المنشورات

عرفت الدار بعد بلى الخيام ... سقيت نجاء مرتجز ركام

قال جرير أيضًا:
1 عرفت الدار بعد بلى الخيام ... سقيت نجاء مرتجز ركام
عمارة كان يقول: نجيّ، والنجيّ والنجاء والنجو واحد وهو الغيث. والمرتجز: الراعد. والركام: المتراكم.
2 كأن أخا اليهود يخط وحيًا ... بكاف في منازلها ولام
3 وقاطعت الغواني بعد وصل ... فقد نزع الغيور عن اتهامي
يقول: كان يتهمني إذ كنت شابًا فيغار عليّ فقد كبرت وأين ذلك.
4 تنازعنا بجدّتها حبالًا ... فنين بلى وصرن إلى رمام
5 وقد خبِّرتهنَّ يقلن فان ... فلا ينظرن من خلل القرام
القرام: الستر. يقول: قد كبرت فلا يتطلعن ولا ينظر إليّ.
6 وقد أقصرت عن طلب الغواني ... وقد آذنَّ جبلي بانصرام
7 إذا حدثتهن هزئن مني ... ولا يغشين رحلي في المنام
8 لقد نزل الفرزدق دار سعد ... ليالي لا يعفّ ولا يحامي
9 إذا ما رمت ويل أبيك سعدًا ... لقيت صيال مقرمة سوام
10 هم قتلوا الزبير فلم تنكِّر ... ودقُّوا حوض جعثن في الزحام
اشتق جعثن من أصول الصّلّيّان يقال له الجعثن.
11 أضيئوا للفرزدق نار ذل ... لينظر في أشعارها الدوامي
الأشاعر: جمع أشعر: وهو منبت العانة على الاسكتين، يريد أنهم أدموها.
12 وهم جروا بنات أبيك غصبًا ... وما تركوا لجارك من ذمام
ويروى: جزُّوا. أبو عبد الله: جروا، يقول: للنكاح، وهي أحب إليّ من جزوا.
13 وحجزة لو تبيّن ما رأيتم ... بعضرطها لمات من الفحام
حجزة بن جعثن. يقول: لو رأى ما رأيتم لبكى حتى يفحم. يقال: فحم يفحم فحومًا إذا بكى حتى ينقطع صوته ويدلّه عقله. وعضرطها: فرجها.
14 وقد شدخوا بواطن حارقيها ... بمثل فراسن الجمل الشآم
الحارقان: أراد بها الاسكتين ها هنا. الحارق في غير هذا: عصبة في الورك فإذا عنتت فعرج منها صاحبها فهو محروق.
15 وإنك لو سألت بنا بحيرا ... وأصحاب المحبَّة عن عصام
بحير بن عبد الله بن سلمة بن قشير: قتل يوم المرُّوت وقد مرَّ حديثه. والمجبة أحد بني أبي ربيعة بن ذهل بن شبيان.
وكان المجبة هذا أغار يوم قحقح هو وعمرو بن القريم أحد بني تيم بن شيبان على بني رياح في جمع من بني شيبان فاطردوا النَّعم. فركب بنو رياح في آثارهم فلحقوا بهم فاقتتلوا، فحمل عصمة بن عمرو بن حميريّ بن رياح على المجبَّة فطعنه فقتله، وحمل حشيش بن نمران ابن سيف بن حميري بن رياح على عمرو بن القريم التيمي فقتله واستنقذوا النَّعم. فقال في ذلك شجاع بن هوذة بن نمران الرياحي:
وإذا لقيت القوم فاطعن فيهم ... عند اللقاء كطعنة المنهال
شك ابن عصمة للرئيس ثيابه ... والقوم بين سوافل وعوالي
16 وذا الجدَّين أزهقت العوالي ... وكل ملَّقص قلق الحزام
ويروى: أزهفت، والمزهف: المقتول المعجل إلى المنية. والإزهاف: التقدم والتعجّل. وذا الجدين: أراد بسطام بن قيس بن مسعود، والإزهاق: القتل بعينه بالقاف.
17 رجعن بهانئ وأصبن بشرًا ... ويوم الصَّمد يوم لها عظام
اللهوة: الشرف، واللهوة: العطاء الكثير، يقال: على فلان مال لا يزهى ولا يلهى ولا يعوى، وعليه عائرة عين من المال وعائرة عينين. واللهوة: ما لهَّيت به الرحى من الحب، واللهوة واللهنة: الطعام الذي يقدَّم قبل الطعام: وهو ما لهَّيت به ولهَّنت به من خف الطعام حتى يدرك، وأنشد:
عجيز عارضها منفلُّ ... طعامها اللُّهنة أو أقل
وهذا يوم خويّ:
وكان من حديث يوم خوي: أن بني ثعلبة بن يربوع أغاروا - ورئيسهم سويد بن شهاب بن عبد قيس بن كباس بن جعفر بن ثعلبة ابن يربوع- على بني قيس بن ثعلبة - ورئيسهم بشر بن عبد عمرو بن بشر ابن عبد عمرو بن مرثد بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة فاقتتل القوم قتالًا شديدًا، فقال سويد لبني يربوع: أنا أكفيكم بشرًا وليفن كل رجل منكم قرنه. فشد سويد على بشر فقتله، وشد رجل من بني يربوع على وائل بن شرحبيل بن عمرو بن مرثد فطعنه، وهزمت بنو قيس. فمروا ببني ضبة وهم منهزمون، فنادوا: يا بني ضبة: من له في رجل قريب الرحم من ولد ماوية بنت خوي بن سفيان بن مجاشع فيصنع فيه معروفًا أو يجيره حتى يبرأ من جراحته؟ يعنون وائل بن شرحبيل وأمه ماوية بنت خوي بن سفيان، فأجاره زيد الفوارس بن الحصين بن ضرار الضبي، ثم تخلى منه، فأرادت بنو يربوع قتله، فاستجار قرواش بن الحارث بن أنس بن صرمة بن زيد بن عمرو الضبي، فأجاره ووفى له حتى رده إلى قومه، ومضى بنو قيس منهزمين، فمروا بجيران لهم بالصَّمان من بني عدَّي بن عبد مناة بن أد. فأخذوا منهم رجلًا فقالوا لحمران أخي بشر ابن عبد عمرو: اقتل هذا بأخيك. فهمّ حمران أن يفعل، فقال أبو مسمع - وهو شيبان بن شهاب بن قلع بن عباد - لحمران، وقد كان خليفة بن المخيط. العدوى أسر شيبان بن شهاب فشكر ذلك لبني عدي وقال لبني قيس بن ثعلبة: أيقتلكم بنو جعفر وتقتلون بني عدي؟ قالت بنو قيس بن ثعلبة: وما يدرينا من قتل صاحبنا؟ فقال شيبان بن شهاب:
أبيِّنة تبغون من بعد علمكم ... وقول سويد قد كفيتكم بشرا
أخذتم عديًّا باطلًا وتركتم ... بني جعفر آبت بطونهم وفرا
فإن يك ظني يابن زينب صادق ... أبا مالك لا تزمعون به غدرا
ابن زينب: حمران بن عبد عمرو.
18 وعار قد تعرض لي متاح ... فدقَّ جبينه حجر المرامي
الإتاحة والتعرض واحد.
19 ضغا الشعراء حين رأوا مدلًا ... إذا امتد الأعنة ذا عذام
العذام: العضاض. ويروى: اعتزام، والاعتزام: تصميمه على الجري.
20 فلما قتَّل الشعراء غما ... أضر بهم وأمسك بالكظام
21 قتلت التغلبي وطاح قرد ... هوى بين الحوالق والحوامي
الحوالق: الشوامخ من الجبال. وحواميها: جوانبها.
22 ولابن البارقيّ قدرت حتفًا ... وأقصدت البعيث بسهم رامي
ابن البارقي: سراقة بن عمرو من الأزد.
23 وأطلعت القصائد طود سلمى ... وصدَّع صاحبي شعبي انتقامي
طود سلمي: جبل سلمي: أحد جبلي طيء. يريد بهجائه الأعور النبهاني.
وصاحب شعبي: أراد العباس بن يزيد الكندي، أراد صاحب شعبي فثناه، وشعبي: هضبة بحمى ضريَّة.
24 ألسنا نحن - قد علمت معدّ - ... نمدُّ مقادة اللجب اللُّهام
اللجب: الكثير الأصوات. واللهام: الذي يلتهم كل شيء.
25 نقيم على ثغور بني تميم ... ونصدع بيضة الملك الهمام
26 وكنتم تأمنون إذا أقمنا ... وإن نظعن فما لك من مقام
27 ونحن الذائدون إذا جبنتم ... من السبي المصبَّح والسوام
28 تفدِّينا نساؤكم إذا ما ... رقصن وقد رفعن عن الخدام
رقصن: ولَّين سراعًا هاربات.
29 تنوطون العلاب ولم تعدُّوا ... ليوم الروع صلصلة اللجام
العلاب: جمع علبة: وهي التي يحلب فيها. أخبر أنهم رعاء.
30 ويوم الشَّيِّطين حباريات ... وأشرد بالوقيط من النعام
هذا يوم الشيطين:
وكان لبكر بن وائل لما ظهر الإسلام من غير أن يكون أهل نجد وأهل العراق أسلموا، فسارت بكر بن وائل قبل السواد وجاءت تميم حتى نزلوا الشيطين، فاستوبأت بكر السواد فأجلوا هاربين، فأقبلوا حتى نزلوا لعلع وهي مجدبة وقد أخصب الشيطان. وكان أكتل بن عبد الله العجلي طلب حاجة في بني نهشل فلم يقضوها فرجع من الشيطين إلى قومه بلعلع فأخبرهم بخصب أرضهم، فاجتمعت على الغارة على بني تميم وقال: إن في دين ابن عبد المطلب من قتل نفسًا قتل بها، فنغير هذه الغارة ثم نسلم عليها. فارتحلوا من لعلع بالذراري والأموال، ورئيسهم بشر بن مسعود بن قيس بن خالد، فأتوا الشيطين في أربع ليال وبينهما ثمان فسبقوا كل خبر حتى صبَّحوهم وهم لا يشعرون، فقاتلوهم فانهزمت بنو تميم فقال رشيد بن رميض العنزي:
وما كان بين الشَّيِّطين ولعلع ... لنسوتنا إلا مناقل أربع
فجئنا بجمع لم ير الناس مثله ... يكاد له ظهر الوريعة يظلع
بأرعن دم تنشد البلق وسطه ... له عارض فيه المنية تلمع
صبحنا به سعدًا وعمرًا ومالكًا ... فظل لهم يوم من الشر أشنع
تقصَّع يربوع بسرَّة أرضها ... وليس ليربوع بها متقصَّع
وقلت ليربوع أسرُّ نصيحة ... ولو أن يربوعًا إذا امتار يرفع
يخلّوا لنا صحن العراق فإنه ... حمى منهم لا يستطاع ممنّع
فزعموا أن بكرًا أتتهم بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا على ما في أيديهم.
31 ونازلنا ابن كبشة قد علمتم ... وذا القرنين وابن أبي قطام
ابن كبشة: حسان الكندي قتل يوم ذي نجب وقد مر حديثه.
وابن أبي قطام: رجل من كندة. وذو القرنين، قابوس بن المنذر، أسر يوم طخفة وكانت له ضفيرتان.
32 وساق ابني هجيمة قد علمتم ... إلى أسيافنا قدر الحمام
ابنا هجيمة: غسانيان قتلهما عتيبة يوم كنهل وقد مر في النقائض.
33 وللهرماس قد تركوا مجرا ... لطير يعتفين دم اللحام.
يعتفين: يطلبن، يقال: عفوت الرجل واعتفيته: إذا طلبت ما عنده.
34 فقتَّلنا جبابرة ملوكًا ... وأطلقنا الملوك على احتكام
35 سيخزى ما حييت ولا يحيَّى ... إذا ما متّ قبرك بالسلام
36 ولو متنا لشد عليك قبري ... بمسموم مضاربه حسام
37 وإنَّ صدى المقرِّ به مقيم ... ينادي الذل بعد كرى النيام
أراد غالب بن صعصعة، زعم أن ابني فقيم قتلاه، فصداه مقيم يصيح حتى يدرك بثأره.
38 سقى جدث الزبير ولا سقاهم ... بعيج الودق منهمر الغمام
البعيج: الكثير السيلان.
39 لأعظم غدرة نفشوا لحاهم ... غداة العرق أسفل من سنام
40 تلومكم العصاة وآل حرب ... ورهط محمد وبنو هشام
العصاة: العاصي وأبو العاصي والعيص وأبو العيص. وآل حرب: بنو أمية بن عبد شمس. وآل محمد صلى الله عليه وسلم وبنو هاشم. وبنو هشام ابن المغيرة المخزوميون.
41 ملو نزل الزبير بنا لجلَّى ... زياد فوارس رهج القتال
42 لخافوا أن تلومهم قريش ... فردوا الخيل دامية الكلام
43 وخالي ابن الأشد سما بسعد ... فجاوز يوم ثيتل وهو سام
أراد: قيس بن عاصم بن سنان، وسنان: هو الأشد بن خالد بن منقر. هذا يوم مسلَّحة وقد مر: وهو يوم النباج وثيتل.
44 فأوردهم مسلَّحتي تياس ... حظيظ بالرياسة والغنام
45 قفيرة وهي ألأم أم قوم ... توفِّي في الفرزدق سبع آم
يقال: أمة وإماء وآم وأموان، كما قالوا: عبد وعباد وعبدان وعبدَّى ومعبدة وعبيد ومعبوداء وأعبد وعبد.
46 بدا شبه الزبابة في بنيها ... وعرق من قفيرة غير نام
الزباب: جنس من الفار كثير شعر الوجه.
47 فإن مجاشعًا فتعرفوهم ... بنو جوخي وخجخج والقذام
جوخي: ضعف. القذام: الهجم على المكروه.
48 وأمهم خضاف تداركتهم ... بذحل في القلوب وفي العظام
49 أصعصع إن أمَّك بعد ليلى .. رواد الليل مطلقة الكمام
الرواد: التي ترود بالليل للسوءات. والكمام: التي يكمّ بها فم البعير إذا كان صؤولا. يخبر أنها غير ممتنعة ولا حاجز لها من نفسها عن الشر،
50 أصعصع قال قينك أردفيني ... وكوني دون واسطة أمامي
يريد بالقين: الفرزدق. يريد أنه ردف مؤخر ليس ممن يركب صدور الإبل.
51 متى تأت الرصافة تخز فيها ... كخزيك في المواسم كل عام
52 تلفَّت وهي تحتك يابن قين ... إلى الكيرين والفاس والكهام
53 تفدِّي عام بيع لها جبير ... وتزعم أن ذلك خير عام
بيع: اشترى ها هنا.
54 ولم تدرك بقتل أبيك فيهم ... ولا بعريش أمك الحطام
55 لقد رحل ابن شعرة ناب سوء ... تعضُّ على الموارك والزمام
الناب: الناقة المسنة. والموارك: جمع مورك: وهو الذي يرك عليه الرجل في مقدم الرحل. يقول: إنه بعير سوء إذا برك فضر به عطف فعض موركة الرحل.
هذا حديث ابني هجيمة
وكان من حديث ابني هجيمة - وهما قيس والهرماس الغسّانيان - أنهما أقبلا في جيش حتى جاورا طارق بن ديسق - أحد بني ثعلبة من يربوع، وكان نازلًا على ماء يقال له كنهل - فأغارت بنو ثعلبة بن يربوع فأخذوا إبلهما وصنائعهما، والصنائع مثل الجند الرابطة تكون مع الملوك - فركب قيس ابن هجيمة، حتى أدرك بني ثعلبة وهم يطردون النعم. فكرّ عليه عتيبة ابن الحارث فقال: يا عتيبة هل لك في البراز؟ فقال عتيبة ما كنت أسأله وما كنت أدعه إذ سئلته. قال قتيلة: فرماني بالفرس، فما رأيت شيئًا قط أكره عندي منه، فطعنني فأصاب قربوس السرج حتى وجدت مسَّ السنان، ثم أرسل رمحه وهو يرى أنه قد أثبتني. ثم انصرف، فأتبعته الفرس: فلما سمع خواته رجع فجنح على قربوسه، فطعنته في العانة، فما انتهت دون القربوس، ثم انصرف عتيبة فلحق بالنعم، وتبعهم الهرماس أخو قيس فوقف على أخيه، ثم تبع عتيبة، فلما لحقه، قال: هل لك في البراز؟ قال: قلت: لعل الرجعة خير لك.
فقال: أبعد قيس؟
ثم حمل عليَّ فضربني على البيضة حتى خلص السيف إلى رأسي، ثم ضربته فقتلته. فقال متمم بن نويرة في ذلك:
وقد علم الهرماس أن سيوفنا ... تقطَّع في هام الملوك وتنشب
علا البيضة العليا على حد قرنه ... عتيبة بالمعلوب غير التجلب
التجلب: التكذب.
أسركما يا ابني هجيمة أنه ... بكنهل إذ لاقاكما متغيب
المعلوب: سيف قد شد قائمه بالعلباء












مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید