المنشورات

أول من اتخذ بيتا يطرح الناس فيه القصص

أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن محمد بن حاتم عن مسعدة ابن اليسع عن أبى عون عن محمد بن سيرين قال: اتخذ على بيتا يلقى الناس فيه القصص، «3» حتى كتبوا شتمه فألقوه فيه فتركه، ثم اتخذه المهتدى أيام خلافته.
أخبرنا أبو أحمد عن الصولى عن أحمد ابن محمد بن اسحاق قال: كان المهتدى يجلس للمظالم فارتشى أصحابه على تقديم بعضها على بعض، فاتخذ بيتا له شباك حديد على الطريق، وأمر فنودى بطرح القصص فيه، فكان يدخله وحده فيأخذ ما يقع بيده. أولا، فينظر فيه لا يقدم بعضها على بعض، وكان المهتدى فى بنى العباس، نظير عمر بن عبد العزيز فى بنى أمية، كان يلبس الصوف، ويصوم الدهر، قيل أنه ما أفطر فى أيام خلافته الا الاعياد وأياما اعتل فيها، وكان يصلّى أكثر الليل.
أخبرنا أبو أحمد عن الصولى قال: قدم رجل من الرملة يتظلم الى المهتدى فانصفه فاستخفه الفرح حتى غشى عليه، فأتاه المهتدى بنفسه، فلما أفاق، قال: ما حسبت أنى أعيش حتى أرى هذا العدل، فلما رأيته داخلنى من السرور ما زال معه عقلى، فقال: كان الواجب أن ننصفك فى بلدك، فاذا لم نطق ذلك، فنعطيك ما أنفقت فى طريقك، وكان أنفق عشرين دينارا، فأمر له بخمسين دينارا، واستحله من تأخر حقه، فما سمع بهذا منه أحد الا خشع له قلبه، فى كلام هذا معناه.
أخبرنا أبو أحمد عن الصولى عن محمد بن الفضل قال: طالب رجل بعض قواد الا تراك بضيعة غصبه عليها بحضرة المهتدى، فقال التركى: لى وفى يدى، وقالت الفقهاء: لمن هى فى يده، وعلى خصمه البينة، فقال المهتدى: علّمت هذا، وذهب أمرك على من علمك. أنت فى الاسلام منقطع وحدك لا إرث لك، ولا يجوز أن تملك مال هذه الضيعة «1» الا بأقطاع «2» أو شرى أو إرث عن زوجة، فهل ورثتها عن زوجة؟ قال: لا. قال: فأحضرنى كتب اقطاعك أو شراك، والا سلمتها اليه، فخرج التركى فاشتراها منه، وعجب الناس من فطنة المهتدى.
وكان الملك فى الجاهلية يجلس للعامة، فى النيروز مرة، «3» وفى المهرجان»
مرة فيأتونه بظلاماتهم، فان تظلم منه متظلم، جاء حتى جلس مع خصمه عند المربد، فاذا نظر بينه وبينه لبس تاجه، وانتصب للنظر فى أمور الناس، فلم يطمع أحد فى ظلم أحد بعد ما رأى من اعطاء الملك الحق من نفسه، وقال أنو شروان: خفت أن يحجب عنى المظلوم، فعلق على أقرب الاستار اليه أجراسا، ووصلها بسلسلة ونادى مناديه، من ظلم فليحرك السلسلة، وهو الاصل فى قول الناس (حرك فلان السلسلة) على فلان اذا وشى به، وكان ملوك الفرس اذا بلغهم أن كلبا مات بقرية أخذوا أهلها بالبينة أنه مات حتف أنفه، ولم يمت جوعا.













مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید