ملوك فارس تعمله فى جباية الخراج، فاختلفوا عليه، فقال: ما سبب اختلافكم؟ قالوا: لننظر ما لنا عندك، قال: لكم عندى ما تحبون، فقالوا: كانت ملوك فارس يأخذون على كل جريب «1» عامر او غامر «2» مما يناله الماء قفيزا «3» ودرهما، ومن القفيز الحنطة على التقريب درهم، والدرهم تتمة درهمين، وإنما ألزموا ذلك العامر والغامر، لان الارض تبور سنة وتعمر سنة، فكانوا يقولون: اذا دفعنا اليكم الارض والماء. فأدوا حقوقنا عمرتم أو لم تعمروا، وتفسير الخراج- الكروة- «4» وأخذوا منهم عن كل جريب عامر وغامر، أربعة دراهم، وأمر عثمان بن حنيف فمسح السواد، وحدها فى الطول، من العلث وحوبى- وهما من أرض الموصل- الى عبادان، «5» وهى مائة وخمسة وعشرون فرسخا، فبلغت جربانه ستة وثلاثين ألف جريب، «6» فوضع على كل جريب من الحنطة أربعة دراهم، وكل جريب من الشعير () «7» وعلى جريب النخل ثمانية دراهم، وعلى جريب الكرم «8» والرطب ستة دراهم، وعلى جريب الزيتون اثنا عشر درهما، وعلى أهل الذمة- على الفقير منهم- اثنا عشر درهما فى كل سنة، وعلى الوسط منهم أربعة وعشرون، وعلى أهل اليسار ثمانية وأربعون درهما، رفع عنهم الرق حين وضع عليهم الخراج فى رقابهم، وجعلهم أكرة فى الارض.
قال الشعبى لم يكن لاهل السواد ذمة، فلما أخذت الجزية منهم صارت لهم ذمة، فمن أسلم منهم فهو حر لا خراج عليه ولا رق. فبلغ جباية السواد «9» أيام عمر وعثمان مائة الف الف، فلما ولى معاوية صارت الى خمسين الف الف. فلما كان أيام الحجاج بلغت جباية السواد ثمانية عشر ألف ألف، وكان أسلفهم ألفى ألف، فحصل ستة عشر ألف ألف، بعد العسف والظلم وضرب الابشار وهتك الحرم.
وقال المدائنى: وبلغ الخراج من سواد الكوفة أيام عمر- رضى الله عنه- مائة ألف ألف درهم، «1» الدرهم يومئذ- درهم ودانقين «2» ونصف- وقال أبو جعفر الحرار: أنا أقول انها دنانير، وقيل: كان الحجاج يجبيها ستين ألف ألف، ثم صارت فى أيام عمر بن عبد العزيز مائة ألف ألف وأربعة وعشرين ألف ألف مثقال، ولما نقصت الجباية أيام الحجاج، منع أهل السواد ذبح البقر، فسمعت بعض أصحابنا يتحدثون أن ابن الغز كان عظيم الذكر، فاذا واقع امرأة ذهب عقلها، فانكرت امرأة ذلك وقالت: سأجرب، فلما واقعها قال لها: أترينى السها؟ وهو كوكب صغير فى بنات نعش، قالت: ها هو ذا، وأشارت الى القمر. فضحك وقال: (أريها السها وترينى القمر) فذهبت مثلا فلما كان أيام الحجاج، شكى اليه خراب السواد، فحرم لحوم البقر لكثرة الحرث. فقال بعض الشعراء
شكونا إليه خراب السّواد ... فحرّم فينا لحوم البقر
وكان كما قيل فى بعده ... أريها السّها وترينى القمر















مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید