المنشورات

أول قاض جار فى القضاء بلال بن أبى بردة

أخبرنا أبو احمد باسناده أن رجلا قدم الى بلال رجلا فى دين له عليه، فأقر الرجل به،- وكان بلال يعنى بالرجل- فقال المدعى: يعطينى حقى أو تحبسه باقراره، قال القاضى: انه مفلس، قال: لم يذكر افلاسه، قال: وما حاجته الى ذكره، وأنا عارف به؟ فان شئت أحبسه فالتزم نفقة عياله، قال:
فانصرف الرجل وترك خصمه وكان بلال معروفا بالجور.
أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن محمد بن أيوب عن عقيل عن أبى عمرو الضرير قال: أمر بلال داود بن هند أن يحضره عند تقدم الخصوم اليه، فان حكم بخطأ رمى بحصاة فيرجع بلال قال: فتقدم اليه مولى له ينازع رجلا، فحكم لمولاه ظلما، فرمى داود بحصاة فلم يرجع، ثم بأخرى فقال له بلال: ليس هذا مما يرمى له الحصاة، هذا مولاى.
وكان بخيلا على الطعام، أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن على عن محمد قال: كان أبو موسى استرضع لابنه أبى برده فى بنى فقيم فى آل العرق فلما قدم بلال البصرة قيل له: لو وليت أبا العجوز ابن أبى شيخ بن العرق، قال: انى رأيت منه خلالا ثلاثا رأيته يحتجم فى بيوت اخوانه، ورأيته جالسا فى الظل وعليه مظلة، ورأيته يتأذن بنص القيلة، «1» قال: وكان أصابه داء فوصف له السمن يجلس فيه، فكان يجلس فيه، ثم يأمر ببيعه، قال: فترك أهل البصرة أكل السمن، وكان يحيى بن نوفل يمدحه، ثم بدا له فجعل يهجوه، فمما قاله يمدحه فيه قوله:
وكلّ زمان الفتى قد لبست ... خيرا وشرّا وعدما ومالا
فما الفقر كنت له ضارعا ... ولا المال أظهر منه اختيالا
وقد طفت للمال شرق البلاد ... ومغربها وبلوت الرّجالا
وزرت الملوك وأهل النّدى ... أنول الى ظلّهم حيث مالا «2»
ولو كنت ممتدحا للنّوال ... فتى لامتدحت عليه بلالا
ولكنّنى لست ممّن يريد ... بمدح الملوك لديهم سؤالا
ومما هجاه به على روى هذه القصيدة ووزنها قوله:
وأمّا بلال فبئس البلال ... أرانى به الله داء عضالا
وامّا بلال فذاك الّذى ... يميل به الشّرب حيث استمالا «1»
فيصبح مضطربا ناعسا ... تخال من السّكر فيه احولالا
ويمشى بزيف كمشى النّزيف ... كأنّ به حين يمشى شكالا «2»
وقال:
أقول لمن يسائل عن بلال ... وعبد الله عند ثنا الرّجال
بلال كان الأم من رأينا ... وعبد الله الأم من بلال
هما أخوان أمّاذا فجون ... وأمّاذا فأصهب ذو سبال «3»
فجونهما يشبّه نسل حام ... وأصهبهم يشبّه بالموالى «1»
وكان أبوهما فيمن رأينا ... أسيل الوجه مكتسى الجمال «2»
فقد فضحا أبا موسى وشانا ... بنيه بالتّهوّر والضّلال
وكان بلال محتالا خبيثا. أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن أبى زيد قال: ولى يوسف بن عمر صالح بن كريز او كروم على العنب فبقى عليه ثلاثون ألفا، فحبس بها، وبلال محبوس فقال له بلال: ان على العذاب سالما، ويلقب بزنبيل، فإياك أن تقوله: وجعل يكرر زنبيل حتى علقها، فعذبه سالم، فنسى اسمه وكنيته، وجعل يقول: اتق الله يا زنبيل! فيقول: أقبل، فلما خلى سبيله قال له: ألم أنهك عن زنبيل؟ فقال: وهل القانى فى الزنبيل غيرك؟
أنا لم أعرف ما زنبيل لولاك، وما تدع شرك فى سراء ولا ضراء.
وكان بلال يقول: ربما تقدم الى الخصمان، فأجد أحدهما أخف على قلبى من الآخر فأحكم له.














مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید