المنشورات

أول امرأة نبئت سجاح بنت سويد بن خالد

أخبرنا أبو احمد عن رجل نسيت اسمه قال: قال عمر بن بكير عن هشام ابن الكلبى عن عوانة أو غيره قال: كان من حديث سجاح بنت سويد بن خالد ابن أسامة بن العنبر بن يربوع التميمية، وتكنى أم صادر، وأخوها عتبان وكانوا من بنى تغلب، فلما قبض النبى- صلّى الله عليه وسلم- واستخلف أبو بكر، وكانت الردة، نبئت سجاح، وخرجت من بنى تغلب، فتبعها أناس كثيرون من النمر ابن قاسط وأياد. ومن بنى تغلب الهذيل بن عمران. فخرجت تسير بهم الى بلاد بنى تميم، فلقيها بنو حنظة فقالت: انا امرأة منكم، والملك ملككم، وقد بعثت نبية، قالوا، مرينا، قالت: ان رب السماء والتراب يأمركم ان توجهوا الركاب، وتستعدوا للنهاب، ثم تغيروا على الرباب، «1» فليس دونهم حجاب.
فسارت بنو حنظلة الى بنى ضبة، وهم من الرباب، وسارت سجاح ومن معها من بنى تغلب والنمر ابن قاسط الى حفر التيم، وعليه من الرباب بنو عدى وثور، فأما بنو حنظلة فلقوا بنى ضبة، فهزمتهم، ولقيت سجاح ومن معها تيما وعديا وثورا، فقاتلوهم قتالا شديدا، وجاءتهم وفود بنى تغلب والنمر وأياد، وأرسلت بنو ضبة يطلبون الى حنظلة أن يودوا «2» قتلاهم، ويصالحوهم، فقالت: لا تعجلوا على الرباب فانهم يحثون نحوكم الصعاب. 
ثم قالت: عليكم باليمامة، فانها دار اقامة، نلقى أبا ثمامة، فان كان نبيا ففى النبى علامة، وان كان كذوبا فله ولقومه الندامة، ولا يلحقكم بعد ملامة، فخرجوا نحوها ومعها عطارد بن حاجب بن زرارة بن عدس بن زيد، وعمرو بن أهثم، والاقرع بن حابس وشبث بن ربعى وهو مؤذنها- فساروا حتى نزلوا الصمان، «1» فبلغ ذلك مسيلمة الكذاب- وكان قد تنبأ- فتجسس أهل اليمامة لها- فقال مسيلمة: دعونى ورأيى، فأهدى لها، وكتب اليها، ان موعدنا يوم كذا نلتقى فيه، ونتدارس، فان كان الحق بيدك بايعناك، وان كان فى أيدينا بايعتنا، فخرجت فى أربعين، فلما جلسوا أحصاهم، ثم قال ليقم من هاهنا عشرة، ومن هاهنا عشرة، ومن هاهنا عشرة، ومن هاهنا عشرة، حتى ننظر من صاحب الأمر، فقاموا.
فقال مسيلمة لغلامه: عثن لها لتذكر الباه- والعثان الدخان- أى بخر لها بشىء من الطيب- فقال مسيلمة: لنا نصف الارض ولقريش نصفها، ولكن قريشا لا يعدلون، رحم الله من سمع، وما زال أمره فى كل ما شاء مجتمع، وأطمع فى الخير فطمع، أراكم الله محياكم، ومن رجز «2» خلاكم، ويوم القيامة نجاكم، علينا صلوات من معشر أبرار، لا أشقياء ولا نجار، يصلون بالليل، ويصومون بالنهار، ولربهم الكبار، رب النور والأمطار، ولما رأيت وجوههم حسنت، وأبشارهم صفت، وأيديهم انبسطت، النساء يأتون، والخمر يشربون، أنتم معشر الابرار، سبحان ربى كيف يحيون، والى رب السماء يرقون، لو أنها حبة من خردلة فى جندلة «3» لقام عليها شهيد، يعلم ما فى الصدور، أكثر الناس، يومئذ المثبور، «4» قالت: أشهد أنك نبى، وآمنت به.
فقال: انكن- معشر النساء- خلقتن لنا أفراجا، وخلقنا لكم أزواجا، فاذا ملكناكن أرتجن لنا ارتجاجا، «1» فنولجه فيكن ايلاجا، فتخرجن أولادا انتاجا، قالت: صدقت.
ثم قال:
ألا قومى الى البيت ... فقد هيىّ لك المضجع
فان شئت بثلثيه ... وإن شئت به أجمع
وان شئت سلقناك ... وان شئت على أربع
قالت: بذلك أوحى الى. قال: هل لك أن تزوجينى نفسك، فيكون الملك بيننا، ونخفف عن عشيرتنا؟ قالت: نعم. فتزوجها وانطلق الى اليمامة، وتركت الجمع الذى كان معها بالصمان، ورفع مسيلمة عن بنى تميم صلاة الغداة «2» والظهر والعشاء، وقال: ان بنى تميم لقاح لا أتاوة عليهم- يعنى الخراج- فعامة بنى تميم لا يصلون هذه الصلوات الى اليوم فلم تزل عند مسيلمة الى ان قتل، فهربت فلم توجد، ثم أسلمت فتزوجها رجل من قومها، فولدت له ثلاثة وماتت بالبصرة.
قالوا: ولما وقع عليها مسيلمة، خرجت هى قومها وهى تنظف عرقا، قالوا: ما عندك؟ قالت: وجدته أحق بالامر منى، فبايعته، وزوجته نفسى، قالوا: ومثلك لا يتزوج بغير مهر؟ فقال مسيلمة: جعلت مهرها ان رفعت عنكم صلاة الغداة والعتمة، «3» فقد أوحى الى بذلك. قالوا: وما هو؟ قال:
ضفدع بنت ضفدعين رأسك فى الماء ورجلك فى الطين، لا ماء تكدرين، ولا شارب تنفضين، سجاح بنت الاكرمين، قومى ادخلى التيطون، فقد وضعنا عن قومك صلاة المعتمدين، فرضوا، فلما عرف قومها حالها قال عطارد بن حاجب بن زرارة:
أضحت نبيّتنا أنثى يطاف بها ... وأصبحت أنبياء النّاس ذكرانا
فلعنة الله ربّ النّاس كلّهم ... على سجاح ومن بالإفك أعوانا
أعنى مسيلمة الكذّاب لا سقبت ... أصداءه غيث مزن حيث ما كانا «1»
وقال الاغلب العجلى:
انّ سجاحا لاقت الكذّابا ... سألها فأعيت الجوابا
وهتكت عن سترها الحجابا ... فلا أهلا لقيت ولا رحابا















مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید