المنشورات

ألا قل لربع بالأفاقين يا اسلم ... يحيَّى على شحط وإن لم يكلَّم

ذكروا أن جريرًا أتاه جفنة من جعفر بن عباية بن شكس الهزّاني يمتدحه، فقال له جرير: إن شئت قلك بعير تختاره من إبلي، وإن شئت فقصيدة بقصيدة فأبى وغضب، وانطلق إلى المرَّار بن منقذ أخي بلغدويَّة، فحمله وأرضاه، فقال جفنة:
لعمرك للمرَّار يوم لقيته ... على النأي خير من جرير وأكرم
فقال جرير يرد عليه:
1 ألا قل لربع بالأفاقين يا اسلم ... يحيَّى على شحط وإن لم يكلَّم
أراد: بالأفاقين يا إسّلم: فليَّين وخفّف كما قال ذو الرمة:
ألا يا اسلمى يا دارميَّ على البلى
وقال الله عز وجل: "ألا يا اسجدوا لله" يريد: ألا يا هؤلاء اسجدوا.
2 ومن يعط ودَّ الغانيات فإنه ... غنيٌّ ومن يحر منه الودَّ يحرم
3 ذعرت علينا اليوم وحشًا غريرة ... ونفّرت من أظلالها وحش مستم
كأنه كان يحدثهن فجاء إنسان فنفرن حين رأينه وتوارين. والمستمي الرجل الذي يطلب الوحش في كنسها وإنما يكون ذلك عند طلوع الشِّعرى والعذرة في أشد ما يكون من الحر، وذاك أنه يجيء إليها وهي لائجة في كنسها فينفّرها فتخرج فتعدو طلقًا في الرمضاء وهي الحصى الصغار، ثم تعود إلى كنسها، فيفعل مثل ذلك بها فإذا جهدها الحر خرقت فلم تبرح كنسها فيدخل عليها فيأخذها.
4 بني عبد عمرو قد فرغت إليكم ... وقد طال زجري لو نهاكم تقدمي
5 بني عبد عمرو قد أصاب أكفَّكم ... مشاظي قناة درؤها لم يقوَّم
مشاظيها: شققها، واحدها مشظًى، والمشظ: التشقق والتسكر إذا مسه إنسان عقره.
6 لقد بعثت هزَّان جفنة وافدًا ... فآب وأحذى قومه شرَّ مغنم
أحذاهم من الحذيا والحذية وهما واحد وهو العطية.
7 فيا راكب القصواء ما أنت صانع ... بهزَّان إذ ألحمتهم شرَّ ملحم
القصواء: الناقة يقطع بعض أذنها من أعلاها، يقال: ناقة قصواء وبعير مقصوٌّ ولا يقال أقصى. واللُّحمة: لحمة السبع التي توضع ليصاد بها، جعلهم كلحمة السبع.
8 كأن بني هزان لما رديتهم ... وبار تضاغت تحت كهف مهدَّم
9 إذا ما علت جوز الفلاة مضرَّة ... على الوبر من هزان لم يترمرم
يريد أن القصيدة تغير عليهم وتضربهم.
10 لعل عجان التيس هزان يبتغى ... علالة سبَّاق الأضاميم مصدم
العلالة: الجري بعد الجري. والأضاميم: الجماعات من الخيل واحدها إضمامة.
11 عوى عبد هزَّان شقاء فقد هوى ... من السُّحق لم تلحق يداه بسلَّم
السحق: جماعة سحوق: وهي الهضبة المرتفعة الشامخة.
12 ورصعاء هزَّانية يخلق ابنها ... لئيمًا إذا ما ماص في اللحم والدم
الرصعاء: الزَّلاَّء التي لا عجيزة لها. وماص: اغتسل، يقال: مص إناءك ومص فمك تموصه موصًا.
13 غليظة جلد الكاذتين تحفشت ... على مثل حرباء الفلاة المعمَّم
الكاذة: ففضل ما بين الإلية والفخذ. وتحفَّشت: اتخذت بيتًا حفشًا: وهو البيت الدميم القصير.
14 من السود أقرابًا كأنَّ عجانها ... أخاديد جفر من هراميت عيلم
القربان والصقلان والإبطان والإيطلان والوشلان: ما اكتنف السرة من عن يمين وشمال. والهراميت: قلب للضِّباب. والعيلم: الكثيرة الماء. والجمع عيالم.















مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید