المنشورات

حىِّ الغداة برامة الأطلالا ... رسمًا تحمل أهله فأحال

قال جرير بن عطية بن الخطفى: وهو حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، يهجو الأخطل:
1 حىِّ الغداة برامة الأطلالا ... رسمًا تحمل أهله فأحال
رامة: ماء لقيس على اثنيّ عشرة مرحلة من البصرة، آخر بلاد تميم، أحال: أتت عليه أحوال. وروى عمارة: (تقادم عهده). تقادم: أي قدم.
2 إنَّ السوارى والغوادى غادرت ... للريح مخترقًا به ومجالا
السواري: ما أسري عليه ليلا. والغوادى: ما غاداه. والمجال: المسلك. والمطَّرد: الاطراد: تتابع الطريق واستواؤه.
3 لم أر مثلك بعد عهدك منزلًا ... فسقيت من سبل السِّماك سجالا
السبل: المطر. والسماك: من أنواء الصيف، وهو أيمن نجوم الصيف.
4 أصبحت بعد جميع أهلك دمنةً ... قفرًا وكنت مربَّةً محلالا
الدمنة: الكساحة والأبعار في هذا الموضع. والدمنة: المنزل بعينه والدمنة: الحقد. والمربَّة: المألوفة المختارة. والمحلال: المختارة للحلَّة.
5 ولقد عجبت من الديار وأهلها ... والدَّهر كيف يبدِّل الأبدالا
6 ورأيت راحلة الصِّبا قد أقصرت ... بعد الوجيف وملَّت التَّرحالا
يقال منه: وجف البعير يجف وجيفًا وأوجفته أنا إيجافا. والوجيف: سير الرفيع
والذميل: بين العنق والوجيف
7 إن الظعائن يوم برقة عاقل ... قد هجن ذا سقم فزدن خبالا
أصل البرقة اختلاف اللونين. والبرقة من الأرض: ذات رمل وحصى، وربما خلطه طين.
7 طرب الفؤاد لذكرهنَّ وقد مضت ... بالليل أجنحة النجوم فمالا
أجنحة النجوم: ما جنح منها للسقوط. وميل الليل: تهُّوره وسقوطه.
9 يجعلن مدفع عاقلين أيامنًا ... وجعلن أمعز رامتين شمالا
مدفعه: مجرى سيله. وعاقلان: ثنى عاقلا بغيره كما قالوا رامتان وإنما هي واحدة. والأمعز: الأرض ذات الحصى وهي المعزاء. وعاقل أيامنا. وعاقل قريب من رامة. وروى ابن الأعرابي: يجعلن مدفع عاقل أيمانها.
10 لا يتصلن إذا افتخرن بتغلب ... ورزقن زخرف نعمة وجمالا
11 طرق الخيال لأمِّ حزرة موهنًا ... ولحبَّ بالطيف الملم خيالا
الطروق: لا يكون إلا بعد هدأة من الليل وكذلك الوهن والموهن والهدأ والهدوء مهموز، والهدأة والهزيع والتهواء والسعواء والجش والجوش والذهْل والذهَل بمعنى واحد. وقوله: ولحب: أراد لحبب.
12 [يا ليت شعرى] يوم دارة صلصلٍ ... أتريد صرمى أم تريد دلالا
دارة صلصل، ودارة جلجل، ودار مكمن، ودارة زخرف، ودارة قطقط، ودارة الدور، ودارة الخرج، ودارة [القلتين] ودارة وشحى، ودارة الكور، ودارة المعدن.
13 لو أن عصم عمايتين ويذبل ... سمعت حديثك أنزلا الأوعالا
العصم: الوعول، وإنما جعلت عصما لبياض في أيديها، وذلك يقال له عصمة. وعماية ويذبل، جيلان بالعالية، ثنَّى عماية وهو جبل واحد، كما ثنى رامتين. وفرس أعصم: إذا كانت إحدى يديه بيضاء.
14 حيّيت لست غدًا لهنَّ بصاحب ... بحزيز وجرة إذ يخدن عجالا
وجرة: دون مكة بثلاث مراحل لبنى سليم. والحزيز: الغليظ. المنقاد مستطيلا، وجمّاعة أحزة وحزَّان. والوخد: ضرب من السير رفيع، يقال: وخد البعير يخد وخدًا ووخدانًا ويروى: كرِّى فلست.
15 أجهضن معجلةً لستَّة أشهر ... وحذين بعد نعالهنَّ نعالا
الإجهاض والإعجال واحد وهو أن تلقيه قبل وقته.
16 وإذا النهار تقاصرت أظلاله ... وونى المطىُّ سآمةً وكلالا
تقاصر الظلال عند عقول الشمس وتكبُّدها السماء، وفي ذلك الوقت تخور الإبل وتضعف. وونى: فتر، يقال منه ونى ينى ونيًّا. والسآمة: الملالة والضجر، يقال سم يسأم سأمًا وسآمة.
17 رفع المطيُّ بكل أبيض شاحب ... خلق القميص تخاله مختالا
رفع المطى: يريد رفعه في سيره، واختياله: ميده، شبهه لميده على
رحله وضر [به] برأسه من النعاس بالمختال.
18 إني جعلت فلن أعافى تغلبًا ... للظالمين عقوبةً ونكالا
19 قَبَح الإله وجوه تغلب إنها ... هانت علىَّ مراسنًا وسبالا
المراسن: الأنوف، واحدها مرسن.
20 قبح الإله وجوه تغلب كلما ... شبح الحجيج وكبروا إهلالا
الشبح: رفع الأيدي بالدعاء، والإهلال: رفع الصوت، ومن هذا يقال للملبِّى: أهلَّ بالحج: إذا لبَّى.
21 عبدوا الصليب وكذبوا بمحمد ... وبجبرئيل وكذبوا ميكالا
يقال جبريل وجبرين وجبرئيل وجبرال وميكال وميكائيل، وسرافين وسرافيل وإسماعيل وإسماعين وأنشد:
قالت جوارى الحيّ لمَّا جينا
هذا ورب البيت إسماعينا
22 المعرسين إذا انتشوا ببناتهم ... والدائبين إجارةً وسولا
يريد: الدائبين بين سائل وأجير.
23 والتغلبى إذا تنحنح للقرى ... حك استه وتمثَّل الأمثالا
24 أنسيت يومك بالجزيرة بعدما ... كانت عواقبه عليك وبالا
25 حملت عليك حماة قيس خيلها ... شعثًا عوابس تحمل الأبطالا
26 ما زلت تحسب كل شيءٍ بعدهم ... خيلا تكرّ عليكم ورجالا
27 زفر الرئيس أبو الهذيل أباركم ... فسبى النساء وأحرز الأموالا
هذا يوم الكحيل: وكان سببه أن عمير بن الحباب السلمىّ لما قتل بالحشاك، والحشاك بجانب الثرثار، وهو قريب من تكريت، أتى تميم بين الحباب زفر بن الحارث من بني كلاب، فأخبره بقتل عمير، وسأله الطلب له بثأره. فكره زفر المسير، وأبى عليهم. فسار تميم ابن الحباب بمن تبعه من قيس، وتابعه على ذلك مسلم بن ربيعة العقيلي. فلما وجهوا نحو بني تغلب لقيم الهذيل بن زفر في زراعة له فقال: أين تريدون؟ فأخبروه بما كان من زفر. فقال: أمهلوني ألق الشيخ.
فأقاما. ومضى الهذيل، فأتى زفر فقال: ما صنعت؟ والله لئن ظفر بهذه العصابة إنه لعار عليك، وإن ظفروا إنه لأشد! قال زفر: فاحبس علىّ القوم. فقام زفر في أصحابه خطيبًا، فحرضهم وحشدهم - أي جمعهم - وعرفهم ما ذهب منهم من عمير وسؤدده وبمكان عمير فيهم. ثم شخص، واستخلص عليهم أخاه أوس بن الحارث، فسار حتى انتهى إلى الثرثار فدفنوا أصحابهم، ثم وجه زفر بن الحارث يزيد بن حمران - من قيس، من أصحاب زفر - في خيل، فانتهى إلى بني فدوكس، فقتل رجالهم، واستباح أموالهم، فلم يبق في ذلك الحواء غير امرأة واحدة، يقال لها حميدة بنت امرئ القيس، عاذت بابن حمران، فأعاذها، وبعث الهذيل إلى بني كعب بن زهير - من بني تغلب - فقتل فيهم قتلًا ذريعًا وبعث مسلم بن ربيعة إلى ناحية أخرى، فأسرع في القتل وبلغ ذلك تغلب والنمر، فارتحلت تريد عبور دجلة، فلحقهم زفر بن الحارث بالكحيل - وهو نهر أسفل من الموصل مع المغرب - فاقتتلوا قتالًا شديدًا، وترجل أصحاب زفر أجمعون. وبقى زفر على بغل له، فقتلوهم ليلتهم، وبقروا ما وجدوا من النساء، وذكروا أن من غرق في دجلة أكثر ممن قتل بالسيف، وأن الدم كان في دجلة قريبًا من رمية سهم، فلم يزالوا يقتلون من وجدوا حتى أصبحوا، فذكروا أن زفر دخل معهم دجلة، وكانت فيه بحة، وجعل ينادي ولا يسمع صوته أصحابه، وفقدوه، فخشوا أن يكون قد قتل، فتذامروا، وقالوا: لئن قتل شيخنا فما صنعنا شيئًا، فاتبعوا، فإذا هو في الماء يصيح بالناس وتغلب قد رمت بأنفسها تعبر في الماء، فخرج من الماء، وأقام في موضعه، فهذه الوقعة تسمى الحرجيَّة لأنهم أحرجوا، فألقوا أنفسهم في الماء، ثم وجه يزيد بن حمران، وتميم بن الحباب ومسلم بن ربيعة والهذيل بن زفر، كل واحد منهم في أصحابه، وأمرهم ألا يلقوا أحدًا إلا قتلوه.
فانصرفوا من ليلتهم، وكل قد أصاب حاجته من القتل والماء. ثم مضى يستقبل الشمال بجماعة أصحابه حتى أتى رأس الأيِّل، ولم يخلف بالكحيل أحدًا. والكحيل على عشرة فراسخ من مدينة الموصل فيما بينها وبين الجنوب - فصعد قبل رأس الأيل، فوجد عسكرًا من النمر وتغلب فقاتلوهم بقية ليلتهم، فهربت تغلب وصبرت النمر، وهذه الليلة تسميها تغلب "ليلة الهرير"، فقال زياد بن سليمان النمري يفخر على بني تغلب بصبر النمر:
وليلة الأيِّل من بلائها
إذ فرَّت الجعراء عن لواها
وحامت النِّمر على أكساها
وقال زفر بن الحارث في منصرفه:
ولما أن نعى الناعي عميرًا ... حسبت سماءهم دهيت بليل
وكاد النجم يطلع في قتام ... وخاف الذُّلَّ من يمن سهيل
وكنت قبيلها يا أم عمرو ... أرجِّل جمَّتي وأجرُّ ذيلي
فلو نبش المقابر عن عمير ... فيخبر عن بلاء أبي الهذيل
غداة يقارع الأبطال حتى ... جرى منهم دما مرج الكحيل
قبيل ينهدون إلى قبيل ... تعاقي الموت كيلا بعد كيل
28 قال الأخيطل إذ رأى راياتهم ... يا مارسرجس لا نريد قتالا
29 هلاَّ سألت غثاء دجلة عنكم ... والخامعات تجمِّع الأوصالا
الغثاء: ما حمله الماء من القماش، والخامعات: الضباع، رفع الخامعات جعل لها الواو العاطفة وقتًا، أراد: إذ الخامعات تجمع الأوصال.
30 ترك الأخيطل أمه وكأنَّها ... منحاة سانية تدير محالا
المنحاة: طريق السانية ما بين منتهى الرشاء إلى الرَّكي، والمحالة: بكرة السانية، فزعم أنه ترك أمه موطوءة كما توطأ المنحاة.
31 ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه ... ما لم يكن وأب له لينالا
32 خل الطريق فقد لقيت قرومنا ... تنفى القروم تخمُّطًا وصيالا
تخمط البعير: هدره وعقده عنقه وإيعاده، وصياله: أكله الإبل:
يقال: بعير صئول: بيِّن الصيال، ويقال: صؤل البعير: إذ كان عضوضًا، وصال من الصولة صيالا.
33 تمَّت تميمي يا أخيطل فاحتجر ... خزى الأخيطل حين قلت وقالا
تمت: بلغت الشرف كله. ويقال: تممت إليه: أي قصدت إليه.
34 لو أن خندف زاحمت أركانها ... جبلا أصمَّ من الجبال لزالا
خندف: ليلى بنت حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة أم مدركة وطابخة.
35 إن القوافي قد أمرَّ مريرها ... لبني فدوكس إذ جدعن عقالا
أمرَّ مريرها: أي أحكم صنعتها. وفدوكس: جد الأخطل. وعقال ابن محمد بن سفيان بن مجاشع جد الفرزدق.
36 ولقيت دوني من خزيمة معشرًا ... وشقاشقًا بذخت عليك طوالا
وروى عمارة: دوني من خزيمة تدرأ، مكان: معشرًا. والتدرأ: العز. والشقاشق: شبهها بشقاشق الفحول وهدرها. وخزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.
37 راحت خزيمة بالجياد كأنها ... عقبان مدجنة نفضن طلالا
وروى عمارة: رعنا خزيمة بالجياد. وخزيمة بن طارق التغلبي أحد بني التغلبي أحد بني عتبان بن سعد بن زهير بن جشم بن بكر، أسر يوم زرود أسره أسيد ابن حنَّاءة السَّليطيّ وأنيف بن جبلة الضبي فاحتقا فيه إلى الحارث بن قراد الرياحي فحكم أن ناصيته لأسيد ولأنيف ثلاثين بكرة. ومدجنة: ماطرة. والطلال: الأنداء.
38 إنّا كذاك لمثل ذاك نعدُّها ... نسقي الحليب وتشعر الأجلال
39 ما كنت تلقى في الحروب فوارسي ... ميلًا إذا ركبوا ولا أكفالا
الأميل: الذي لا يثبت على الدابة. والكفل: الذي لا يقوم بأمر نفسه.
40 صبَّحن نسوة تغلب نسبتها ... ورأى الهذيل لوردهنَّ رعالا
الهذيل بن هبيرة. أحد بني حرفة التغلبي في يوم ذي بهدي، وهو يوم الحريم.
وهذا يوم ذي بهدي. كان الهذيل غزا بني أبي ربيعة بن ذهل بن شيبان. فاطرد إبلهم يوم كنهل، فقال له قومه: أين تطرد هذه الإبل؟ أغر بنا على بعض من نمر به.
فأغار على بني كوز وبني هاجر من بني ضبَّة، فأصاب فيهم ثلاثين امرأة فيهن منضورة بنت شقيق أخت عامر بن شقيق، فأطلقهن مكانه وهو في دارهم.
غيرها: فإنه احتمل بها حتى وقع بها أرض قومه، وزوجها وأخوها غائبان، فبلغهما الخبر، فطلباها، حتى أتياها، فقال: هي بيني وبينكما، فإن أحبت فاتتبعكما، وإن كرهت لم أعطكماها. قالا: ننظر في أمرنا اليوم. فأتيا رجلا من بني تغلب، فحدَّثاه الحديث واستجارا، فأجارهما. فانطلق معهما إلى الهذيل، فقال: إنك قد أعطيت القوم ما قد علمت، أفأجيرهم عليك على الوفاء؟ قال: نعم، فخيِّرت، فقالت: والله ما كنت لأؤيم زوجي، ولا أنكس برأس أخي. فأعطاهم إياها، فانصرفوا بها، فقال الهذيل:
أعتقت من أفناء كوز وهاجر ... ثلاثين لم تهتك لسرٍّ جيوبها
ومنضورة الحسناء كنت اصطفيتها ... فأعتقتها لما أتاني حبيبها
ثم إن الهذيل تتبعتها نفسه، فأغار على بني ضبة وهم بذي بهدى
وأودية الحريم وقد جمع لهم جمعًا عظيمًا من النمر وتغلب وإياد فأرسلوا، فاستصرخوا بني سعد بن زيد مناة بن تميم فالتقوا فقتل من بني تغلب ناس، وانهزموا أسوأ الهزيمة، وأسر يومئذ يزيد بن حذيفة من بني مرَّة بن عبيد بن الحارث بن كعب بن سعد بن زيد مناة الهذيل. وأسر عامر بن شقيق حسان بن الهذيل، فأوثقه في البيت، وكانت بنته فريعة بنت عامر منَّ عليها الهذيل يوم أخذها وهي من الثلاثين. فلما خرج أبوها من البيت حلت وثاقه، وأطلقته، وحملته، وأسر حصين بن عويَّة أحد بني كوز شبيب بن الهذيل وجعيس بن الهذيل. وأسر ابنا ناشرة بن زهير بن جندل بن نهشل، وهما عبد الله وعبد الحارث - وكانا مجاورين في بني ضبة - مشول بن الهذيل؛ فأما حصين بن عوية فإنه كانت عنده أسماء ابنة عمرو الغاضرية وكان الهذيل قد أسر مالكًا الغاضري، فدفع إليهم شبيبًا وهبه لهم، فبادلوا به ابن الهذيل وزادوا على ابن الهذيل ثلاثين من الإبل. وأما الهذيل فإنه منَّ عليه يزيد بن حذيفة فأثابه ثلثمائة من الإبل. وأما مشول فإن ابن الغريزة أخا بن جندل بن نهشل فكانت أمه أخيذة من بني تغلب، فأتاهم الهذيل في ابنه يطلب إليه أن يفاديه أو يمنَّ عليه، فوعده أن يفعل، فلما طال ذلك عليه قال:
ألكني وفر لابن الغريزة عرضه ... إلى خالد من آل سلمى بن جندل
فما ابتغى في مالك بعد دارم ... وما ابتغى في دارم بعد نهشل
وما أبتغي في نهشل غير جندل ... إذا ما دعا الداعي لأمر مجلل
وما ابتغى في جندل بعد خالد ... لطارق ليل أو لعان مكبل
فأتى خالدًا، فأنشده، فأعطى ابن ناشرة مئة من الإبل، وأطلقه للهذيل، فقال في ذلك أشرس بن بشامة بن حزن النهشلي:
نحن رددنا ابن الهذيل لقومه ... به أثر الأغلال تدمي مناكبه
أخذنا به أحدوثةً لا تشينكم ... إذا ما حديث الصدق نثَّت غرائبه
41 قيس وخندف إن عددت فعالهم ... خير وأكرم من أبيك فعالا
42 إن حرَّموك لتحرمنَّ على العدا ... أو حلَّلوك لتوكلنَّ حلالا
43 هل تملكون من المشاعر مشعرًا ... أو تتزلون من الأراك ظلالا
44 فلنحن أكرم في المنازل منزلا ... منكم وأطول في السماء جبالا
45 قدنا حزيمة قد علمتم عنوةً ... وشتا الهذيل يمارس الأغلالا
46 ورأت حسينة بالعداب فوارسي ... تحوي النِّهاب وتقسم الأنظالا
حسينة بنت جابر بن أبجر العجلي. والعداب: حيث استرق الرمل وانقطع، وهذا يوم أيضًا لبني عبد مناة بن أدّ بن طابخة على عجل وحنيفة: هذا يوم العداب، وهو يوم الصعاب:
فإنه كان من سبب هذا اليوم - يوم العداب - أن بني عبد مناة بن أد بن طابخة أغاروا على عجل وحنيفة بالأراكة، من أرض جو اليمامة، وقتل منهم كريز بن سوادة العجلي، قتله مالك بن حياط العكلي ثم الأقيشي، وقتل أثال بن علهام قتله أسامة بن عامر العكلي ثم الأقيشي، وسبيت حسينة بنت جابر بن بجير بن شريط العجلي أخت أبجر، وكانت تحت تمّام بن سوادة معرسًا بها، فسباها عمرو ابن الحارث بن أقيش العكلي، فلبثت عنده، ثم إن تمامًا زوجها وأباه سوادة أتياها ليفادياها فاختارت عمرو بن الحارث، وقالت في ذلك حسينة تعير تمامًا زوجها:
تمَّام قد أسلمتني لرماحهم ... وحرجت تركض في عجاج القسطل
وتلومني أن لا أكرَّ إليكم ... هيهات ذلك منكم لا أفعل
إني وجدتكم تكون نساؤكم ... يوم اللقاء لمن أتاكم أول
ثم إن أخاها أبجر بن جابر أتاها بعدما ردت تمامًا وأباه، فلامها على اختيارها على قومها، فرضيت بالرجوع مع أخيها، ففاداها بمئة من الغبل وخمسة أفراس. وسار معها عمرو بن الحارث حتى جوزها أرض بني تميم، فقال في ذلك عمرو بن الحارث العكلي:
وخيَّرنا حسينة إذ أتاها ... سوادة ضارعًا معه الفداء
فقالت إن رجعت إلى لجيم ... مخايرةً، فقد ذهب الحياء
فما صبروا ولا عطفوا علينا ... وندعوهم، فما سمع النداء
وكنت مهيرةً فيكم فأمسى ... ومهري فيكم الأسل الظماء
وكانت صفوتي من سبي عجل ... حسينة من كواكب كالظباء
وهبناها لأبجر إذ أتانا ... وفينا غيرها منهم نساء
فكان ثوابه منها جيادًا ... وسوق هنيدة فيها رعاء
47 أوجدت فينا غير غدر مجاشع ... مجرِّ جعثن والزُّبير مقالا
48 ولوانَّ تغلب جمَّعت أحسابها ... يوم التفاضل لم تزن مثقالا
49 نبِّيت تغلب ينكحون رجالهم ... وترى نساؤهم الحرام حلالا
50 لا تطلبنَّ خؤولة في تغلب ... فالزنج أكرم منه أخوالا
51 وريمت هضبتنا بأفوق ناصل ... تبغي النضال فقد لقيت نضالا
أراد بسهم لا فوق له ولا نصل. الهضبة: الجبل، والأفوق: الذي لا فوق له. والناصل: الذي لا نصل له، وأنشد لعبد الله بن عنمة الضَّبي:
عميرة فاق السهم بيني وبينه ... فلا يطمعنَّ الخمر إن هو أصعدا
ويقال: فاق السهم وفوق فوقًا، وإنفاق انفياقًا وفووقًا.
51 إن كنت رمت من السَّفاهة عزَّنا ... تبغي الفضال فقد وجدت فضالا
52 لولا الجزي قسم السَّواد وتغلب ... في المسلمين فكنتم أنفالا
الجزى: جمع جزية. والأنفال: الغنائم.













مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید