المنشورات

حيّ الديار على سفي الأعاصير ... أستنكرتني أم ضنت بتخبيري

قال يمدح يزيد بن عبد الملك:
1 حيّ الديار على سفي الأعاصير ... أستنكرتني أم ضنت بتخبيري
الأعاصير: الرياح المغبرة التي تسمى الزوبعة واحدها إعصار. والسفي: ما سفت عليها من التراب.
2 حيّ الديار التي بلى معارفها ... كلَّ البلي نفيان القطر والمور
نفيانه: رشاشه. والمور: التراب.
3 هل أنت ذاكرة عهدًا على قدم ... أسقيت من سبل الغرِّ المباكير
الغر: البيض. والمباكير: جمع مبكار: وهو السحاب. الوسمي: الذي يسم الأرض في أول السنة.
4 هل تعرف الربع إذ في الربع عامره ... فاليوم أصبح قفرًا غير معمور
5 أو تبصران سنا برق أضاء لنا ... رمل السُّمينة ذا الأنقاء والدور
الأنقاء: ما ارتفع طولا. والدور: ها هنا وهاد في الرمل تكتنفها الجبال.
6 ما حاجة لك في الظعن التي بكرت ... من دارة الجأب كالنخل المواقير
أراد التعجب، أي: وأية حاجة لك. ودارة الجأب لبني تميم، والجأب في غير هذا المغرة وهو المكر أيضًا. والدارات في بلاد العرب ست عشرة منها دارة الجأب، ودارة الدور، ودارة الذئب، ودارة القلتين، ودارة الكور، ودارة صلصل، ودارة رفرف، ودارة قطقط، ودارة جلجل، ودارة مأسل، ودارة الخرج، ودارة خنزر، ودارة مكمن، ودارة وشحى، ودارة الجمد، ودارة يمعون. ويقال أوقر النخل فهو موقر.
7 كاد التذكر يوم البين يشعفني ... إن الحليم بهذا غير معذور
8 ماذا أردت إلى ربع وقفت به ... هل غير شوق وأحزان وتذكير
9 ما كنت أول محزون أضر به ... برح الهوى وعذاب غير تفتير
10 تبيت ليلك ذا وجد تخامره ... كأن في القلب أطراف المسامير
11 يا أم حزرة إن العهد زيَّنه ... ودٌّ كريم وسر غير منشور
12 حيَّيت شعثًا وأطلاحًا مخدمة ... والميس منقوشة نقش الدنانير
يريد أن خيالها اعتاده وقت التعريس. والشعث: هو وأصحابه.
والأطلاح: الإبل المعيية، وكانوا يشدون النعال في أرساغ الإبل وذلك الموضع المخدّم. والخدمة: الخلخال وهو الخدام، ونقشها: ما عليها من قطوعها.
13 هل في الغواني لمن قتَّلن من قود ... أو من ديات لقتلى الأعين الحور
14 يجمعن خلقًا وموعودًا بخلن به ... إلى جمال وإدلال وتصوير
15 أما يزيد فإن الله فهَّمه ... حكمًا، وأعطاه ملكًا واضح النور
16 سرنا من الدام والروحان والأدمى ... ننوي يزيد يزيد المجد والخير
17 عيديةٌ برحال الميس تنسجها ... حتى تفرَّج ما بين المسامير
العيدية: نسبها إلى مهرة العيديّ بن ندعى بن مهرى بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة. ونسجها: تحريكها له وهزُّها. وروى أبو عبد الله: تسمكها.
18 خوص العيون إذا استقبلن هاجرة ... يحسبن عورًا وما فيهن من غور
أي ما فيهن عوراء.
19 تخدي بنا العيس والحرباء منتصب ... والشمس والجةٌ ظلَّ اليعافير
20 من لك شوساء لما خش ناظرها ... أدنت مذمَّرها من واسط الكور
الشوساء: التي تنظر بمؤخر عينها من جذب الزمام - والخشاش يقع على عرق الناظر، والناظران يكتنفان الأنف، فإذا خشت لان رأسها.
والمذَّمّران: العلباوان يشرفان على الأخدعين، فإذا جذب الخشاش ألقت رأسها على واسط الرحل وهو كالقربوس من السرج.
21 ما كاد تبلغ أطلاح أضر بها ... بعد المفاوز بين البشر والنير
والنير: جبل بحمى ضريّة. والبشر بالجزيرة.
22 من المهارى التي لم يفن كدنتها ... كرُّ الرَّوايا ولم يحدجن في العير
كدنتها: لحمها وسمنها، والكدن في غير هذا الموضع: مركب من مراكب النساء. والراوية التي يستقي عليها. يقول: إنما هي نجيبة، ليست براوية ولا بحاملة ميرة وهي العير التي يمتار عليها.
23 صبَّحن في الركب إن الركب قحَّمهم ... خمس جموح فهذا ورد تبكير
التقحّم: طيّ منقلتين في منقلة. وجمع بهن: حملهنَّ على التعب والحتف.
24 قفر الجبا لا ترى إلا الحمام به ... من الأنيس خلاءً غير محضور
25 تنفي دلاء سقاة القوم إذ وردوا ... كالغسل عن جمِّ طام غير مجهور
الغسل: الخطميّ. شبه خضرة الماء في أجونه وتغيره بالخطمى. وجمة الماء: مجتمعه، وطموّه: ارتفاعه. والمجهور: المكشوف، والمجهور: المنزوح، وأنشد:
إذا وردنًا آجنًا جهرناه ... وإن نزلنا خاليًا عمرناه
26 كأن لونًا به من زيت سامرة ... أو لون ورد من الحنَّاء معصور
وروى أبو عبد الله: كأن لونًا به زيت يغامره.
27 لما تشوّق بعض القوم قلت لهم ... أين اليمامة من عين السواجير
السواجير: من عمل منبج.
28 زوروا يزيد فإن الله فضله ... واستبشروا بمريع النبت محبور
29 لا تسأموا للمطايا ما سرين بكم ... واستبشروا بنوال غير منزور
30 واستمطروا نفحات غير مخلفة ... من سيب مستبشر بالملك مسرور
31 سرنا على ثقة حتى نزلت بكم ... مستبشرًا بمريع النبت ممطور
32 لما بلغت إمام العدل قلت لهم ... قد كان من طول إدلاجي وتهجيري
يقول: قد كان إدلاجي وتهجيري طويلا.
33 فاستوردوا منهلاً ريان ذا حبب ... من زاخر البحر يرمى بالقراقير
34 لقد تركت فلا نعدمك إذا كفروا ... لابن المهلب عظمًا غير مجبور
35 يا بن المهلب إن الناس قد علموا ... أن الخلافة للشم المغاوير
36 لا تحسبن مراس الحرب إذ خطرت ... أكل القباب وأدم الرُّغف بالصير
القباب: الكنعد والصير: الصحناة.
37 خليفة الله إني قد جعلت لكم ... غرًّا سوابق من نسجي وتحبيري
38 لا ينكر الناس قدمًا أن تعرفهم ... سبقًا إذا بلغوا نحز المضامير
النحز: ضربك بالعقبين في دفَّي البعير والفرس.
39 زان المنابر واختالت بمنتجب ... مثبَّت بكتاب الله منصور
40 في آل حرب وفي الأعياص منبته ... هم ورَّثوك بناءً عالي السور
حرب بن أمية بن عبد شمس. والأعياص: العاصي وأبو العاصي والعيص وأبو العيص بنو أمية وكانت أم يزيد عاتكة بنت يزيد بن معاوية وأمها أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس.
41 يستغفرون لعبد الله إذ نزلوا ... بالحوض منزلًا إهلال وتكبير
هذا عبد الله بن عامر صاحب حياض عرفات، وإنما كان يحمل الناس من منى إلى عرفات وهو تصدق بسوق البصرة على أهلها فليس على البصرة خراج.
42 يكفي الخليفة أن الله فضله ... عزم وثيق وعقد غير تغرير
43 ما ينبت الفرع نبعًا مثل نبعتكم ... عيدانها غير عشَّات ولا خور
العشَّة: الدقيقة التي لا ورق عليها. والخور: الضعاف.
44 قد أخرج الله قسرًا من معاقلهم ... أهل الحصون وأصحاب المطامير
45 كم من عدو فجذَّ الله دابرهم ... كادوا بمكرهم فارتدّ في بور
البائر: الدامر.
46 وكان نصرًا من الرحمن قدّره ... والله ربك ذو ملك وتقدير
هذه القصيدة قالها في يزيد بن عبد الملك، ذكر ذلك عمارة، وتصداق ذلك ذكره آل المهلب فيها. وأما أبو عبد الله: فزعم أنه قالها في هشام.















مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید