المنشورات

انظر خليلي بأعلى ثرمداء ضحى ... والعيس جائلة أغراضها خنف

قال يمدح يزيد بن عبد الملك ويهجو آل المهلّب:
1 انظر خليلي بأعلى ثرمداء ضحى ... والعيس جائلة أغراضها خنف
العيس: البيض من الإبل الصغر القوائم. وثرمداء: في بلادهم موضع. والأغراض جماعة غرضة: وهي حزمها. والخنف: التي تلعب برؤوسها من نشاطها.
2 أستقبل الحي بطن السر أم عسفوا ... فالقلب فيهم رهين أينما انصرفوا
السر في بلاد تميم. يقول: أقصدوا قصد السر أم اعتسفوا الطريق على غير هدى، والعسف: الجور.
3 من نحو كابة تحتث الحداة بهم ... كي يشعفوا آلفًا صبًّا فقد شعفوا
كابة: في بلاد بني تميم.
4 إن الزيارة لا ترجى ودونهم ... جهم المحيَّا وفي أشباله غضف
المحيا: الوجه، والجهم: الكريه، شبه قيَّمها بالأسد. والغضف: استرخاء الأذن إلى مؤخرها فإذا غضفها هو إلى قدَّامها فهو غاضف، يقال منه غضف يغضف غضفًا إذا فعل ذلك هو، فإن كان خلقة فهو غضف يغضف غضفًا، ويقال من الخلقة أغضف وغضف، ومن فعله: غواضف وغضف.
5 آلوا عليها يمينًا لا تكلمنا ... من غير سوء ولا من ريبة حلفوا
6 يا حبذا الخرج بين الدام فالأدمى ... فالرِّمث من برقة الروحان فالغرف
الخرج: من عمل اليمامة. والدام والأدمى والروحان: من بلاد بني سعد. والرِّمث من الحمض شبيه بالأشنان ثقيل الرائحة. والغرف: الثمام.
7 ألمم على الربع بالترباع غيَّره ... ضرب الأهاضيب والنآجة العصف
الترباع: ماء لبني يربوع. والأهاضيب: الأمطار. والنآجة: الرياح المختلفة تنأج من كل وجه، نأجت تنأحج نأجًا.
8 كأنه بعد تحنان الرياح به ... رقٌّ تبيَّن فيه اللام والألف
اللام والألف التي تبين الفعل لهما.
9 خبِّر عن الحي سرًّا أو علانية ... جادتك مدجنة في عينها وطف
المدجنة الماطرة. والعين عين السحاب مما يلي المغرب. والوطف: دنو السحاب وانخفاضه وتقاربه من الأرض فإذا كان كذلك لم يخلف. ويروى: في غيثها: والغيث: السحاب بعينه، والغيث: الكلأ، والغيث: المطر.
10 ما استوصف الناس عن شيء يروقهم ... إلا أرى أم عمرو فوق ما وصفوا
يروقهم: يعجبهم، وجوار روقة وغلام روقة. والترويق: أن تبيع الثوب إذا أخلق وتزيد عيه وتشتري مكانه آخر وتلك الزيادة هي الترويق، والمعجب: المروق، التثنية والجمع واحد. والرائق: المعجب.
11 كأنها مزنة غراء رائحة ... أو درَّة لا يواري ضوءها الصَّدف
ويروى: لونها. والمزنة: السحابة البيضاء وهي الغراء.
12 مكسَّوة البدن في لبٍّ يزيّنها ... وفي المناصب من أنيابها عجف
البدن: الضخم، يقال امرأة بادنة: حسنة البدن، وقد بدنت تبدن بدنًا، وكذلك الرجل إذا كبر وثقل فقد بدَّن تبدينًا، يقال رجل بدن وأنشد للأسود بن يعفر:
هل لشباب بان من مطلب ... أم ما بكاء البدن الأشيب
وقال حميد الأرقط:
وكنت خلت الشيب والتبدينا ... والهم مما يذهل القرينا
ومناصب الأسنان: منابتها، يريد أنها عجفاء اللثة ليست بباثعة،
والباثعة: الوارمة، وكذلك الثَّتنة، وقال حسين بن مطير:
بمرتجة الأرداف هيف خصورها ... رقاق ثناياها عجاف قيودها
والقيود: التي بين الأسنان، أراد اللحم. وعجافًا بالنصب أجود، أي في حال عجفها عذبت ثناياها.
13 تسقى امتياحًا ندى المسواك ريقتها ... كما تضمَّن ماء المزنة الرَّصف
الامتياح: استخراجها ريقها بالسواك، وهو من امتياح المائح: وهو نزوله البئر إذا قل ماؤها فيملأ الدلو ويجذبها، والمانح الذي في أعلى البئر. والرصف: الحجارة المتقاربة المرصوفة بعضها إلى بعض، فشبه ريقها وعذوبته بعذوبة ذلك الماء.
14 قال العواذل هل تنهاك تجربة ... أما ترى الشيب والأخدان قد دلفوا
الدليف والدَّلفان واحد، يقال: دلف يدلف دليفًا ودلفانًا: وهو تقارب الخطو من كبر أو ضعف أو مرض.
15 أما تلمُّ على ربع بأسنمة ... إلا لعينيك جارٍ غربه يكف
أسنمة: في بلاد تميم. وغربه: سيلانه.
16 يا أيها الربع قد طالت صبابتنا ... حتى مللنا وأمسى الناس قد عزفوا
عزفت نفسي عن الشيء: إذا انصرفت عنه، تعزف عزوفًا، وعزفت الجنُّ تعزف عزيفًا وعزف المغني عزفًا. ويروى: عرفوا.
17 قد كنت أهوى ثرى نجد وساكنه ... فالغور غورًا به عسفان فالجحف
عسفان: على مرحلتين من مكة إلى المدينة، والجحفة: على ثلاث مراحل والجحفة: أول الغور إلى مكة، وكذلك هي من الوجه الآخر إلى ذات عرق، أول الغور من طريق العراق: ذات عرق، وأول الغور من طريق المدينة الجحفة.
18 لما ارتحلنا ونحو الشام نيتنا ... قالت جعادة هذي نيَّة قذف
النية: الوجه، والقذف: البعيدة. وجعادة: بنت جرير.
19 كلفت صحبي أهوالًا على ثقة ... لله درُّهم ركبًا وما كلفوا
يريد لله درّهم ودرّ ما كلفوا.
20 ساروا إليك من السَّهبى ودونهم ... فيحان فالحزن فالصَّمان فالوكف
السهبى: هي أعلى بلاد بني تميم. وفيحان هناك في بلاد بني سعد. والحزن ليربوع والصمان لدارم. وقال: الوكف إذا انحدرت من الصمان وقعت في الوكف وهو منحدرك إذا خلفت الصمان. والوكف: ما انخفض من الأرض وانهبط، ويقال في عقله وكف: إذا كان ضعيفًا.
21 يزجون نحوك أطلاحًا مخدَّمة ... قد مسَّها النكب والأنقاب والعجف
الأطلاح: الحسرى، واحدها طليح وطالح. والمخدَّمة: المنعلة تشد سيورها إلى أرساغها وذلك التخديم. والنكب: نكب المنسم والنقب في الخفّ وهو في الأظل وهو باطن خف البعير. والعجف: الهزل، يقال منه عجِف يعجَف، وعَجفُ يعجُف.
22 في سير شهرين ما يطوى ثمائلها ... حتى يشد إلى أغراضها السُّنف
الثمائل: ما في بطونها من علفها. وأغراضها: حزمها، واحدها غرضة.
والسُّنف: جمع سناف، فإذا ضمر البعير وقلق غرضه وتأخر رحله سنف: وهو أن يشدّ غرضه إلى مقدّم رحله يوشَّح به من جانبي عنقه.
23 ما كان مذ رحلوا من أهل أسنمة ... إلا الذميل لها ورد ولا علف
الذميل: ضرب من السير فوق العنق.
24 لا ورد للقوم إن لم يعرفوا بردي ... إذ تجوّب عن أعنقاها السدف
بردي: نهر بدمشق. والتجوّب: التكشُّف. والسدف ها هنا: الظلمة.
25 صبَّحن توماء والناقوس يقرعه ... قسُّ النصارى حراجيجًا بنا تجف
توماء: من عمل دمشق. ويروى: تيماء: وهو اليوم لطيء وأخلاط من الناس لبني بحتر خاصة، وهو ما بين الحجاز والشام. والوجيف: سير رفيع. والحراجيج: الضوامر واحدها حرجوج يقال وجف يجف وجيفًا.
26 يا بن الأروم وفي الأعياص منبتها ... لا قادح يرتقي فيها ولا قصف
الأرومة: الأصل. والأعياص: التفاف الشجر وغصونه. والقادح: العفن يكون في العود. والقصف: الضعف.
27 إني لزائركم ودًّا وتكرمةً ... حتى يقارب قيد المكبر الرَّسف
الرسف: مشي المقيد، يقال رسف يرسف رسفًا ورسيفًا ورسفانًا.
28 أرجو الفواضل إن الله فضلكم ... يا قبل نفسك لاقى نفسي التلف
29 ما من جفانا إذا حاجاتنا نزلت ... كمن لنا عنده التكريم واللَّطف
30 كم قد نزلت بكم ضيفًا لتلحفني ... فضل اللحاف ونعم الفضل يلتحف
يقول: لحفتني فضل لحافك: أي أعطيتني فضل عطائك وجودك، وهذا مثل، وعمارة يقول: فرفَّلني فل اللحاف، والترفيل من السودد وهو من التسويد.
31 أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية ... ما في عطائهم منٌّ ولا سرف
السرف: الخطأ والإعطاء في غير وجهه، يقال: أردت بني فلان فسرفتهم: أي أخطأتهم. وهنيدة: مئة. يحدوها: يسوقها ثمانية أعبد.
32 كومًا مهاريس مثل الهضب لو وردت ... ماء الفرات لكاد البحر ينتزف
الكوم: العظام الأسنمة. والمهاريس: الرغاب الكثيرة الأكل واحدها مهراس.
33 جوف الحناجر والأجواف ما صدرت ... عن معطن الماء إلا حوضها رشف
جوف الحناجر: عظيمات الحناجر. معطن الماء: حيث تبرك الشاربة إذا نهلت حتى تعلّ. والرَّشف: الناشف.
34 بالصيف يقمع مثلوث المزاد لها ... كأنهم من خليجي دجلة اغترفوا
مثلوت المزاد: عمل من ثلاثة آدمة والقمع: أن يجعل في أفواه الأسقية الأقماع لأن يجعل فيها اللبن.
35 إني شكرت وقد جرّبت أنكم ... على رجال وإن لم يشكروا عطف
36 يا رب قوم وقوم حاسدين لكم ... ما فيهم بدلٌ منكم ولا حلف
37 إن القديم وأسلافًا تعد لكم ... نعم القديم إذا ما عد والسَّلف
38 حرب وآل أبي العاصي بنوا لكم ... مجدًا تلادًا وبعض المجد مطَّرف
39 ما بن العواتك خير العالمين أبًا ... قد كان يدفئني من ريشكم كنف
أراد: عاتكة بنت يزيد بن معاوية وهي أمه وأم قصي عاتكة.
مطَّرف: مستحدث. الكنف: ما يكنفه ويحوطه.
40 إن الحجيج دعوا يستمتعون به ... تكاد ترجف جمعٌ كلما رجفوا
41 وما ابتنى الناس من بنيان مكرمة ... إلا لكم فوق من يبني العلا غرف
42 ضخم الدَّسيعة والأبيات غرته ... كالبدر ليلة كاد الشهر ينتصف
43 الله أعطاك فاشكر فضل نعمته ... أعطاك ملك التي ما فوقها شرف
44 هذي البرية ترضى ما رضيت لها ... إن سرت ساروا وإن قلت اربعوا وقفوا
45 هو الخليفة فارضوا ما قضى لكم ... بالحق يصدع ما في قوله جنف
يصدع: يظهر، ويمضي مضاءه. والجنف: الميل، يقال جنف يجنف جنفًا.
46 يقضي القضاء الذي يشفي النفاق به ... فاستبشر الناس بالحق الذي عرفوا
47 أنت المبارك والميمون سيرته ... لولا تقوِّم درء الناس لاختلفوا
48 سربلت سربال ملك غير مبتدع ... قبل الثلاثين إن الخير مؤتنف
المؤتنف: المستقبل. وروى عمارة: وهذا الخير مؤتنف.
49 تدعو فينصر أهل الشام إنهم ... قوم أطاعوا ولاة الحق فائتلفوا
50 ما في قلوبهم نكث ولا مرض ... إذ قذفت محلًا خالعًا قذفوا
51 قد جرّب الناس قبل اليوم أنهم ... لا يفزعون إذا ما قعقع الحجف
ويروى: قعقع. الحجف: ترسة من جلود الإبل.
52 آل المهلب جذَّ الله دابرهم ... أمسوا رمادًا فلا أصل ولا طرف
53 قد لهّفوا حين أخزى الله شيعتهم ... آل المهلب من ذل وقد لهفوا
54 ما نالت الأزد من دعوى مضلِّهم ... إلا المعاصم والأعناق تختطف
55 والأزد قد جعلوا المنتوف قائدهم ... فقتَّلتهم جنود الله وانتتفوا
المنتوف: سالم مولى بني قيس بن ثعلبة، وكان صاحب (أمر) يزيد بن المهلب في حربه.
56 تهوى بذي العقر أقحافًا جماجمها ... كأنها الحنظل الخطبان ينتقف
الأقحاف: القطع، ولا يكون قحفًا إلا مكسورًا. والخطبان: الذي بدا بصفرة: وانتقافه: استخراج ما فيه.
57 إن الخلافة لم تقدر ليملكها ... عبد لأزدية في بظرها عقف
58 كانوا إذا جعلوا في صيرهم بصلا ... واستوسقوا مالحًا من كنعد جذفوا












مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید