المنشورات

هل رام أم لم يرم ذو السِّدر فالثَّلم ... ذاك الهوى منك لا دان ولا أمم

قال جرير يمدح عمر بن عبد العزيز:
1 هل رام أم لم يرم ذو السِّدر فالثَّلم ... ذاك الهوى منك لا دان ولا أمم
الأمم: ما بين القرب والبعد وهو أبعد من الداني.
2 إن طلابك شيئًا لست نائله ... جهل وطول لبانات الهوى سقم
3 يا عاذليَّ أقلاَّ اللوم قبلكما ... قال الوشاة فمعصيٌّ ومتَّهم
4 إني ببرقة سلمانيين آنقني ... منها غداة بدت دلًّ ومبتسم
آنقتي يونقني إيناقًا: أعجبني.
5 ذكَّرتنا مسك داريٍّ له أرج ... وبالحنيِّ خزامي طلَّها الرِّهم
البرقة ذات الحجارة والطين، وأصل البرقة: اختلاف اللونين: والحنيّ: واد لبني عوف بن كعب بن سعد من أسافل العرمة، والعرمة: قف أخشن قليل الخبر غليظ. والدَّاريّ: تاجر نسبه إلى دارين بالبحرين. والأرج: الرائحة، والأريجة والأرجة واحد: وهو طيب الرائحة. وطلها: بلها. والرهام: جماعة الرِّهم واحدها رهمة: وهو المطر الركيك.
6 حمَّلت رحلي على الأهوال ناجيةً ... مثل القريع المعنَّي شفه السَّدم
القريع: الفحل يقال فحل مقروع: إذا أعد للضِّراب وصنع
له وفاق غيره، وكذلك قريع القوم. والسَّدم: الحبس عن الضراب، وأصل هذا الماء تدفنه الريح والتراب فيقال: ماء مسدَّم ومياه أسدام، وقد سدم البعير يسدم سدمًا وأسدم الماء. ولا يقال للماء فعل.
7 من الطوامح أبصارًا إذا خشعت ... عنها ذرا علم قالوا بدا علم
8 حتى انتهينا إلى من لن نجاوزه ... تجري الأيامن لا بخل ولا عدم
وروى أبو عبد الله: بحر الأنام فلا منُّ ولا عدم.
9 إلى الأغر الذي ترجى نوافله ... إذا الوفود على أبوابه ازدحموا
10 جاءوا ظماء فقد روى دلاءهم ... فيض يمدُّ من التيار مقتسم
11 أنهض جناحي في ريش فقد رجعت ... ريش الجناحين من آبائك النِّعم
12 أنت ابن عبد العزيز الخير لا رهق ... غمر الشباب ولا أزري بك القدم
13 تدعو قريش وأنصار الرسول له ... أن يمتعوا بأبي حفص وما ظلموا
14 راحوا يحيُّون محمودًا شمائله ... صلت الجبين وفي عرنينه شمم
15 يرجون منك ولا يخشون مظلمةً ... عرفًا وتمطر من معروفك الديم
16 أحيا بك الله أقوامًا فكنت لهم ... نور البلاد الذي تجلى به الظُّلم
17 لم تلق جدًّا كأجداد يعدهم ... مروان ذو النور والفاروق والحكم
18 أشبهت من عمر الفاروق سيرته ... سنَّ الفرائض وائتمت به الأمم
19 ألفيت بيتك في العلياء مكّنه ... أسُّ البناء وما في سوره هدم
أراد هدمًا فحرك.
20 والتف عيصك في الأعياص فوق ربًا ... تجري لهن سواقي الأبطح العظم
21 وفي قضاعة بيت غير مؤتشب ... نعم القديم إذا ما حصِّل القدم
يريد أم عبد العزيز بن مروان: وهي ليلى بنت الأصبغ بن زبَّان الكلبي.
22 وفي تميم له عزُّ قراسية ... ذو صولة صلقم أنيابه تمم
القراسية: الفحل الضخم الخق. والصلقم؛ قرع أنيابه بعضها ببعض، والصلقم أراد الصلق بعينه، والميم ها هنا زائدة، كما قالوا شدقم لاتساع الشدق، وقالوا: عنسل وإنما هي عنس، اللام زائدة، وأراد بتميم ها هنا جدة عمر بن عبد العزيز وأمه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب وأمها ثقفية وأمها سعدية.
23 أنتم أئمة من صلى وعندكم ... للطامعين وللجيران معتصم
24 والمستقاد لهم إما مطاوعةً ... عفوًا وإما عرى كره إذا عزموا
25 يا أعظم الناس عند العفو عافيةً ... وأرهب الناس صولات إذا انتقموا
26 قد جرَّبت مصر والضحاك أنهم ... قوم إذا حاربوا في حربهم قحم
القحم: الجرأة والإقدام، وذاك أن مروان لما فرع من مرج راهط. مضى على مصر فدوّخها وفتحها وخلف عليها عبد العزيز ابنه في ستة آلاف.
27 هلاَّ سألت بهم مصر التي نكثت ... أو راهطا يوم يحمي الراية البهم
كان مروان أوقع بالضحاك بن قيس الفهري، وكان يدعو إلى آل الزبير، فقتله وفضَّ جنده. والبهم: الشجعاء. واحدهم بهمة.
28 عبد العزيز الذي سارت برايته ... تلك الزحوف إلى الأجناد فاصطرموا
29 ما كان من بلد يعلو النفاق به ... إلا لأسيافكم ممَّن عصى لحم
30 عبد العزيز بني مجدًا ومكرمة ... إن المكارم من أخلاقكم شيم














مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید