المنشورات

حيٌ الهدملة والأنقاء والجردا ... والمنزل القفر ما تلقى به أحدا

قال جرير يمدح العباس بن الوليد بن عبد الملك:
1 حيٌ الهدملة والأنقاء والجردا ... والمنزل القفر ما تلقى به أحدا
قال عمارة: الهدملة: الأرض السَّخبرة، ليست برملة مستوية. والأنقاء: جمع نقا: وهو الرمل يستطيل، والتثنية نقيان ونقوان، والجرد: رملة لا تنبت شيئًا.
2 مرَّ الزمان به عصرين بعدكم ... للقطر حينًا وللأرواح مطَّردا
عصرين: وقتين: وقت للمطر ووقت للريح. والعصر: الدهر.
3 ريح خريق شمال أو يمانية ... تعتاده مثل سوف الرائم الجلدا
الخريق: من الشمال خاصة، واليمانية: الجنوب، يريد أن هاتين الريحين مربَّتان به تعتادانه كما تعتاد الناقة الرائم البوَّ وتهدَّج عليه. والجلد والجلد: واحد، يقال جِلد وجَلد وقِتب وقَتب وشِبه وشَبه ورِبح ورَبح. وكل ريح ابتدأت بشدة فهي خريق، وأكثر ما يقال في الشمال. واليمانية: الجنوب. تعتاده: أي تعتاد المنزل. والسَّوف: الشم. يقال: ساف يسوف سوفًا، وأنشد أبو عمرو:
كأنما فوها لمن يساوف ... نشوة ريحان بكفَّي قاطف
أي لمن يشامُّها. والرائم: الناقة التي ترأم ولدها: أي تحبه وتعطف عليه. يقال: رئمته رئمانا وهو رأمها. والجلد: أن يذبح ولدها أو يموت فيوخذ جلده فيخشى ثم يعطف عليه فترأمه، ولا يعرف الأصمعي وأبو عبيدة الجلد إلا هذا. وذكر عن ابن الأعرابي مثلما ذكر السكري.
4 وقد عهدنا بها حورًا منعَّمة ... لم تلق أعينها حزنًا ولا رمدا
يعقوب: كان أبو عمرو يقول: الحور: سواد المقلة كلها، وليس في الإنس حور. وقال أبو عبيدة: الحور شدة سواد المقلة مع شدة بياضها.
ويقال: مناعمة ومنعّمة: أي غذيت في نعيم، كما يقال: ضاعفته وضعّفته، وتجاوزت عنه وتجوّزت، وفلان يعاطيني ويعطيني، ولا تصاعر خدك ولا تصعّر.
5 إذا كحلن عيونًا غير مقرفة ... ريَّشن نبلًا لأصحاب الصِّبيا صيدا
يعقوب: غير مفرقة: أي لم تدان الهجنة، يقال: أقرفت لذلك الأمر. أي لم أدانه ولم أخالط أهله، ويقال: قد ريَّشت السهم فأنا أريِّشه وهو مريَّش وأنا رائش: إذا جعلت عليه الريش. وقد ريّشت النبال. يقول: إذا نظرن إلى أصحاب الصبا صدنهنَّ بأعينهن.
6 أمست قوى من حبال الوصل قد بليت ... يا ربما قد نراها حقبة جددا
يعقوب: القوى: طاقات الحبل التي يفتل عليها واحدتها قوّة، ويقال: قد أقويت حبلك: إذا اختلفت قواه وكان بعضها أغلظ من بعض. قال أبو عمرو: والأسون من العقب الذي يفتل فيعمل منه الوتر بمنزلة القوى من الحبل واحدها أسن.
7 باتت همومي تغشَّاني طوارقها ... من خوف روعة بين الظاعنين غدا
يعقوب: الطوارق: ما أتاه من الهموم ليلًا. والبين: الفراق، يقال: بان يبين بينًا وبينونة.
8 قد صدَّع القلب بين لا ارتجاع له ... إذ قعقعوا لانتزاع النية العمدا
يعقوب: قوله: لا ارتجاع له: أي لا تقدر أن ترده. وقوله: قعقعوا: أي تقضوا بيوتهم وحملوا عمدها على الإبل فتقعقعت. ويقال في مثل: من يتجمع يتقعقع عمده: أي يصير إلى التفرق، يقال عمود وعَمد وعُمد. ويروى: لانتزاح النية: أي لبعدها.
9 ما بال قتلاك لا تخشين طالبهم ... لم تضمني دية منهم ولا قودا
10 إن الشفاء ولو ضنّت بنائله ... فرع البشام الذي تجلو به البردا
يعقوب: ضنت بنائلها: النائل: العطاء، وهو هاهنا ما تنيله من قبلة أو حديث. وفرع البشام: أعلاه، والبشام: شجر يستاك به. فيقول: شفائي امتصاصي سواكها.
11 هل أنت شافية قلبًا يهيم بكم ... لم يلق عروة من عفراء ما وجدا
يعقوب: يهيم بكم: أي هو ذاهب العقل. وعروة بن حزام العذريّ: قتله الوجد بعفراء
12 ما في فؤادك من داءٍ يخامره ... إلا التي لو رآها راهب سجدا
يخامره: يخالطه. ومنه قيل: قد دخل في خمار الناس وغمار الناس.
13 ألا ترى الشيب قد لاحت مفارقه ... بعد الشباب وسربال الصبا قددا
يعقوب: لاحت: ظهرت واستبانت. ومفارقه: إنما له مفرق واحد. فجمعه بما حوله، كما يقال إنها لحسنة اللبات وإنها لليِّنة الأجياد. والسربال: القميص. والقدد: الطرائق المنقطعة، قال: ثوب قدد ومزق وشراذم وأخلاق وأسمال ورعابيل ونعاليب.
14 أمِّي الندى من جدا العباس إنَّ له ... بيت المكارم ينمى جدُّه صعدا
يعقوب: أمِّي: اقصدي له، والجدوى: العطاء، والندى: السخاء، يقال إنه لنديّ الكف، وفلان أندى كفًّا من فلان، ويقال: هو يتندَّى على أصحابه، ولا يقال يندى. ينمي: يرتفع. والجدّ: الحظ. صعدًا: ارتفاعًا.
15 الله أعطاك توفيقًا وعاقبةً ... فزاد ذو العرش في سلطانكم مددا
16 تعطي المئين فلا منٌّ ولا سرفٌ ... والحرب تكفي إذا ما حميها وقدا
يعقوب: أي تعطي المئين من الإبل. ويقال مننت عليه فأنا أمنُّ منًّا ومنَّةً. وقوله: ولا سرف: أي إغفال. ويقال: مرت بهم فسرفتهم: أي غفلت عنهم، وأخطأتهم، ويقال: قد وقدت النار تقد وقدًا وقدةً ووقدانًا ووقودًا. والوقود الحطب. حميها: شدة لهبها وهو مشتق من حمى النار.
17 مثبَّت بكتاب الله مجتهد ... في طاعة الله تلقى أمره رشدا
يقال: رُشد ورَشد مثل بُخل وبَخل وشُغل وشَغل وسُقم وسَقم وعُدم وعَدم وعُرب وعَرب وعُجم وعَجم وسُخط وَخط، وما أشبه ذلك.
18 أعطيت من جنة الفردوس مرتفقًا ... من فاز يومئذ فيها فقد خلدا
مرتفقًا: متكأ. يقال: قد ارتفق: إذا اتكأ على مرفقيه. خلد: بقي، وكان ابن الأعرابي يقول: هذا مقلوب، أراد: من خلد فيها يومئذ فقد فاز فقلب. قال ع: ليس هذا عندي بقلب.
19 لما وردنا من الفيّاض مشرعةً ... جزنا بحومة بحر لم يكن ثمدا
جزنا: شربنا، والجواز: السقي، يقال: أجاز الماء: إذا سقاه وأنشده:
يا قيِّم الماء فدتك نفسي ... عجِّل جوازي وأقلَّ حبسي
واذكر مقامي بالرَّحيل أمس ... وروِّني قبل طلوع الشمس
وحومة الماء: معظمه. والثمد: المشاشة من الأرض تكون تحتها صلابة من الأرض فتشرب ماء السماء، وتمنع الصلابة الماء أن يسوخ في الأرض، فإذا احتسى اغترف منه، فكلما أخذ منه قدح جمّ قدحًا حتى ينقطع.













مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید