المنشورات

أول من صنف فى غريب القرآن أبو عبيدة معمر بن المثنى

صنف كتاب المجاز، وأخذ ذلك من ابن عباس حين سأله نافع بن الازرق عن أشياء من غريب القرآن، ففسرها له واستشهد عليها بأبيات من شعر العرب، وهو أول ما روى فى ذلك، وهو خبر معروف.
وكان من عدم معرفته وتقدمه فى العربية ربما لم يتم البيت من الشعر حتى يكسره، ويخطىء اذا قرأ فى المصحف، وكان يبغض العرب ويؤلف فى مثالبها الكتب، ويرى رأى الخوارج، ويرمى باللواط، فبعث به أبو نواس فقال:
صلّى الإله على لوط وشيعته ... أبى عبيدة قل بالله آمينا
وكان مولى لتميم، ومات سنة عشر ومائتين او احدى عشرة، وقد قارب المائة، وكثير من العلماء والرؤساء المعروفين رموا بذلك، حكى عن الحجاز أنه قال: غلام فى محله أنفع من حوض فى جب، ودخل الجاحظ على المازنى وعنده المبرد- وهو غلام- فأخفى شخصه فى جب عن الجاحظ، وجلسا يتحدثان فعطس المبرد من مكمنه، فقال الجاحظ: من هذا المبرد منا؟
فسمى بذلك. وقال الشاعر:
ويوم كنار الشّوق فى الصّدر وال ... حشا على أنّه منها أجرّ وأوقد
ظللت به عند المبرّد قائلا ... فما زلت من الفاظه أتبرّد
ودخل البحترى مسجد المبرد، فرأى غلمانا ملاحا فقال: ما أحسن المسجد بقناديله! وفى نحو ذلك يقول بعضهم فى مجلس ابن دريد:
من يكن للظّباء طالب صيد ... فعليه بمجلس ابن دريد
انّ فيه لأوجها قيّدتنى ... عن طلاب العلى بأوثق قيد
وأخبرنا أبو أحمد قال: كنا فى مجلس نفطويه، وهى يملى، فدخل غلام وضىء، فقطع الاملاء، وقال: قال رجل من أهل عصرنا:
كم خاس «1» ميعادك يا مخلف ... كم تحلف الوعد تحلف
قد صرت لا أدعو على كاذب ... ولا ظلوم الفعل لا ينصف
فما شك أحد ممن حضر ان الغلام كان قد وعده فأخلفه، وان الشعر له.
وأخبرنا أبو أحمد قال: كنا فى مجلس ابن دريد وكان يتضجر ممن يخطىء فى قراءته، فحضر غلام وضىء، فجعل يقرأ ويكثر الخطأ، وابن دريد صابر عليه، فتعجب أهل المجلس، فقال رجل: يا أهل المجلس! لا تعجبوا فان فى وجهه غفران ذنوبه، فسمعها ابن دريد، فلما أراد ان يقرأ قال: هات يا من ليس فى وجهه غفران ذنوبه، فعجبوا من صحة سمعه، مع علو سنه.
وأخبرنا أبو القاسم بن شيراز- رحمه الله- قال: أخبرنا أبو بكر الجوهرى قال: حدثنا بعض أصحابنا قال: كان سعيد بن حميد الكاتب قد هوى غلاما من أبناء الاتراك- بسر من رأى «2» - بارع الجمال، فبذل له خمسين دينارا ليحضره فقال: على أنى اذا أذن العشاء الآخرة انصرفت، فلما وافى أمر بوضع فما فرغوا حتى كان وقت صلاة العشاء الآخرة، فقال سعيد:
يا غلام! الدواة والقرطاس، فكتب الى المؤذن:
قل لراعى الظّلام أخّر قليلا ... قد قضينا حقّ الصّلاة طويلا
ليس فى ساعة تؤخّرها وز ... ر تكافا بها وتأتى جميلا
وتراعى حقّ الفتوّة فينا ... وتعافى من أن تكون ثقيلا















مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید