المنشورات

أول من أمر الناس بالتناهد «3» فى الغزو الربيع بن زياد

وكان أميرا على خراسان، ولاه أياها زياد سنة احدى وخمسين، فتوجه اليها فى خمسين ألفا، فجاشت الترك والهياطلة، «4» بناحية قوهستان، «5» فسار اليهم فكان الناس يتبارون فى النفقات، فتعظم عليهم المؤونة، فأمرهم الربيع أن يتناهدوا، فيخرج كل واحد منهم شيئا معلوما، ويولونه رجلا ثقة عليهم، فاذا نفذ أخرجوا مثله. ثم أوقع بالترك فهزمهم، ونكث أهل بلخ فغزاهم، فعادوا الى الصلح، ودخل صاحبه على رئيسهم وطالبه بالجزية ومنعه، فقال: ما هذا؟ قال: أمرنا ان نستأديكم بالصغار وهذا هو الصغار، وكان الربيع يقول: من أراد النجابة فعليه بجسام النساء وقصارهن كتائب الجماع.
وكان زياد معجبا بالربيع يقول: من يلومنى على الربيع؟ ما ناظرته فى أمر الا وجدته قد سبق اليه، ولا أتانى منه كتاب الا فى جر منفعة للناس، او دفع مضرة عنهم ولا سألته عن شىء الا وجدت علمه عنده، ولا أصابت ركبته ركبتى فى مسيرى، ووجه الربيع عبد الله بن أبى عقيل الى خوارزم، فقتلوه، وأصيب رجال من المسلمين ثم ظهر عليهم، فقال يونس بن سعيد:
فجاشت من قصور الرّىّ نفسى ... وطارت من جبال خوارزم
وبعث الربيع الى زياد مرزبان مرو، فلما قدم عليه أمر زياد الناس فأظهروا السلاح والعدة، فلما وصل إليه، قال: كيف ترى عدتنا مع قرب عهدنا بالسلطان؟ قال: رأيت هذه العدة لمن كان قبلكم، فما أغنت عنهم حين أدبر أمرهم، وما ضركم اذا لم تكن معكم مع اقبال دولتكم؟ قال: صدقت.
ودعا الربيع فقال: اللهم ان كان لى عندك خير، فاقبضنى عاجلا، فقد مللت الحياة، وصلى الجمعة وخرج فسقط فمات سنة ثلاث وخمسين رحمه الله تعالى.














مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید