المنشورات

أول من مشت الرجال معه وهو راكب الاشعث بن قيس

وكان بنو عمرو بن معاوية ملكوه عليهم وتوجوه، أخبرنا أبو القاسم عن المدائنى باسناده قال: قدم حجاج كندة فيهم بنو وليعة، وهم من عمرو بن معاوية، ورسول الله- صلّى الله عليه وسلم- يعرض نفسه على القبائل، فعرض نفسه عليهم فلم يقبلوه. فلما هاجر- صلّى الله عليه وسلم- جاءه وفد كندة، فيهم بنو وليعة والاشعث، فأطعم رسول الله بنى وليعة طعمة من صدقات حضرموت واستعمل على حضرموت زياد بن لبيد البياضى، وأجراها لهم، ثم حدث أمر أوجب ان يتجافوا عنها سنتهم، فأبوا وأبى زياد أن يعطيهم إياها، واختلفوا فارتدت بنو وليعة، وتوفى رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وهم على ردتهم، فأظهروا الشماتة بموته- صلّى الله عليه وسلم-، وغنت بناياهم وخضبن أيديهن له، فأقر أبو بكر زيادا على حضرموت، وأمره بأخذ البيعة له على أهلها، واستيفاء صدقاتهم، فبايعوه غير بنى وليعة، ثم خرج يقبض الصدقات من بنى عمرو بن معاوية، فأخذ ناقة لغلام لهم، فهتف بمسروق بن معدى كرب، فقال لزياد أطلقها، فأبى، فقال مسروق: 
تطلّقها شيخ بخدّيه شيب ... ملمّعا فيه كتلميع الثّرب «1»
ماض على الرّيب اذا كان الرّيب وقال للغلام: قم فأطلقها، فلما قام أمر زياد بحبسه، فاجتمعوا على حرب زياد، فبيتهم زياد وهم غارون، «2» فقتل وليعة فى جماعة كثيرة، ونهب وسبى، ولحق من نجا منهم بالأشعث، فاستنصروه على زياد فقال: لا أنصركم حتى تملكونى عليكم، فملكوه وتوجوه، فخرج فى جمع كثيف، فكتب أبو بكر الى المهاجر بن أمية- وهو بصنعاء- أن يسير بمن معه الى زياد، فاستخلف (عكرمة بن أبى جهل على الجيش، وتعجل فى كتيبة سريعة، حتى التقى بجيش زياد وهاجم الاشعث فهزمه) «3» وقتل مروان، ولجأ الباقون الى حصن نجير، فحاصرهم المسلمون، فصالحوهم على ان ينزلوا على حكم أبى بكر، (فأرسلوا هانىء بن مسروق بن معدى كرب، وزرعة بن قبيسة الى أبى بكر) «4» ووقتوا لهما وقتا، فكتب معهما أبو بكر الى زياد والمهاجر، اذا أتاكم كتابى، ولم تحدثوا فى القوم شيئا، فخلوا سبيلهم، على أن يقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، وأخرج معهما المغيرة بن شعبة، فلقيهما رجل فقال لهما: قد هزم المهاجر، فكتما المغيرة الخبر، وتباطآ، فقال الاشعث لاصحابه: أرى صاحبيكم لا يرجعان بخير، فصالح الاشعث المسلمين على أن يؤمنوا منهم عشرة، وكتب فى ذلك كتابا، فقال له الحفشيش: تكتب نفسك وتدعنى، والله لتمحون اسمك وتثبت اسمى، ففعل خوفا منه، واستنزل القوم، وأخذت أسلحتهم.
وقالوا للأشعث: اعزل العشرة، فتركوهم وقتلوا الباقين، وكانوا سبعمائة وقيل: ثمانمائة، وقطعوا أيدى النساء اللاتى شمتن بوفاة رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وأرادوا قتل الاشعث فقال: أترون أنى طلبت الامان لغيرى وتركت نفسى؟ قالوا: هو ما ترى، قال: أصيروا حكمى الى أبى بكر، فحمل الى المدينة فى الحديد، فعفا عنه أبو بكر وزوجه أخته أم فروة، وكانت مكفوفة فولدت محمدا واسماعيل، واسحاق، فخرج الاشعث الى السوق، فما مر ببعير ولا شاة ولا بقرة الا عقرها، فصرخ الناس، وجاءوا الى أبى بكر بخبره، فأنكره، فقال: يا خليفة رسول الله أنا رجل غريب، وقد أولمت بها وأثمانها فى مالى، فدفع أثمانها قالوا: وحج رسول الله- صلّى الله عليه وسلم-، «1» وكان أسامة «2» أسود أفطس، فقال أهل اليمن: ألهذا الحبشى جيشنا؟ «3» فارتدوا بعد وفاة الرسول- صلّى الله عليه وسلم-.
















مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید