المنشورات

أدار الجميع الصالحين بذي السِّدر ... أبيني لنا إن البلية عن عفر

قال جرير يعتذر إلى ثعلبة، ويهجو الفرزدق وغيره:
1 أدار الجميع الصالحين بذي السِّدر ... أبيني لنا إن البلية عن عفر
العفر: القدم. قال عمارة: ذو السدر وذو السَّلم كثير، فلا أدري أيَّة عنى. ويقال: ما ألقاه إلا عن عفر: أي بعد حين، ولقيته عن عفر.
2 لقد طرفت عينيّ في الدار دمنة ... تعاورها الأزمان بالريح والقطر
ويروى: والريح بالقطر. طرفت: كأنها أصابتها طرفة من نكاية، والدمنة: آثار الديار وما سودوا بالرماد وغير ذلك. تعاورها: أي تهب عليها الريح مرة وينزل القطر أخرى فقد عفاها ذلك.
3 فقلت لأدنى صاحبيَّ وإنني ... لأكتم وجدًا في الجوانح كالجمر
الجوانح: ضلوع الصدر، واحدته جانحة.
4 لعمركما لا تعجلا إن موقفا ... على الدار فيه القتل أو راحة الدهر
وروى يعقوب: بعمركما وهو قسم.
5 فعاجا وما في الدار عين تحسُّها ... سوى الرُّبد والظِّلمان ترعى مع العفر
الربد: بياض إلى العفرة وروى يعقوب: سوى العين. وقال: العفر
ظباء يعلو بياضها حمرة. عاجا: عطفا، والعين: بقر الوحش، والظِّلمان: جمع ظليم وهو ذكر النعام.
6 فلله ماذا هيَّجت من صبابة ... على هالك يهذى بهند وما تدري
الصبابة: الرقة. وقوله: فلله: يتعجب من شدة ما هيجت من الصبابة.
7 طوى حزنًا في القلب حتى كأنما ... به نفث سحر أو أشدُّ من السحر
8 أخالد كان الصُّرم بيني وبينكم ... دلالا، فقد أجرى البعاد إلى الهجر
ع: قوله أخالد: أراد: خالدة فرخَّم. ويقال: هجرته هجرًا وهجرة وهجرانًا: إذا صرمته.
9 جزيت ألا تجزين وجدًا يشفّي ... وأنِّي لا أنساك، إلا على ذكر
ويروى: إلا على ذكر، دعا عليها. يقول: جزيت جزاءك، أي لا أكاد أنساك وإن سهوت ذكرتك بعد ذاك.
ع: يقول: لا أكاد أنساك، فإن سهوت ذكرتك على المكان لا يعزب عني ذكرك.
10 خليليَّ ماذا تأمراني بحاجة ... ولولا الحياء قد أشاد بها صدري
أشاد بها: أظهرها، يقال: أشاد الشيء يشيده إشادة: إذا أظهره.
ع: ويروى: "أشاع" يقال: قد أشاع كذا وكذا وأشاده وأشاد به: إذا أظهره.
11 أقيما فإنَّ اليوم يومً جرت لنا ... أيا من طير لا نحوس ولا عسر
12 فإن بخلت هند عليك فعَّلها ... وإن هي جادت كان صدعًا على وقر
الوقر: الصدع والصمم، يقال: وقرت أذنه توفر وقرًا والوقر: الحمل.
ع: قوله: فعلّها: أي هي خليقة لذلك، يقال: علِّي وعلَّني ولعلي ولعلني بمعنى واحد. والوقرة: الهزمة في العظم، يقال في عظمه وقرة ووقر وقد وقر العظم يوفر. يقول: إذا هي جادت له يشتد وجده بها ويزداد حرصًا عليها إلى ما به.
13 من البيض أطرافًا كأنّ بنانها ... منابت ثدَّاء من الأجرع المثري
المثري: النديّ. والثُّداء: من ذكور البقل الذي تربَّل، والتربُّل: أن يخضر في قبل البرد من ندى عام أول إذا كان في مربّ من الأرض، والمرب: الذي يبقى نداه سنة فإذا أصاب النَّبت القيظ من عامه الماضي أحرقه وأيسبه، فإذا تنفس البرد أخضر وتربّل.
ع: البنان: الأصابع واحدتها بنانة. والثداء: نبت ينبت في الرمل، والأجرع والجرعاء من الرمل رابية سهلة. والمثري: فيه ثرى أي ندى.
14 لقد طال لوم العاذلين وشفنّي ... تناء طويل واختلاف من النجر
نجر القوم: شكلهم وأهواءهم، والنجر: الخليقة والشمائل والسيما للإنسان والبعير والفرس، فيدلك نجره على كرمه ولؤمه.
ع: شفني: بلغ مني وأضمرني. والتنائي: البعد، ونجر القوم: شكلهم، والنجر: الأصل.
15 أثعلب أولى حلفة ما ذكرتكم ... بسوء ولكني عتبت على بكر
أولى: مثل عولى. وثعلبة بن سعد بن ضبة.
ع: أولى: أحلف والألية: اليمين.
16 فلا توبسوا بيني وبينكم الثرى ... فإن الذي بيني وبينكم مثر
ع: يقال: لا توبس بيني وبينكم الثرى: أي لا تذهب المودة بيني وبينك.
17 عظام المقاري في السنين وجاركم ... يبيت من اللاتي تخاف لدى وكر المقاري: الجفان والقدور، يقول: جاركم آمن لا يخاف.
ع: عظام المقاري: يعني عظام الجفان والمقري: ما قرى فيه الضيف، والمقراة الحوض العظيم الذي يقري فيه الماء: أي يجمع. وقوله: في السنين: في الجدب.
18 أثعلب إني لم أزل مذ عرفتكم ... أرى لكم سترًا فلا تهتكوا ستري
19 فلولا ذوو الأحلام عمرو بن عامر ... رميت بني بكر بقاصمة الظهر
أي بداهية تدق الظهر.
20 هم يمنعون السَّرح لا تمنعونه ... من الجيش أن يزداد نفرًا على نفر
السرح: المال الراعي. يقول: يحمونه فلا ينفر من الغارة، عن يعقوب.
21 جزى الله يربوعًا عن السِّيد قرضها ... وما في شتيم من جزاء ولا شكر
شتيم بن السِّيد بن مالك بن بكر من سعد من ضبة. والقرض: ما قدموا فيهم من معروف.
22 بنى السِّيد أويناكم قد علمتم ... إلينا وقد لجَّ الظعائن في ثغر
الظعائن: النساء في الهوادج قد نفرن.
23 مننَّا عليكم لو شكرتم بلاءنا ... وقد حملتكم حرب ذهل على قتر
القتر: الحرف والناحية.
ع: البلاء: الفعل الجميل. وذهل بن ضبة. وقوله: على قتر أي على جانب وحرف، والأقتار والأقطار: الجوانب. فيقول: حملتكم على مركب صعب لا تطمئنون عليه.
24 بنى السِّيد لا يمحى ترمُّز مدرك ... ندوب القوافي في جلودكم الخضر
مدرك: رجل من بني السِّيد كان يهجو جريرًا ويعين الفرزدق، وكانت أم الفرزدق سيديَّة وهي بنت قرظة وأخوها من شعراء بني السِّيد يقال له العلاء بن قرظة.
ع: يقال: قد محوت الكتاب فأنا أمحوه وأمحاه، ومحيته أمحاه. وترمُّزه: تحريكه شفتيه بالهجاء. والندوب: الآثار واحدها ندب وقد أندبه إذا أثّر فيه. وأراد بالخضر: السود. والخضرة عند العرب السواد قال الشماخ:
راحت رواحًا من زرود فنازعت ... زبالة جلبابًا من الليل أخضار
أي أسود.
25 بأيّ بلاء تحمدون مجاشعًا ... غباغب أثوار ثلطن على جسر
ويروى: جسر. شبههم في ضعفهم واسترخائهم بغباغب الثيران والغبب، والغبغب: الجلد المتدلي من البقرة في باطن الحلق، ويقال ثور وأثوار في القلة وفي الكثير: ثيران. ثلطن: سلحن. ويقال جَسر وجِسر.
26 ألا تعرفون النافشين لحاهم ... إذا بطنوا والفاخرين بلا لفخر
ع: يقول: إذا أخصبوا وشبعوا فخروا ونفشوا لحاهم للفخر.
27 أنا البدر يعشى طرف عينيك ضوءه ... ومن يجعل القرد المسرول كالبدر
28 حمتني ليربوع جبال حصينة ... ويزخر دوني قمقمان من البحر
29 فضلَّ ضلال العادلين مجاشعًا ... ثلوط الروايا بالحماه عن الثغر
أراد: ضل ضلالهم بالحماة عن الثغر.
30 فما شهدت يوم الغبيط مجاشع ... ولا نقلان الخيل من قلَّتي يسر
هذا يوم الغبيط وقد مر، وقلَّتاه. أكمتان عنده. ويسر: موضع بالدهناء وهو يسر محرك فسكَّنه.
31 ولا شهدتنا يوم جيش محرق ... طهية فرسان الوقيدية الشقر
الوقيدية: جنس من المعزى ضخام حمر. أبو عبد الله: الوفيدية
32 ولا شهدت يوم النقاخيل هاجر ... ولا السِّيد إذ ينحطن في الأسل الحمر
النحيط والزفير والطحير واحد.
33 ونحن سلبنا الجون وابني محرق ... وعمرًا وقتَّلنا ملوك بني نصر
34 إذا نحن جرَّدنا عليهم سيوفنا ... أقمنا بها درء الجبابرة الصُّعر
35 إذا ما رجا روح الفرزدق راحة ... تغمده آذىُّ ذي حدب غمر
إذا ارتفع صارت له حدبة.
36 فطاشت يد القين الدَّعيِّ وغمَّه ... ذرا واسقات برتمين من البحر
الواسقات: الأمواج الكثيرة يدفع بعضها بعضًا وكذلك ارتماؤها
37 لعلك ترجو أن تنفَّس بعد ما ... غممت كما غم المعذَّب في القبر
38 فما أحصنته بالسعود لمالك ... ولا ولدته أمه ليلة القدر
أي ما جعلته محصنًا بالسعود.
39 فلا تحسبنَّ الحرب لما تشنَّعت ... مفايشة إن الفياش بكم مزري
40 أبعد بني بدر وأسلاب جاركم ... رضيتم بضيم واحتبيتم على وتر
كان محمد بن عياش بن الزبرقان بن بدر أجار رجلًا من بني مخزوم، فلما انصرف عنه عرضت له بنو السِّيد، فقطعوا عليه الطريق، فركب إليهم محمد، فناشدهم، فقالوا له: ما له عليك جوار وقد تبرأت من جواره. فاستعدي عليهم عامل المدينة، فأخذ أصحاب القرحة فقطع أيديهم وأرجلهم، فسبّهم بذلك جرير. والضيم: النقص والظلم. والوتر: الذحل.
41 ونبئت جوَّابًا وسكنًا يسبني ... وعمرو بن عفري لإسلام على عمرو
كل هؤلاء من بني ضبة. لا سلام على عمرو: أي لا سلَّم الله عليه.
42 ويحسب جوّاب بسكن زيارة ... ألا إنما تدهى بغوم ولا يدري
بغوم: امرأة جواب وكان سكن يزور امرأة جواب وكان يظن به زيارة، وإنما كان يريدها.













مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید