المنشورات
أول مولود ولد بالمدينة بعد الهجرة عبد الله بن الزبير
أخبرنا أبو احمد باسناده عن الواقدى عن مصعب بن ثابت عن أبى الاسود قال: لما قدم المهاجرون المدينة أقاموا لا يولد لهم مولود، فقالوا:
سحرهم اليهود، فكان أول مولود ولد فى الاسلام من المهاجرين عبد الله بن الزبير، قال: فكبر الناس تكبيرة ارتجت منها المدينة، وفرحوا، وكان الزبير يهنأ به وأبو بكر، وكانت ولادته فى شوال لعشرين شهرا من الهجرة، فحنكه «1» رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- بتمرة، وأمر ان يؤذن فى أذنه بالصلاة، فأذن أبو بكر فيها، وكان عبد الله بن الزبير أحد فضلاء الناس، عقلا وحزما وشجاعة وبيانا غير أنه كان بخيلا متناهى البخل.
أخبرنا أبو أحمد عن دريد عن أبى حاتم قال: قرأت على أبى عبيد حديث مادر فضحك، وقال: تعجبى من العرب قد ضربت المثل فى البخل بمادر لفعلة تحتمل التأويل، وتركوا، مثل ابن الزبير، مع ما يؤثر عن لفظه وفعله من دقائق البخل، نظر وهو خليفة الى رجل يقاتل الحجاج على دولته وقد دق فى صدور أهل الشام ثلاثة أرماح، فقال: اعتزل حربنا فان بيت المال لا يقوى على هذا، وقال فى تلك الحرب لجنده أكلتم تمرى وعصيتم أمرى، سلاحكم رث، «2» وحدثكم غث،»
عيال فى الجدب، أعداء فى الخصب، وقال لرجل كان يتعاطى بيع الرقيق: ما أشد إقدامك على ركوب الغرر، وإضاعة المال، قال بماذا؟ قال: بضاعتك هذه الملعونة، قال: ومالها؟ قال: من ضمان نفس، ومؤونة ضرس، قال: وسمع ان مالك بن الأشعر الدارمى من بنى مازن أكل من بعيره وحده، وحمل ما بقى منه على ظهره، فقال: دلونى على قبره حتى أنبشه، وقال لرجل أتاه مجتديا، وقد أبدع به فشكا اليه حفاء ناقته، فقال: اخصفها بهلب، وارفعها بسبب، وانضح خفها بالماء، وأعد بها يبرد خفها، «1» فقال يا أمير المؤمنين: جئتك مستوصلا لا مستوصفا، «2» فلا بقيت ناقة حملتنى اليك! فقال: ان وصاحبها «3» .
قال: فلو تكلف الحارث بن كلدة طبيب العرب، ومالك بن زيد مناة، وحنيف الحناتم آبل العرب، ما تكلفوا تكلف هذا الخليفة فى وصف علاج ناقة الأعرابى.
وكان يأكل فى سبعة أيام أكلة، ويقول فى خطبة: انما بطنى شبر فى شبر فما عسى أن يكفينى؟ فقال فيه الشاعر: «4»
لو كان بطنك شبرا كان قد شبعت ... وكنت أفضلت فضلا للمساكين
فان يصبك من الأيام جائحة ... لم أبك منك على دنيا ولا دين
والمادر رجل من بنى هلال بن عامر بن صعصعة سقى إبله فبقى فى أسفل الحوض ماء قليل، فأحدث فيه، ومدر «5» الحوض به لئلا ينتفع به أحد فسمى مادرا، وذكر أن بنى فزارة وبنى هلال سافروا إلى أنس بن مدرك الخثعمى، فقالت بنو عامر: يابنى فزارة أكلتم أير الحمار، فقالوا: أكلناه ولم نعرفه، وحدثت أن ثلاثة نفر اصطحبوا. فزارى وتغلبى. وكلابى. وصادوا حمارا ومضى الفزارى فى حاجة. فطبخا وأكلا، وخبآ للفزارى جردان «1» الحمار، فلما رجع قالا قد خبأنا لك، فجعل يأكل ولا يكاد يسيغه، وجعلا يضحكان، ففطن وقال: آكل سواء العير وحومانه؟ وحومان الحمار جردانه، ثم أخذ السيف وقال: لتأكلانه والا قتلتكما وقال لاحدهما وكان اسمه مرقمة، كل فأبى، فضربه فأبان رأسه، «2» فقال الآخر: طاح مرقمة، فقال: وأنت ان لم تلقمه، أراد ان تلقمها، فلما ترك الألف، ألقى الفتحة على الميم كما قالوا:
ويل أم الحيرة وأى رجال به أى بها، قال الكميت بن ثعلبة.
نشدتك يا فزار وأنت شيخ ... اذا خيّرت تحطىء فى الخيار
أصيحانيّة «3» أدمت بسمن ... أحبّ إليك من أير الحمار
بلى أير الحمار وخصيتاه ... أحبّ الى فزارة من فزارى
فقالت بنو فزارة: ولكن لكم يا بنى هلال من فرى حوضه وسقى إبله، فلما رويت سلح فيه ومدره بخلا أن يشرب غيره منه، فقضى أنس بن مدرك على الهلاليين.
وباسناد لنا أن رجلا تقاضى فزاريا دينا له عليه، فقال له الفزارى:
ما أعطيتك أير حمار. فقال له: بورك لكم فى أير الحمار تأكلونه اذا جعتم وتقضون ديونكم اذا استدنتم.
مصادر و المراجع :
١- الأوائل
المؤلف: أبو هلال
الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)
الناشر: دار
البشير، طنطا
الطبعة: الأولى،
1408 هـ
12 يوليو 2024
تعليقات (0)