المنشورات

أربَّت بعينيك الدموع السوافح ... فلا العهد منسيٌّ ولا الربع بارح

قال جرير يمدح عبد العزيز بن مروان ويهجو الأخطل:
1 أربَّت بعينيك الدموع السوافح ... فلا العهد منسيٌّ ولا الربع بارح
الإرباب: الإقامة واللزوم للشيء.
2 محا طللا بين المنيفة والنقا ... صبًا راحةٌ أو ذو حبيَّين رائح
الراحة: الشديدة الهبوب، يقال: يوم راح وليلة راحة، وقد راح يومنا يراح ريحًا، وقد راح الرجل يراح رووحًا: إذا ارتاح للعطاء وهو الأريحي من الرجال، ويوم ريّح: وهو طيب الريح. والحبى: ما اتصل من السحاب بعضه ببعض وكثف.
3 بها كلُّ ذيّال الأصيل كأنه ... بدارة رهبى ذو سوارين رامح
يقال: سُوار وسِوار، وإسوار للذي يكون في اليد، والرجل أسوار لا غير. شبه الثور بالأسوار من الأعاجم لاختياله في مشيه. والرجل الأسوار: الرامي لا غير: وهو الذي يرمي فلا يخطئ.
4 ألا تذكر الأزمان إذا تتبع الصبا ... وإذا أنت صب والهوى بك جامح
يقال: صبَّ الرجل يصبُّ صبابة.
5 وإذا أعين مرضى لهن رميَّة ... فقد أقصدت تلك القلوب الصحائح
أراد: رمية النساء الرجال.
6 منعت شفاء النفس ممن تركته ... به كالجوى مما تجنُّ الجوانح
7 تركت بنا لوحًا ولو شئت جادنا ... بعيد الكرى ثلج بكرمان ناصح
اللَّوح: العطش، شبه ثغرها لبياضه بالثلج. وناصح: خالص البياض ناصع، وكل شيء خلص من الأشياء كلها فقد نصح ينصح نصوحًا، ونصح الرجل صاحبه نصحًا ونصاحة ونصيحة. ويقال: لاح الرجل يلوح لوحًا: إذا عطش، ولاح الشيء، يلوح لؤوحا: إذا ظهر ولمع.
8 رأيتك مثل البرق تحسب أنه ... قريب وأدنى صوبه منك نازح
شبهها بالبرق الخلَّب له لمعان ولا ماء فيه.
9 إذا حدّثت لم تلف مكنون سرها ... لمن قال إني بالوديعة بائح
10 فتلك التي ليست بذات دمامة ... ولم يعرها من منصب الحي قادح
الذمامة من الذم والدمامة القبح. والقادح: أكل العود وعفنه ودعره فيشبه الحسب المغموز فيه به.
11 تعجَّب أن ناصاني الشيب وارتقى ... إلى الرأس حتى أبيض مني المسائح
ناصاه: صار في ناصيته، وأصل المناصاة: أن يأخذ كل واحد بناصية صاحبه. والمسائح: ما بين الصدغين إلى الجبهة.
12 فقد جعل المفروك لا نام ليله ... يحب حديثي، والغيور المشايح
المفروك: الذي تبغضه النساء. يقول: لما كبرت أمنني على حديث النساء وزيارتهن وأنس بي ووثق. والشِّباح في كل شيء: بلوغ الغاية والجد والانكماش.
13 وما ثغب باتت تصفِّقه الصَّبا ... بسرَّاء نهى أتأقته الروائح
الثَّغب: الماء الناقع بعد انحسار السيل وانقطاعه والجمع ثغبان. والنِّهى: حيث انتهى ووقف. وأتأقته: ملأته، والروائح: السحاب، يعني راحت عليه فملأته.
14 بأطيب من فيها ولا طعم قرقف ... برمَّان لم ينظر بها الشَّرق صابح
القرقف: الخمر التي إذا شربها صاحبها أخذته لها رعدة. يقول: لم ينتظر بها الصبح باكرها فشربها. والشرق: الشمس. ورمَّان: في البلاد كلب وطي.
15 قفا واستجيرا الله أن تشحطا النوى ... غداة جرى ظبي بحومل بارح
16 نظرت بشجعي نظرة فعل ذي هوى ... وأجبال شجعي دوننا والأباطح
17 لأبصرن حيث استوقد الحي بالملا ... وبطن الملام من جوف يبرين نازح
18 إذا ما أردنا حاجة حال دونها ... كلاب العدا منهن عاوٍ ونابح
الكلاب ها هنا الرجال بأعيانهم.
19 ومن أهل ذي بهدى طلبناك رغبة ... لنمتاح بحرًا من بحورك مائح
20 إذا قلت قد كلَّ المطيُّ تحاملت ... على الجهد عيديّاتهنّ الشرامح
رواه عمارة: عيدياتهن نسبهن إلى عيديّ بن مهرة. والشرامح: الطوال.
21 بأعراف موماة كأن سرابها ... على حدب البيد الإضاء الضحاضح
أعراف الفلاة: نشوزها شبه اطِّراد السراب بالإضاء: وهي الغدر واحدها أضاة. والضحاضح: جمع ضحضاح: وهو الماء القليل. والموماة: الفلاة.
22 قطعن بنا عرض السماوة هزَّة ... كما هز أمراسًا بلينة ماتح
السماوة: من بلاد كلب. والهزة: السير الرفيع. والأمراس، الحبال واحدها مرس شبه سرعتها بسرعة الحبال في البكرة إذا متح بها.
23 جريت فلا يجري أمامك سابق ... وبرَّز صلت من جبينك واضح
24 مدحتك يا عبد العزيز وطالما ... مدحت فلم يبلغ فعالك مادح
25 تفدِّيك بالآباء في كل موطن ... شباب قريش والكهول الجحاجح
26 أتغلب ما حكم الأخيطل إذ قضى ... بعدلٍ ولا بيع الأخيطل رابح
هذا حين سأله بشر بن مروان عن جرير والفرزدق ففضل الفرزدق.
27 متى تلق حوَّاطي يحوطون عازبًا ... عريض الحمى تأوى إليه المسالح
العازب: الغيث الذي لم يرع مخافة الأعداء. والمسالح: الخيل وروى أبو عبد الله: تزوي إليه المسارح. تزوي تضمّ وتجمع. والمسارح: المال يرعى
28 أتعدل من يدعو بقيس وخندف ... لعمرك ميزان بوزنك راجح
يقول: من استنصر قيسًا وخندف وافتخر بهم أفتعدله أنت بقومك.
29 يميل حصى نجد عليك ولو ترى ... بغوريِّ نجد غرَّقتك الأباطح
30 فلو مال ميل من تميم عليكم ... لأمَّك صلدام من العزَّ قارح
وروى أبو عبد الله: فادح. والصلدام: الشديد، وكذاك القارح المنتهى شدة كالقارح من الخيل. والآمة من الأميم وهو أن تبلغ الشجة أمَّ الدماغ فيذهب لها العقل.
31 وقلت لنا ما قلت نشوان فاصطبر ... لحذِّ القوافي لم يقلهن مازح
يقول: قضيت بما قضيت عند بشر وأنت سكران. والحذ: الخفاف السراع السوائر في البلاد.
32 فكم من خبيث الريح من رهط دوبل ... بدجلة لا تبكي عليه النوائح
دوبل: لقب لقِّب به الأخطل صغيرًا.
33 تردَّيت في زوراء يرمي بمن هوى ... رؤوس الحوامي جولها المتطاوح
التردي: السقوط في البئر. والزوراء: الملتوية الجراب، وجراب البئر من أعلاها إلى أسفلها. وجول البئر جرابها واحد وحواميها: نواحيها. والمتطاوح البعيد ما بين أعلى البئر وأسفلها وكذلك من الجبل.














مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید