المنشورات
أول من جمع العراقين
أخبرنا أبو أحمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن المدائن، وأخبرناه عن غيره قال: كان زياد على البصرة وأعمالها الى سنة خمسين، فمات المغيرة بن شعبة بالكوفة،- وهو أميرها- فكتب معاوية الى زياد بعهده على الكوفة مع البصرة، فكان اول من جمعتا له، فشخص الى الكوفة، واستخلف سمرة بن جندب، فرجع زياد وقد قتل سمرة ثمانية آلاف رجل.
قالوا: جاء رجل فأعطى زكاة ماله، وصلّى ركعتين، فقتله سمرة، فأتاه أبو بكرة فقال له: ثم قتلت رجلا عند أحسن عمله، قال: أخوك زياد يأمرنى بذلك، قال: أنت وأخى فى النار.
وكان رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- قال لسمرة وأبى هريرة وأبى محذورة:
آخركم موتا فى النار، فمات أبو هريرة، وكان سمرة يسأل عن أبى محذورة، وأبو محذورة يسأل عن سمرة، فمات أبو محذورة، ثم أخذ سمرة الزمهرير «1» فمات شر ميتة، وكان سمرة أول من باع خمرا فى الاسلام.
وأول من اتخد الحرس والعسس، ومشى بين يديه بالحراب والعمد، وجلس بين يديه على الكراسى، وأول من اتخذ السقيف على حوانيت السوق زياد وذلك حين أمر الا تغلق أبواب الحوانيت، وكانت الكلاب تطرق الامتعة، فأمر بمد السقف عليها، وكان يقول: انا والله ما علونا أعوادكم، «1» واستحللنا فيكم الا بذبنا عن حريمكم، «2» وأيما عقال «3» أصيب من مقامى هذا الى خراسان، «4» فأنا ضامن له.
أخبرنا أبو أحمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن التبوذكى عن سليمان بن مسلم عن أبيه قال: سمعت زيادا يقول: من سرق له متاع لم نسأله البينة، فليجىء فليأخذه، وكان الناس يغطون أمتعتهم ويذهبون.
أخبرنا أبو أحمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن على بن محمد قال:
كان زياد يؤخر العشاء الآخرة، حتى يصليها آخر من يصلى، ثم يأمر رجلا فيقرأ سورة البقرة او مثلها، يرتل ترتيلا، ثم يمهد قدر ما يرى ان انسانا يبلغ آخر بيت ثم يأمر صاحب شرطة بالخروج، فيخرج، فلا يرى انسانا الا قتله، فأخذ ذات ليلة أعرابيا فأتى به زيادا، فقال: هل سمعت النداء؟ قال: لا والله قدمت بحلوبة لى فغشينى الليل فاضطررتها الى موضع، وأقمت لا صبح ولا علم لى بما كان من الامير، قال: أظنك صادقا. ولكن فى قتلك صلاح الأمة، فأمر فضربت عنقه.
وزياد أول من شدد أمر السلطان، ووكد أمر الملك وأخذ بالظنة، وعاقب على الشبهة، وخاف الناس من سلطانه حتى أمن بعضهم بعضا، فكان الشىء يسقط من الرجل او المرأة فلا يعرض له أحد حتى يأتى صاحبه فيأخذه، وتبيت المرأة فلا تغلق بابها عليها، وأدر العطاء، وبنى دار الارزاق، فقال حارثة بن بدر الغدانى: يذكر سيرته:
ألا من مبلغ عنّى زيادا ... فنعم أخو الخليفة والأمير
لأنت إمام معدلة وقصد ... وحزم حين تحضرك الأمور
أخوك خليفة الله بن حرب ... وأنت وزيره نعم الوزير
نصبت على الهوى منه ومالى ... محبّة ما يجن «1» له الضّمير
بأمر الله منصور معان ... إذا جار البريّة لا يجور
وقال فى آخرها:
تقاسمت الرّجال به هواها ... فما تخفى ضغائنها «2» الصّدور
وكان زياد يسوى بين طعامه وطعام أصحابه، فوضع يوما على مائدته شهدة، فقال: أعلى كل مائدة مثلها؟ قيل: لا قال: فارفعوها.
أخبرنا أبو أحمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن على ابن محمد عن مسلمة بن محارب قال: قال زياد لمولاه عجلان: قد وليتك حجابتى، وعزلتك عن أربعة: طارق الليل، فشر ما جاء به، لو كان خيرا ما كنت من شأنه، ورسول صاحب الثغر، فانه ان جلس ساعة فسد عمل سنة، والمنادى بالصلاة، وصاحب الطعام، فان الطعام اذا أعيد عليه التسخين فسد، فأبطأ زياد يوما بالغذاء لشىء كان فيه من أمر الدهاقين، فقال شعبة بن المحسن الضبى:
الغذاء- أصلح الله الأمير- فقال رجل من الدهاقين: بأى ذنب أتيناه حتى ابتلينا بهولاء الكلاب؟ فسمعها زياد، فقال: بجرأتك على الله وشركك به، وكذبك عليه يا ابن المحسر، لا تعودن لمثل هذا، ودعا بالطعام فأكل، وكان أكولا ذميما، فقال له زياد: ما لك من الولد؟ قال: تسع بنات قال: وأين أكلهن من أكلك؟ قال: أنا أجمل منهن، وهن آكل منى، فقال زياد:
ما أحسن ما سألت! ففرض لهن، فقال ابن محسن:
اذا كنت مرتاد السّماحة والنّدى «1» ... فناد زيادا أو أخا لزياد
يجبك امرؤ يعطى على الحمد ماله ... اذا ضنّ بالمعروف كلّ جواد
وما لى لا أثنى عليه وإنّما ... طريفى منهم كلّه وتلادى «2»
هما اصلحا أمر البريّة بعد ما ... تفانوا وكادوا يصبحون كعاد
مصادر و المراجع :
١- الأوائل
المؤلف: أبو هلال
الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)
الناشر: دار
البشير، طنطا
الطبعة: الأولى،
1408 هـ
12 يوليو 2024
تعليقات (0)