المنشورات

أول من وضع الإعراب أبو الاسود الدؤلى

وهو ظالم بن عمرو بن جندل بن سفيان بن كنانة، وأمه من بنى عبد الدار.
أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن حباب بن بشير عن يحيى بن آدم عن أبى بكر بن عياش عن عاصم بن أبى النجود قال: أول من وضع العربية أبو الاسود الدؤلى وجاء به الى زياد بن ابيه- فقال: انى ارى العرب قد خالطت هذه الاعاجم، وقد تغيرت ألسنتها، افتأذن لى أن أضع كلاما يقيمون به كلامهم؟ فقال: لا. فجاء رجل الى زياد: بالبصرة فقال: أصلح الأمير! توفى أبانا وترك بنون، فقال زياد: توفى أبانا، وترك بنون؟ ادعوا أبا الاسود، فقال ضع للناس الذى نهيتك ان تضعه لهم.
وأخبرنا أبو احمد عن أبى زيد عن أبى حاتم عن محمد بن عباد عن أبيه قال: سمع أبو الاسود رجلا يقرأ «ان الله برىء من المشركين ورسوله» بكسر رسوله فقال: لا يسعنى الا ان أصنع شيئا أصلح به نحو هذا فوضع النحو وأبو الأسود اول من قال بالقدر، «1» والمسلمون كلهم ينتفون من هذا الاسم فبعضهم يقول: ان اسم القدر انما يلحق من يكثر من ذكر القدر. (فلا يفعل فعلا محمودا أو مذموما ولا يأتى عليه حسنة ولا سيئة الا قال: هذا بقدر الله، وهكذا قدر الله، وقالوا: يقول أهل اللغة لمن يكثر من ذكر الشىء فى حينه وفى غير حينه) «2» مثل من يكثر من ذكر العسل، انه عسلى أو يكثر من ذكر المساجد انه لمسجدى، قالوا: فهكذا من يكثر من ذكر القدر انه قدرى، وسمى قدريا. وقال آخرون: بل القدرية الذين يزعمون أنهم يقدرون أفعالهم وأمورهم وقد فرغ المتكلمون من هذا الباب فتركت الاستقصاء.
وأبو الاسود أول من نقط المصاحف، وكان فصيحا حازما عاقلا شاعرا مجيدا، وهو أحد البخلاء المذكورين، وأحد البخر المشهورين.
أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن احمد بن معاوية عن الاصمعى خدمنا صاحب لنا قال: سأل أبو الاسود أعرابيا، كيف أبوك؟ قال:
أخذته الحمى، ففضخته فضخا ففتحته فتحا «1» فطبخته طبخا فتركته فرخا، قال: فما فعلت امرأته التى عهدتها تهاره وتمارّه وتضاره؟ «2» قال: طلقها وتزوج غيرها فحظيت ورضيت وبطيت، قال: وما بطيت؟ قال: حرف من العربية لم يبلغك قال الاصمعى: هى مثل رضيت.
أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن أبى زيد قال: تنازع أبو الاسود وامرأته فى ولد منها الى زياد فقال: أنا أحق به منها حملته قبلها، ووضعته قبلها. فقالت: حمله خفا، ووضعه شهوة، وحملته ثقلا ووضعته كرها، قال زياد: صدقت أنت أحق به ما لم تزوجى، أما لو أدركتنا يا أبا الاسود ودونك قوة لاستعملناك على بعض أمورنا. فقال أللصراع تريدنى؟ وكان مما يدل على بخله قوله لولده: لا تجاروا الله فانه أجود وأمجد، ولو شاء ان يوسع على الناس كلهم حتى لا يكون محتاج فعل، ولا تجهدوا أنفسكم فى التوسع على الناس فتهلكوا هزالا.
وقال له بعض الامراء: سمعت أنك شديد على حقك وأنه لا يذهب لك شىء على أحد، فمم ذلك؟ قال: من سوء ظنى بالناس، ومجانبتى أهل الافلاس وقيل له: ما كان أظرفك لولا بخل فيك! فقال: ما خير ظرف لا يحفظ ما فيه؟.
أخبرنا أبو احمد عن الجوهرى عن أبى زيد عن موسى ابن اسماعيل عن عسل بن مضمر عن سعيد بن يزيد عن بعض أصحابه قال: قال أبو الاسود لمعاوية:
لو كنت مكان أبى موسى ما صنعت كما صنع، قال: وما كنت تصنع؟ قال:
كنت أنظر عدة من المهاجرين وعدة من الانصار، ثم أشهدهم بالله تعالى، المهاجرون أحق بالخلافة أم الطلقاء؟ فقال معاوية: أقسمت عليك بالله لا تذكرها أبدا ما عشت! وباسناد لنا عن سفيان الثورى قال: جاء أبو الاسود الى قومه ومات عريفهم، وقد أجمع رأيهم ان يعرفوا رجلا فقال: لا تعرفوا فلانا فانه أهوج أحمق يأكل طعامكم، ويتثاقل عن حاجاتكم، ولكن عرفوا فلانا فانه أهوس أهيس، ملك ملحس، «1» ان طمع انتهز وان سأل أرز «2» - والاهوس والاهيس الجواد السمح- وسمع أبو الاسود قوما يستشيرون فى تزويج امرأة وخاطبها فقال: زوجوها من عاقل، فان أحبها أكرمها، وان أبغضها أنصفها.
















مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید