المنشورات

أول من علم المثمنات من الجوارى الغناء ابراهيم الموصلى

أخبرنا أبو القاسم بن سيران- رحمه الله تعالى- عن شيخ له عن عمر بن شبة قال: حدثنى اسحاق قال: لم يكن الناس يعلمون الجارية الحسناء الغناء، وانما كانوا يعملون الصفر والسود، وأول من علمهن أبى، فبلغن كل مبلغ، وأول من بلغ فيهن الثمن الوافر أمان جارية قرين النحاس، بلغت مائة ألف درهم، وكان ابن أبى عيينة يهواها فقال لابى:
قلت لمّا رأيت أمان ... قد طغى سومه بها طغيانا
لا جزى الله الموصلىّ أبا اسحاق عنّا خيرا ولا احسانا جاء من موصل بوحى من الشّيطان أغلى به علينا القيانا «1» من غناء كأنه سكرات الموت يصبى القلوب والآذانا وقال ابن سيابة:
يا أبا اسحاق قد نفّقت أسواق القيان ... وجعلت القينة الشّوهاء فى حدّ الحسان
بأغانيك الّتى يروينها ... خير الاغانى
كم شقى بك فيهنّ ... ومفتون وعانى
ما لابراهيم فى العل ... م بهذا الشّأن ثانى
انّما عمر أبى اس ... حاق زين للزّمان
جنّة الدّنيا أبو اس ... حاق فى كلّ زمانى «1»
قال ابراهيم: أتيت الفضل بن يحيى يوما فقلت له: هب لى درهما فان الخليفة قد حبس يده عنا فقال: ما عندى ما أرضاه لك، أتانا رسول صاحب اليمن فقضينا حوائجه، ومعه خمسون الف دينار يشترى لنا بها، ثم قال:
ما فعلت ضيا جاريتك؟ قلت: هى عندى قال: أقول له: يشتريها منك، فلا تنقصها عن خمسين ألف دينار، فقبلت رأسه وانصرفت.
فبكر على رسول صاحب اليمن، ومعه صديق لى، فقال جاريتك ضيا فأخرجتها، واستتممت بها خمسين ألف دينار، فقال: هل لك فى ثلاثين ألف دينار مسلمة؟ قال: وكان شراؤها على أربعمائة دينار، وأخذنى زمع «2» لما سمعت ذكر ثلاثين ألف دينار، وخفت أن يحدث عليها أو على المشترى أو على الفضل حادثة فيفوتنى ذلك، فسلمتها اليه وأخذت المال، وبكرت على الفضل، فلما نظر الى ضحك وقال: يا ضيق الحوصلة! حرمت نفسك من عشرين ألف دينار، فقلت له: دعنى والله! لقد دخلنى شىء أعجز عن وصفه، فبادرت بقبول المال.
فقال: لا ضير! يا غلام! هات الجارية، فجىء بها على حالها، فقال خذها، انما أردت نفعك، فلما نهضت قال: ان صاحب أرمينية «3» قد جاءنا فقضينا حوائجه، ونفد ما كتبه، ومعه ثلاثون ألف دينار يشترى لنا بها ما نريد،فاعرض عليه جاريتك، ولا تنقصها عن ثلاثين ألف دينار، فانصرفت، وبكر على صاحب أرمينية، فساومنى الجارية، فقلت: لا أنقصها عن ثلاثين ألف دينار، فقال: معى على الباب عشرون ألف دينار مسلمة، خذها، فدخلنى- والله- مثل الذى دخلنى فى المرة الاولى، وخفت مثل خوفى الاول، فسلمتها اليه، وأخذت المال، وجئت الفضل فقال: ويلك حرمت نفسك عشرة آلاف دينار، وضحك وضرب برجله، فقلت: خفت والله ما خفت فى المرة الأولى، قال: جاريته يا غلام! فجىء بها، فقال خذها، ما أردنا الا منفعتك، فقلت: أشهدك- جعلت فداءك- أنها حرة، وأنى قد تزوجتها على عشرة آلاف درهم، قد كسبت لى فى يومين خمسين ألف دينار، فما جزاؤها الا هذا.












مصادر و المراجع :      

١- الأوائل

المؤلف: أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري (المتوفى: نحو 395هـ)

الناشر: دار البشير، طنطا

الطبعة: الأولى، 1408 هـ

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید