المنشورات

أول من دعى الى بيعته على المنبر محمد الامين

أخبرنا أبو احمد عن الصولى عن احمد بن يحيى قال: كانت العرب تسمى مواضع أرصاد السلطان مسالح من السلاح فكره المأمون هذا الاسم فسماها مصالح من المصلحة ثم أنشد:
تذكّرتها وهنا وقد حال دونها ... قرى أذربيجان المسالح والخالى يعنى الذى خلى عن بلاده الى هذا الموضع.
واستبقاء المأمون ابراهيم المهدى فعلة لم يسبقه إليها احد من الاولين والآخرين، وذلك أنه استبقاه بعد وثوبه على الخلافة. وبيعة الناس له بها، وعادة الملوك اذا ظفروا بمن ينازعهم الملك ان يقتلوه.
كان المأمون قد ولى على بن موسى الرضا العهد بعده. فغضب بنو العباس، فخلعوه، وبايعوا ابراهيم بن المهدى فى محرم سنة اثنتين وثمانين. «1» فحارب الحسن بن سهل ابراهيم فهزمه. والمأمون بخراسان.
فلما قدم بعد ان ظفر بابراهيم قال له: قد استشرت فى أمرك فأشير علىّ بدمك. فقال: ان المشير أشار عليك بما جرت به عادة السياسة. الا انك أبيت ان تطلب النصر الا من حيث عودته، من العفو، فان عاقبت فلك نظير. وان عفوت فلا نظير لك، وان جرمى أعظم من ان أنطق فيه بعذر. وعفو أمير المؤمنين اجل من ان يقابل بشكر، وان لى لشفعة الاقرار بالذنب. وحق العمومة بعد الاب. فلا يسقط عن كرمك عملك، ولا يقع دون عفوك عندك.
فقال المأمون: لو لم يكن من حق نسبك الصفح عنك. بلغك املك حسن تنصلك. «2» ولطف توسلك.
روى جعفر بن قدان بن زياد الكاتب عن سارية الكبيرة قالت: قال ابراهيم بن المهدى: لما قدم المأمون مدينة السلام من خراسان، أمن الناس غيرى، فتواريت فاختللت اختلالا شديدا، فقالت لى عجوز من الازد:- كانت تخدمنى- سأحتال لك فى ان يصل اليك مال، فركبت زورقا فلما حاذت المأمون فى قصره على دجلة صاحت: النصيحة فأمر بها فادخلت اليه، فقالت: ان دللتك يا أمير المؤمنين على ابراهيم بن المهدى فما تجعل لى؟ قال: مائة ألف درهم. قالت: وجه معى رسولا، ومره أن يطيعنى فى جيمع أمره، وادفع اليه الف دينار، ومره ان يدفعها الى حين أريه دينار، ومره ان يدفعها الى حين أريه وجه ابراهيم.
فوجه المأمون معها حسين الخادم، ودفع اليه الدنانير، وأمره بما قالت، فجاءت بالحسين حتى دخلت به مسجدا فيه صندوق عظيم، فقالت له: أدخل هذا الصندوق. فتأنى. فقالت: ألم يأمرك أمير المؤمنين بطاعتى؟ وان لم تفعل انصرفت، ولم يتهيأ ما يريد الا بهذا، فدخل الحسين الصندوق، فأتت بحمال فحمله، فجعلت تطوف به فى الاسواق والشطوط، فمرة يسمع صوت الباعة، ومرة يسمع صوت الملاحين، فلما اظلم الليل أدخلته دارا، وفتحت عنه، واذا مجلس عظيم فى صدره ابراهيم بن المهدى يشرب، وبين يديه جوار يغنينه فانكب الحسين على رجل ابراهيم فقبلها، وسأله ابراهيم عنه وعن المأمون، وتناولت المرأة منه الدنانير، وقال له ابراهيم: كل عندى لقمة، واشرب قدحا، وتحمل عنى رسالة، وامض محفوظا، قال: أفعل.
وقدم اليه طعام فأكل، ثم سقى شرابا فيه ببخ، «1» فشربه فسكر وأدخل الصندوق، وأقفل عليه، وحمل حتى أتى به باب العامة فوضع، فلما أصبح الناس رأوا الصندوق وليس معه أحد، فانهوا خبره الى صاحب الحرس، وكتب فى الخبر الى المأمون، فاحضر وفتح، واذا الحسين متلوث مسلوت، «2» فعولج حتى أفاق فقال المأمون: أرأيت ابراهيم؟ قال له: اى والله قال: أين هو؟ قال: لا أدرى. وحدثه بالقصه فقال المأمون: خدعتنا والله. وذهب المال. فقال ابراهيم فتفرجت بالالف مدة مديدة.














مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید