المنشورات

ودِّع أمامه حان منك رحيل ... إن الوداع إلى الحبيب قليل

قال يمدح عبد الملك ويهجو الأخطل:
1 ودِّع أمامه حان منك رحيل ... إن الوداع إلى الحبيب قليل
يريد أن وداعنا إياها قليل لنا منها. وأراد بقوله: إلى الحبيب: للحبيب، أقام صفة بدل صفة.
2 تلك القلوب صواديًا تميَّمتها ... وأرى الشفاء وما إليه سبيل
أبو عبد الله: تلك القلوب صواديا تيمنها.
3 أعذرت في طلب النوال إليكم ... لو كان من ملك النوال ينيل
4 إن كان طبُّكم الدلال فإنه ... حسن دلالك يا أميم جميل
5 قال العواذل قد جهلت بحبها ... بل من يلوم على هواك جهول
6 كنقا الكثيب تهيّلت أعطافه ... والريح تجبر متنه وتميل
7 أما الفؤاد فليس ينسى ذكركم ... ما دام يهتف في الأراك هديل
هديل: صوت القمريّ.
8 بقيت طلولك يا أميم على البلى ... لا مثل ما بقيت عليه طلول
عمارة: لا مثل. أبو عبد الله: لا بقاء [مثل] ما بقيت عليه طلولك، أي لم تبق طلول بقاء طلولك.
9 نسج الجنوب مع الشمال رسومها ... وصبًا مزمزمة الرباب عجول
10 أيقيم أهلك بالسّتار وأصعدت ... بين الوريعة والمقاد حمول
الستار: جبل بالحمى. والوريعة: حزم لبني فقيم بن جرير بن دارم. والمقاد: رعن بين بني فقيم وسعد بن زيد مناة. والرعن أنف الجبل.
11 ما كان مثلك يستخف لنظرة ... يوم المطيُّ لغربة مرحول
الغربة: النية البعيدة.
12 لا يبعدن أنسٌ تغيَّر بعدهم ... طلل ببرقة رامتين محيل
13 ولقد نكون إذا تحلُّ بغبطة ... أيام أهلك بالديار حلول
عمارة: أهلك.
14 ولقد تساعفنا الديار وعيشنا ... لو دام ذاك بما نحب ظليل
15 فسقى ديارك حيث كنت مجلجل ... هزج ومن غرِّ الغمام هطول
16 فكأنَّ ليلي من تذكري الهوى ... ليل بأطول ليلة موصول
17 أينام ليلك يا أميم ولم ينم ... ليل المطي وسيرهن ذميل
الذميل: فوق العنق.
18 تكفيك إذ سرت الهموم فلم تنم ... قلص لواقح كلاقسيِّ وحول
19 نجب من السِّر العتيق نّمى بها ... فوق النجائب شدقم وجديل
سر كل شيء: خالصه وكريمه. ونمى بها: أي رفع نسبها. وجديل وشدقم فحلان.
20 عزَّت كواهلها العرائك بعدما ... لحق الثَّميل فما لهن ثميل
يقول: ذهبت أسنمتها وبقيت كواهلها وذهبت ثمائل بطونها: وهو ما بقى فيها من العلف والماء. والعرائك: الأسمنة. عزت: غلبت. يقول: كانت كواهلها أصبر على عض الرحال من أسنمتها، وذاك أن الأسنمة أكلتها الرحال وبقيت الكواهل على حالها.
21 مثل القناسحج الثقاف متونه ... فاهتز فيه لدونةٌ وذبول
22 تنجو إذا علم الفلاة رأيته ... فل الآل يقصر مرة ويطول
يريد أن السراب يخفضه مرة ويرفعه أخرى.
23 وإذا تقاصرت الظلال تشنَّعت ... وخد النعام وفي النُّسوع فضول
تقاصر الظلال في وقت الهاجرة حيث تكبَّد الشمس السماء، ويكون ظل كل شيء تحته فهي في ذلك الوقت مرحة حين تكل الإبل وتضعف. وتشنعها: تكمشها، وفضول النسوع: للحوق بطونها وضمرها تضطرب النسوع عليها.
24 من كل صادقة النَّجاء كأنها ... قرواء رافعة الشراع جفول
القرواء: السفينة مرتفعة القرا: وهو ظهرها. والجفول: المسرعة.
25 كم قد قطعن إليك من متماحل ... جدب المعرَّج ما به تعليل
المتماحل: البعيد الأطراف. والمعرج: المناخ. يقول: ما به مرعى تعلل به الإبل.
26 نائي المناهل طامس أعلامه ... ميت الشِّخاص به يكاد يحول
أشخاصه: أعلامه. يقول: يكاد يتحرك في السراب لاضطرابه وهزه إياها.
27 الله طوقك الخلافة والهدى ... والله ليس لما قضى تبديل
28 إن الخلافة بالذي أبليتم ... فيكم فليس لملكها تحويل
29 يعلو النجيَّ إذا النجى أضجكم ... أمر تضيق به الصدور جليل
يقول: يعلوهم حزمًا وصلابة رأى.
30 ولَّي الخلافة والكرامة أهلها ... فالملك أفيح والعطاء جزيل
31 فعليك جزية معشر لم يشهدوا ... لله أنَّ محمدًا لرسول
32 تبعوا الضلالة ناكبين عن الهدى ... والتغلبي عمى الفؤاد ضلول
الناكب: العادل، يقال منه: نكب ينكب نكوبًا، ويقال: رجل عمٍ وعميان وعمون وأعمى وعمي، ومن قال أعمى قال: أعميان وعمي.
33 يقضي الكتاب على الصليب وتغلب ... ولكل منزل آية تأويل
34 إن الخلافة والنبوة والهدى ... رغم لتغلب في الحياة طويل
35 فارقتم سبل النبوة فاخضعوا ... بجزي الخليفة والذليل ذليل
الجزي: جماعة جزية.
36 منع الأخيطل أن يسامي قرمنا ... شرفٌ أجبُّ وغارب مجزول
الشرف ها هنا السنام، والجبب: ذهاب السنام من أصله من الوبر، فإذا كان ذلك منه خلقة فهو العرر، يقال بعير أعر وناقة عراء. والغارب: مقدم السنام ما بينه وبين العنق. والمجزول: الذي قد جزلته الدَّبرة حتى هجمت على جوفه فبقي موضعها منخفضًا يجزلهه جزلًا.
37 قرمًا لزيد مناة أزهر مصعبًا ... فتصول زيد مناة حين يصول
وروى عمارة: فتصول عبد مناة حين يصول. عبد مناة بن أد بن طابخة وهم الرباب تيم وعكل وثور وعدي وأشيب بنو عبد مناة.
38 منا فوارس لن تجيء بمثلهم ... وبناء مكرمة أشم طويل
39 ماذا ذكرت من الهذيل وقد شتا ... فينا الهذيل وفي شواه كبول
يريد الهذيل بن هبيرة التغلبي أسره وأربعة بنين له يزيد بن حذيفة السعدي في يوم ذي يهدي في بلاد ضبة.
40 جرَّ الخليفة بالجنود وأنتم ... بين السَّلوطح والفرات فلول
جرَّ: سار، والجرار: السيار بالجيش. هذا حين سار عبد الملك إلى مصعب بن الزبير وقيس أنصاره. يقول: فأنتم مخلَّفون لم تطلبوا بثأركم في قيس ولم تنصروا الخليفة، وكان الجرار في الجاهلية لا يسمى جرارًا حتى يسوق ألفًا، فكان الجرارون من ربيعة: الهذيل بن هبيرة التغلبي، والحوفزان بن شريك الشيباني، وقتادة بن مسلمة الحنفي. والسلوطح: موضع بالجزيرة.
41 ولقد شفتني خيل قبس منكم ... فيها الهذيل ومالك وعقيل
هذا يوم الكحيل، وقد مر. ومالك بن عبيدة بن معاز بن يزيد والهذيل بن زفر بن الحارث بن عبد عمرو بن معاز - بالزاي معجمة وعقيل بن يزيد بن أبي المختار بن يزيد بن عمرو بن الصعق.
42 فإذا رميت بحرب قيس لم يزل ... أبدًا لخيلهم عليك دليل
يقول: تأتيك خيلهم حيث كنت فيكون ذلك عادة عليك وطريقًا.
43 نعم الحماة إذا الصفائح جردِّت ... للبيض تحت ظباتهن صلول
الظبة: طرف السيف. مضربه: ما بين الطرف إلى وسطه.
44 لو أن جمعكم غداة مخاشن ... يرمى به حضن لكاد يزول
مخاشن: جبل بالجزيرة، وحضن: جبل بالعالية.
45 لولا الخليفة يا أخيطل ما نجا ... أيام دجلة شلوك المأكول
الشلو: البقية، يعني بقية قومك الذين بقوا كأن سيعاد عليهم فيقتلون
46 قيس تزيد على ربيعة في الحصى ... وجبال خندف بعد ذاك فضول
47 كذب الأخيطل ما لنسوة تغلب ... حامي الذمار وما يغار حليل
48 ترك الفوارس من سليم نسوة ... عجلًا لهن على الرَّحوب عويل
هذا يوم الرّحوب ويوم مخاشن ويوم البشر واحد، كان للجحَّاف.
يوم الرحوب:
وكان سبب هذا اليوم: أنه لما كان سنة ثلاث وسبعين، وقتل عبد الله ابن الزبير، هدأت الفتنة، واجتمع الناس على عبد الملك.
وتكافت قيس وتغلب عن المغازي بالشام والجزيرة، وظن كل واحد من الفريقين أن عنده فضلًا لصاحبه، وتكلم عبد الملك في ذلك ولم يحكم الصلح في ذلك فبينا هم على تلك الحال إذ أنشد الأخطل عبد الملك - وعنده وجوه قيس - قوله:
ألا سائل الجحاف هل هو ثائر ... بقتلى أصيبت من سليم وعامر
حتى أتى على آخرها. فنهض الجحاف بن حكيم السلميّ يجر مطرفه حتى خرج من عند عبد الملك. ثم شخص من دمشق حتى أتى منزله بباجروان بأرض البليخ، والبليخ نهر إلى الرقة والفرات في قبلة البليخ، وبين باجروان وبين شط الفرات ليلة - ثم جمع قومه بها، وقال: إن أمير المؤمنين استعملني على صدقات تغلب، فانطلقوا معي. فارتحلوا معه لا يعلمهم ما يريد، وجعلت امرأته عبلة تبكي حين ودعته. ثم أتى بهم شط الفرات منازل بني عامر ابن كلاب، فقال لهم مثل ذلك، وجمعهم، ثم ارتحلوا معه، فقطع بهم الفرات إلى الرصافة - وقال: وبينها وبين شط الفرات ليلة وهي في قبلة الفرات - حتى إذا كانوا بالرصافة، قال لهم: إنما هي النار أو العار، فمن صبر فليقدم ومن كره فليرجع. قالوا: ما بأنفسنا رغبة عن نفسك. فأخبرهم بما يريد، فقالوا: نحن معك فيما كنت فيه من خير أو شر، فارتحلوا، فطرقوا صهين بعد رؤبة من الليل - وهو في قبلة الرصافة، بينهما ميل - ثم صبّحوا عاجنة الرحوب وهو في قبلة صهين - والبشر: واد لبني تغلب، وإنما سمي البشر برجل من بني النمر بن قاسط عم بكر وتغلب ابني وائل بن قاسط كان يخفر السابلة به كان يقال له بشر يقطعه من يريد الشام من أرض العراق بين مهب الدبور والصبا معترض بينهما تفرغ سيوله في عاجنة الرحوب وبينهما فرسخ ومن عاجنة الرحوب ومن الرصافة ثلاثة فراسخ والبشر في قبلة عاجنة الرحوب ودمشق في قبلة البشر، ثم أغاروا على بني تغلب بماء لهم بين البشر والشام ليلًا فقتلوهم وبقروا النساء وقتلوهن: من كانت حاملًا بقروها ومن كانت غير حامل قتلوها، فهو يوم البشر ويوم عاجنة الرحوب ويوم مخاشن وهو جبل إلى جنب البشر وهو يوم مرج السَّلوطح لأنه بالرحوب، فحكى عن مسلم بن ربيعة أبي إسحاق بن مسلم العقيلي قال: دخلت بيتًا من بيوت بني تغلب ولا أرى شيئًا من الظلمة، فلمست بيدي في نواحي البيت أطلب أن تقع يدي على رجل، فبينا أنا ألمس إذا وقعت يدي على شعر إنسان وأخذت به فقال: إني أعوذ بالله منك الليل، فقتل: ما أعاذك الله مني فأخرجته، فإذا امرأة فقتلتها، وقتل أبو الأخطل في تلك الليلة فهو قول جرير:
شربت الخمر بعد أبي غياث ... فلا نعمت لك النشوات بالا
وهرب الجحاف بعد فعله، فتبعه عبيدة بن همام التغلبي، فلحقه دون الدرب وهو يريد الروم. فعكر عليه، فهزمه وهزم أصحابه، وقتلهم الجحاف، فمكث الجحاف زمينًا في الروم. حتى سكن غضب عبد الملك، وكلمته القيسية ولان، ولكمته في أن يؤمنه، فتلكأ، فقيل: إنا والله ما نأمنه على المسلمين أن يأتي بالروم! فأمنه، وقد كان عامة أصحابه تسللوا إلى منازلهم فأقبل فيمن بقي من أصحابه.
فلما قدم على عبد الملك، لقيه الأخطل فأنشده الجحاف:
أبا مالك هل لمتني مذ حضضتني ... على القتل أم هل لامني لك لائم
فزعموا أن الأخطل قال: أراك بالله شيخ سوء. ورأى عبد الملك أنه إن تركهم على حالهم أنه لم يحكم الأمر. فأمر الوليد بن عبد الملك فحمل الدماء التي كانت قبل ذلك بين قيس وتغلب، وضمن الجحاف قتلى البشر، وألزمها إياه عقوبة له.
فقال الأخطل في تصداق ذلك:
لقد أوقع الجحاف بالبشر وقعة ... إلى الله فيها المشتكى والمعول
فأدى الوليد الحمالات، ولم يكن عند الجحاف ما حمل، فلحق بالحجاج بالعراق يسأله لأنه من هوازن، فسأل الاذن على الحجاج فمنعه، فلقي أسماء بن خارجة الفزاري فعصب حاجته به. فقال: إني لا أقدر لك على منفعة، قد علم الأمير بمكانك، وأبى أن يأذن لك فقال: لا والله لا ألزمها غيرك أنجحت أو نكدت. فلما بلغ ذلك الحجاج قال: ما له عندي شيء فأبلغه ذلك، فقال: وما عليك أن تكون أنت الذي تؤيسه فإنه قد أبى، فأذن له، فلما رآه قال:
أعهدتني خائنًا لا أبالك؟ قال: أنت سيد هوازن، وبدأنا بك وعمالتك خمسمائة ألف في كل سنة، وما بك بعدها حاجة إلى خيانة.
قال: أشهد أن الله وفقك وأنك نظرت بنور الله، صدقت فلك نصفها العام فأعطاه وأدوا البقية.
ثم استأذن الجحاف في الحج فأذن له، فخرج في تلك الجلة من الشيوخ التي شهدت الوقعة، وفعلوا الأفاعيل.
فخرجوا قد أبروا آنفهم يمشون من الشام محرمين يلبون. فلما قدموا المدينة، خرج أهل المدينة والنظارة ينظرون إليهم ويتعجبون منهم، فلما قدموا مكة، تعلقوا بأستار الكعبة وقالوا: اللهم اغفر لنا ولا نراك تفعل. قال: فقال ابن عمر: ليأسكم من قبول التوبة أشد عليكم من ذنوبكم. فقيل له: هذا الجحاف وأصحابه. فسكت وتم الصلح.
49 إذ ظل يحسب كل شخص فارسًا ... ويرى نعامة شخصه فيجول
ويروى: ويرى نعامة ظلَّه: جعل اسمه نعامة. نعامة ظلَّه: شخصه، يريد أن يفرق من ظله لما وقع به.
50 رقصت بعاجنة الرَّحوب نساؤكم ... رقص الرِّئال وما لهن ذيول
يريد أنهن خرجن جافلات كالنعام هوارب لا يوارين أسوقهن.
51 أين الأراقم إذ تجر نساءهم ... يوم الرَّحوب محارب وسلول
الأراقم بنو بكر بن حبيب ومحارب بن خصفة بن قيس بن عيلان. وسلول: هم بنو مرة بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، وسلول أمهم غلبت عليهم.
52 والتغلبية والصليب على استها ... رجس موقَّعة العجان ذلول
التوقيع: الأثر كأثر الدَّبر: وهو أن ينبت الشعر خلاف لون الجلد.
53 باتت تعانقه وبات فراشها ... خلق العباءة في الدماء قتيل
يقال: عباءة وعباية، وصلاءة وصلاية، وعظاءة وعظاية وسقاءة وسقاية وحكاه أبو توبة عن أبي زيد. وفراشها: زوجها.
54 فسخ العباء وريح نسوة تغلب ... عدس يقرقر في البطول وفول
فسخ: كشف، والفول: الباقليّ.
55 فإذا تدارك رأس أشهب شارف ... في الحاويات وحمَّص مبلول
الأشهب: أراد الخنزير. والشارف: المسن. والحاويات: الدَّوارات في البطن يسمّيها الناس بنات اللبن، واحدها حاوية.
56 نادت بيالمحارب ويكفُّها ... عرضٌ كأن نطاقه مملول
العرض: البدن، والعرض: مخارج العرق، يقال فلان طيّب العرض ومنتن العرض: أراد رائحة العرق بعينه. والنطاق: الإزار، المملول: المشويّ، كأنه ملَّ بالنار ولم يرد الإزار بعينه وإنما أراد المؤتزر لسواده.
57 أبناؤهنَّ أقل قوم حرمة ... عند الشراب وما لهنَّ عقول
58 سفيه الأخيطل إذ يقي بعجوزه ... كير القيون كأنها منديل
الكير: كير الحداد الذي يعمل فيه الحديد يسميه الناس كورًا.
وكان سبب الشر بينهما أن الأخطل وفد على بشر بن مروان، فدعاه محمد بن عمير بن عطارد، فسقاه وكساه، وقال له: إن سألك الأمير عن جرير والفرزدق ففضل الفرزدق. فاجتمعوا عند بشر، فقال بشر: يا أخطل، أي الرجلين أشعر؟ فقال: أما الفرزدق فينحت من صخر، وأما جرير فيغرف من بحر. فقال جرير: اقذف الصخرة في البحر تغرق. فكان هذا سبب الشر بينهما، فقال:
يا ذا العباءة إن بشرًا قد قضى ... أن لا تجوز شهادة السكران
59 قد كان في جيف بدجلة حرِّقت ... أو في الذين على الرَّحوب شغول
60 وكأن عافية النسور عليهم ... حج بأسفل ذي المجاز نزول
العافية: الغاشية التي تغشى لحومهم. وذو المجاز: كان موسمًا من مواسم العرب عظيمًا، كان عكاظ. وذو المجاز ومجنة من أعظم أسواق العرب.
61 أهلكت قومك إذ حضضت عليهم ... ثم انتهيت وفي العدو ذحول
62 قبِّحت موتورًا وطالب دمنة ... بالحضر تشرب تارة وتبول
الدمنة: الذَّحل وكذلك الميرة والسخيمة والحسينة والحسيكة والضب والوغم والوغر واحد.
63 وشربت بعد أبي ظهير وابنه ... سكر الدِّنان كأن أنفك ثيل
وكان عمارة يروي: بعد أبي غياث: يعني أبا الأخطل، قتل يوم البشر. والثيل: وعاء ذكر البعير.
64 قل للأخيطل لا عجوزك أنجبت ... في الوالدات ولا أبوك فحيل
الفحيل: الفحل الكريم المنجب.
65 قصرت يداك عن الفعال وطالما ... غالت أباك عن المكارم غول
66 تفد الوفود وتغلب منفية ... خلف الزوامل والعواتق ميل
يريد أن عواتقهم موائل من حملهم الأعدال، لأنهم أجراء.
وروي هذين البيتين عمارة، ولم يروهما أبو عبد الله.
67 يدعى إذا نزلوا ليأخذ زاده ... ويقال إنك للضياع مخيل
المخيل: الخليق للأمر.
68 فاجمع أشظَّتها إلى أقتابها ... واخرج، فما لك في الرحال مقيل
الأشظة: جمع شظاظ: وهو عود في عروتي العكم.
69 من كل أشمط لا يني مستأجرًا ... ما شمَّ تودية الصرار فصيل
التودية: العود يشد على خلف الناقة. والذئار: بعرة أو صوفة أو وبرة تجعل على رأس الخلف لئلا يعنت. والصرار: الخيط، يجعل عليه: يشد به.
70 حظ الأخيطل من تلمُّسه الرُّشا ... في الرأس لامعة الفراش دحول
يريد: حظه شجَّة توضح فراش رأسه. والفراش: عظام صغار إذا كسر الرأس تطايرت. والدحول: التي في جانبها غيران.











مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید