المنشورات

ألا حيِّ رهبى ثم حيِّ المطاليا ... فقد كان مأنوسًا فأصبح خاليا

وقال جرير يعاتب جده الخطفى:
وذلك أنه استنحله من ماله، وكان جده ذا ما لكثير، فقال: أنحلك كما نحلت عميك عطاء وحزامًا، وكان ينحل كل واحد من بنيه إذا استنحله ربع ماله وكان ربع ماله تلك السنة قليلا، فتسخَّطه جرير وقال: قد صرت شيخًا من بنيك وأبا عيال، فعاتبه واستزاده، فلم يزده.
قال: وهذه الأبيات التي هجا بها الفرزدق في آخرها فيما كان بينه وبين غسان قالها جرير بعد هذه بعشرين سنة:
أخبر عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير بهذا الحديث، ومغيرة بن حجناء بن نوح بن جرير.
1 ألا حيِّ رهبى ثم حيِّ المطاليا ... فقد كان مأنوسًا فأصبح خاليا
رهبى: موضع. والمطالى: حمع مطلاة: وهو ما انخفض واتسع من الأرض.
2 فلا عهد إلا أن تذكَّر أو ترى ... ثمامًا حوالي منصب الخيم باليا
الثمام: من الجنبة قدر ذراع وأكثر لا ورق له، يجعل على البيوت، وتظلَّل به الوطاب. والخيم: ما كان من مدر، وما لم يكن من مدر فهو غير خيام، بل بيوت فأصغر بيوت الأعراب الحفش، وفوق ذلك المظلة، ثم دوحة وهو أكبر البيوت.
3 إلى الله أشكو أنَّ بالغور حاجةً ... وأخرى إذا أبصرت نجدًا بداليا
الغور: من ذات عرق ومن الجحفة وما حاذاهما وهي التهائم، وما دون ذلك إلى العذيب نجد.
4 إذا ما أراد الحي أن يتزايلوا ... وحنت جمال البين حنت جماليا
5 ألا أيها الوادي الذي ضم سيله ... إلينا نوى ظمياء حيِّيت واديا
يقول: جمعنا وإياها هذا الوادي. نواهم: نيتهم ووجهتهم التي انتجعوها. يريد أنهم في مربع هذا الوادي متجاورون. أراد أن سيل الوادي أنبت فجمعنا وظمياء.
6 تخطَّى إلينا من بعيد خيالها ... يخوض خداريًّا من الليل داجيا
الخداري: الليل الأسود، وأصله أن الليل يخدرهم في منازلهم.
7 نظرت برهبى والظعائن باللِّوى ... فطارت برهبى شعبة من فؤاديا
8 فإنك إن تعطى قليلا فطال ما ... منعت وحلأت القلوب الصواديا
حلاَّت: منعت من الماء. والصوادي: العطاش.
9 دنوَّ عتاق الطير للزجر بعدما ... شمسن وولَّين الخدود العواصيا
الشِّماس: الامتناع.
10 تعيِّرني الإخلاف ليلى وأفضلت ... على وصل ليلى قوَّة من حباليا
يقول: حبل وصلى أقوى من حبل وصلها بقوة، والقوة: الطاقة.
11 فما أبصر النار التي وضحت له ... وراء جفاف الطير إلا تماريا
جفاف: أرض لبني أسد وحنظلة واسعة فيها أماكن تكون فيها الطير فنسبها إلى الطير، وكان عمارة يقول: وراء حفاف الطير، قال: هذه أماكن تسمى الأحفة، فاختار منها مكانًا فسماه حفافًا، غيره: حفاف بكسر الحاء.
12 لحقت وأصحابي على كل حرَّة ... مروح تبارى الأحبشيَّ المكاريا
وروى أبو عبد الله: الأحمسيَّ، الأحبشيّ، أراد ظل الناقة
والمكاري: الذي يكرو بيديه في مشيه. والأحمسيّ؛ رجل نسبه إلى أحمس بن بجيلة. والمكاري: الحادي ها هنا.
13 ترامين بالأجواز في كل صفصف ... فأدنين من خلج البربن الذفاريا
يقول: لما جذبت براهنَّ أدنين رؤوسهن من أكوارهن وعقدن أعناقهن. والذفريان: قفا البعير وهو موضع قصاص الشعر من الإنسان.
14 إذا بلَّغت رحلي رجيعٌ أمها ... نزولي بالموماة ثم ارتحاليا
ناقة رجيع سفر.
15 مخفِّقة يهوى على الهول ركبها ... قليلًا بها ما ينظرون التواليا
المخفِّقة: اللماعة بالسراب. والتوالي: المتخلفون.
16 تجول بها موتى الشخاص كأنها ... قذى غرق يضحى به الماء طافيا
ويروى: قذى غرق. موتى الشخاص: أراد الأعلام والنشوز شبهها بالقذى الطافي في الماء لهز السراب إياه.
17 لشق على ذي الحلم أن يتبع الهوى ... ويرجو من الأقصى الذي ليس لاقيا
أبو عبد الله:
يشق على ذي الحلم ... ... ... ويرجو من الأدنى الذي ليس لاقيا
18 وكائن ترى في الحي من ذي صداقة ... وغيران يدعو ويله من حذاريا
19 إذا ذكرت هند أتيح لى الهوى ... على ما ترى من هجرتي واجتنابيا
20 خليليَّ لولا أن تظنا بي الهوى ... لقلت سمعنا من سكينة داعيا
21 قفا فاسمعا صوت المنادي فإنه ... قريب وما دانيت بالود دانيا
يقول: لم أتقرب بودي إلى قريب يسعفني.
22 ألا طرقت أسماء لا حين مطرق ... أحمَّ عمانيا وأشعث ماضيا
الأحم: الرَّحل. والأشعث: أراد نفسه.
23 لدى قطريات إذا ما تغوَّلت ... بنا البيد غاولن الحزوم القياقيا
ويروى: شدنيات. القطريات: إبل منسوبة إلى قطر: وهي ما بين البحرين وعمان: وتغوُّل الأرض: تنكُّرها وتلونها. والمغاولة المبادرة. والحزوم: الغلظ. في نشوز، واحدها حزم. والقياقي: واحدها قيقاءة، وكذلك الصّلفاءة والصّمحاءة والزيزاءة وهو ما نشز وغلظ.
24 فحيِّيت من سار تكلَّف موهنًا ... مزارًا على ذي حاجة متراخيا
25 إذا ما جعلت السيَّ بيني وبينها ... وحرَّة ليلى والعقيق اليمانيا
السيُّ: ما بين ذات عرق إلى وجرة على ثلاث مراحل من مكة إلى البصرة. وحرة ليلى: لبني سليم قريب من ذاك. والعقيق: وادٍ لبني كلاب نسبه إلى اليمن لأن أرض هوازن في نجد مما يلي [اليمن، وأرض عطفان في نجد ما يلي] الشام.
26 دعوت إلى ذي العرش ربِّ محمد ... ليجمع شعبًا أو يقرِّب نائيًا
ويروى: دعوت إله العرش.
27 ويأمرني العذال أن أغلب الهوى ... وأن أخفي الوجد الذي ليس خافيا
28 فيا حسرات القلب في إثر من يرى ... قريبًا، ويلقى خيره منك قاصيا
29 تعرضت فاستمررت من دون حاجتي ... فحالك إني مستمرٌّ لحاليا
استمرارها: تغافلها.
30 فردِّي جمال البين ثم تحمّلي ... فمالك فيهم من مقام ولا ليا
31 وإني لمغرورٌ أعلَّل بالمنى ... ليالي أرجو أن مالك ماليا
هذا يقوله لجده.
32 وقائلة والدمع يحدر كحلها ... أبعد جرير تكرمون المواليا
33 بأيِّ نجاد تحمل السيف بعدما ... قطعت القوى من محمل كان باقيا
34 بأي سنان تطعن القوم بعدما ... نزعت سنانًا من قناتك ماضيا
35 ألا لا تخافا نبوتي في ملمَّة ... وخافا المنايا أن تفوتكما بيا
36 فقد كنت نارًا يصطليها عدوُّكم ... وحرزًا لما ألجأتم من ورائيا
37 وباسط خير فيكم بيمينه ... وقابض شر عنكم شماليا
38 وإني لعفّ الفقر مشترك الغنى ... سريع - إذا لم أرض داري - انتقاليا
39 جريُّ الجنان لا أهال من الردى ... إذا ما جعلت السيف من عن شماليا
40 وليست لسيفي في العظام بقيةٌ ... وللسَّيف أشوى وقعةً من لسانيا
أراد أن السيف ربما قطع الشَّوى و [هي] الأطراف فيسلم صاحبه [وأنا من] لا يسلم من لسانه أحد فهو أقتل من السيف. يقول: فبقية السيف أكثـ[ر من] بقـ[ية لساني].








مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید