المنشورات

أول من استلحق فى الاسلام معاوية

أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن حيان بن بشر عن جرير ابن المغيرة عن الشعبى وأخبرنا أيضا عن الجوهرى عن أبى زيد عن أبى عمرو ومحمد بن محمد بن خلاد عن المدائنى وعن غير هؤلاء جعلت أحاديثهم حديثا واحدا قال: فرض عمر لزياد ألف درهم، فلما أخذها قال: ما فعلت الفك؟
قال: أعتقت بها عبيدا. قال: نعم الألف الفك! وكان يكتب من زياد بن عبيد، حتى قال أبو سفيان: لعلى- عليه السلام- لولا ان يستوفى عمر أهابى لعرفت أن زيادا قريب النسب منك، «1» أنا غرسته فى رحم أمه، ثم ولاه على- عليه السلام- فارس، فكتب اليه معاوية: أما بعد، فانك امرؤ سفيه يغرك منى قلاع تأوى اليها كما تأوى الطير الى أو كارها، وايم الله لولا انتظارى ما الله محدث لك، لكنت أنا وأنت كما قال العبد الصالح: فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها
«2» الآية. وكتب فى أسفل الكتاب يعلمه أنه يريد الدعاء فقال فيها:
لله درّ زياد أيّما رجل ... لو كان يعلم ما يأتى وما يذر
افخر بوالدك الأدنى ووالده ... انّ ابن حرب له فى قومه خطر
واترك ثقيفا فانّ الله باعدهم ... حتّى يلاقيهم فى نسبة مضر
إنّ انتحالك قوما لا يناسبهم ... الّا بأمّك ذنب ليس يغتفر «3»
فلما قرأ الكتاب قال: العجب لابن آكلة الاكباد، «4» وكهف النفاق، يتهددنى وبينى وبينه ابن عم النبى- صلّى الله عليه وسلم- فى مائة ألف، وايم الله، لئن أفضى الى ليجدن منى أحمر ضرابا بالسيف ثم بعث بكتابه الى على، فكتب اليه: 
أما بعد: فانى قد وليتك ما وليتك ما أنت أهل له، وأنا أعلم أنك لم تضبطه الا بالتقوى والصبر، وقد قرأت كتاب معاوية، فاحذر فانه الشيطان يأتى المرء من بين يديه ومن خلفه، وكانت من أبى سفيان زمن عمر فلتة فلا يثبت بها نسب، ولا يستحق بها ميراث.
فلما قرأه زياد قال: شهد لى أبو الحسن ورب الكعبة، فلما قتل على- رضى الله عنه- واجتمع الامر لمعاوية، قال للمغيرة ابن شعبة: ان داهية العرب متحصن فى قلاع فارس، معه الاموال، ما يؤمننى أن يدعو الى رجل من أهل البيت، فيعيد على الأمر جذعة، «1» قال: أتحب أن أكون رسولك اليه؟ قال:
نعم، فخرج حتى ورد عليه، فقال: ان معاوية أقلقه الوجل منك، وقد استقام له الأمر، وبايعه الحسن، وليس فى أهل هذا البيت أحد يمد اليه الناس أعناقهم، وأرى ان تصل حبلك بحبله، وتنقل أصلك الى أصله، ففعل، وقدم الى معاوية فادعاه، وخطب وقال: انه من يرد على دفع خسيسته، «2» واثبات وطأته، سبب له الأمور، وأجرى له المقادير، حتى يبلغ به النسب المشهور، والأمد المذكور، وان زيادا من الله عليه وعلينا معه بصلة رحم، مدتها رحم مقطوعة، فوشمت العروق فى مناسبها، «3» واشتبكت الارحام فى معادنها، فالحمد لله الذى وصل ما قطعه الناس، وألطف لما جفوا عنه، وحفظ ما ضيعوا منه، فقال يونس بن سعيد: خالفت قول النبى- صلّى الله عليه وسلم- «الولد للفراش وللعاهر الحجر» قال: لقد هممت أن أطير بك طيرة بطيئة وقوعها قال: ثم يكون الرد الى الله تعالى قال: أجل، استغفر الله! فقال عبد الرحمن بن الحكم «4» :
الا أبلغ معاوية بن حرب ... مغلّفة «1» من الرّجل اليمانى
أتغضب أن يقال أبوك عفّ ... وترضى أن يقال أبوك زان
فاقسم أنّ رحمك من زياد ... كرحم الفيل من ولد الأتان «2»
ومعاوية أول من اتخذ الخصيان لخاص خدمته، وللجاحظ فيه كلام نذكره بعد ان شاء الله تعالى.












مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید