المنشورات

لقد نادى أميرك باحتمال ... وصدَّع نيَّة الأنس الحلال

قال جرير يهجو الفرزدق:
1 لقد نادى أميرك باحتمال ... وصدَّع نيَّة الأنس الحلال
2 أمن طرب نظرت غداة رهبى ... لتنظر أين وجَّه بالجمال
3 وما كلفت نفسك من صديق ... يمنِّينا ويبخل بالنوال
4 لقد تركت حوائم صاديات ... وتمنع صفو ذى حبب زلال
الحوائم: العطاش التى تحوم حول الماء. والصاديات: العطاش. وحبب الماء: جرى بعضه على بعض. والزلال: الصافى.
5 وقالت: فيم أنت من التصابى ... متى عهد التشوق والدلال
ع: أى ما لك وللتصابى.
أى متى عهدك بهذا.
6 فما ترجو وليس هوى الغوانى ... لأصحاب التنحنح والسعال
7 دعينى إن شيبى قد نهانى ... وتجربتى وحلمى واكتهالى
8 رأت مر السنين أخذن منى ... كما أخذ السَّرار من الهلال
أراد: رأت السنين. والسَّرار: ليلتان تبقيان من الشهر إذا كان تامًّا كان سراره ليلتين، وإذا كان ناقصًا كان سراره ليلة وهو أن يستسر القمر بذلك البرج ثم يهلّ بعد يوم.
9 ومن يبقى على عرض المنايا ... وأيام تمر مع الليالى
10 ألم بنا الخيال بذات عرق ... فحيا الله ذلك من خيال
11 فإن سراك تقصر عن سرانا ... وعن وخد المخدَّمة العجال
12 لقد أخزى الفرزدق إذ رمينا ... قوارع صدّعت غرض النضال
13 فإن لآخر الشعراء منى ... كما للأولين من النَّكال
14 مواسم ما بقيت لهم وبعدى ... مواسم عند حزرة أو بلال
حزرة وبلال ابناه.
15 على أنف الفرزدق لو نهاهم ... جديد من وسومى غير بالى
16 إذا مات الفرزدق فارجموه ... كما ترمون قبر أبى رغال
أبو رغال، واسمه زيد بن مخلف: عبد كان لصالح النبى صلى الله عليه، بعثه مصدِّقا إنه أتى قومًا ليس لهم لبن إلا شاةً واحدة ولهم صبى قد ماتت أمه، فهم يعاجونه بلبن تلك الشاة، يعنى يغذونه، والعجىّ: الذى يغذى بغير لبن أمه. فأبى أن يأخذ غيرها، فقالوا: دعها نحاى بها هذا الصبى! فأبى، فيقال: إنه نزلت به قارعة من السماء ويقال بل قتله رب الشاة. فلما فقد صالح صلى الله عليه، قام فى الموسم، فنشد الناس فأخبر بصنيعه فلعنه، فقبره بين مكة والطائف يرجمه الناس.
17 وكنت إذا اغتربت بدار قوم ... لأحساب العشيرة شرَّ وال
18 تجدَّع ما أقمت بها ذليلا ... وتخزى عند منزلة الزِّيال
19 أتنسون الزبير قتيل سعد ... وجعثن إذ تصرَّف كلَّ حال
20 يقول المنقرى وأبركوها ... رخيص مهر جعثن غير غال
21 تقول قتلتنى ويقول موتى ... ولو رغم الفرزدق لا أبالى
22 مدحت بنى الأشدّ وغادروها ... رحيب الفرج واسعة المبال
ويروى: هريت الفرج: وهو الواسع. والأشد: سنان بن خالد بن منقر.
23 إذا دعت الفرزدق زحَّروها ... بكل إطار قهبلس عضال
إطار الحشفة: حوقها. والقهبلس: الضخم وكذلك العضال.
24 وقد علم الفرزدق حين تشكو ... عروق الكليتين مع الطِّحال
25 إذا ظعن الفرزدق فاستميتى ... على حك شفاك من الأكال
26 بذى السِّيدان يركضها وتجرى ... كما تجرى الرَّجوف من المحال
الرجوف: هى البكرة إذا رجفت: أسرعت.
27 وبالسيدان قيظك كان قيظًا ... على أم الفرزدق ذا وبال
28 وبات أبو الفرزدق وهو يدعو ... بدعوى الذل غير نعيم بال
29 لقد ضريت قفيرة بالخلايا ... وحوك الدرع من وبر الفصال
ع: يقول: هي راعية.
الخلية: الناقة تعطف مع أخرى على حوار واحد، فتستدر به، فيتخلى القوم بلبنها، وترضع الأخرى الحوار.
30 تطيف مجاشع وبنو حميس ... بقبر بين شر أب وخال
بنو حميس بن أد: وهم أخوال الفرزدق. وبنو حميس: سبعون رجلا لا يزيدون، إذا ولد فيهم مولود مات منهم واحد، وكانوا مع الفيل حين أتى مكة، وكذاك بنو ناشم أربعة لا يزيدون وهم من عبد القيس.
31 قفيرة ساء ما كسبت بنيها ... وليلى القين قين بنى عقال
32 أتتهم بالفرزدق أمُّ سوء ... لدى حوض الحمار على مثال
لدى: هو عند وكذلك لدن.
33 ومن يؤوى الفرزدق حين يصئى ... صئىَّ الكلب بصبص للعظال
يقال للجرو الصغير قبل أن ينبح: قد صأى يصئى صئيًّا وقد أوى أويًّا مثل صأى.
34 أوى شيخ القرود مع الزوانى ... ليختار الحرام على الحلال
35 سيخزيك الخليفة ثم تخزى ... بعزة ذى التكرم والجلال
36 وفي ماخور أعين بتَّ تزنى ... وتمهر ما كدحت من السؤال
37 تبدل يا فرزدق مثل قومى ... بقومك إن قدرت على البدال
38 فإن أصبحت تطلب ذاك فانقل ... شمامًا والمقرَّ إلى وعال
شمام: جبل بالعالية، ويروى: سنامًا: وهو على ليلة من البصرة. والمقر جبل كاظمة. ووعال بالسَّود من أرض بنى تميم.
39 ليربوع على النّخبات فضلٌ ... كتفضيل اليمين على الشمال
40 ويربوع تذبِّب عن تميم ... ويقصر دون غلوهم المغالى
41 ونازلنا الملوك بذات كهف ... وقد خضبت من العلق العوالى
42 وقد ضرب ابن كبشة إذ لحقنا ... حشيشٌ حيث تفرقه الفوالى
ابن كبشة الكندى قتله حشيش بن نمران الرياحى وذات كهف يوم طخفة.
43 مكارم لست مدركهن حتى ... تزيل الراسيات من الجبال
44 خذوا كحلا ومجمرة وعطرًا ... فلستم يا فرزدق بالرجال
45 وشمُّوا ريح عيبتكم فلستم ... بأصحاب العناق ولا النزال
46 بلاء بنى قباقب كان خزيًا ... وعارًا كلما ذكر التَّبالي
التبالي: من البلاء وكان يقال لمجاشع رغوان وكان يقبقب كما يقبقب البعير إذا تكلم ويقال يبقبق.
47 صفقتم للبزاة حباريات ... فأخزى الخنثيين منى الضلال
ع: أراد بنى مجاشع وبنى نهشل.
48 وكنت إذا لقيت بنى كلاب ... وكعبًا والفوارس من هلال
ع: هلال بن عامر بن صعصعة.
49 تقرقر يا فرزدق إذ فزعتم ... خزيرًا بات في أدر ثقال
50 وعبس بالثنية يوم عمرو ... سقوه ذواعف الأسل النهال
يعنى عمرو بن عمرو بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم، قتلته عبس، يوم أإقرن، وقد مر حديث ثنية أقرن. والذواعف: من الذعاف: وهو السم القاتل. والأسل: الرِّماح. والنِّهال: العطاش، وهى النواهل.
51 ومعبد كم دعا عدس بن زيد ... فأسلم للكبول بشرّ حال
52 وكنت إذا لقيت بنى نمير ... لقيت الموت أقتم ذا ظلال
53 كأنكم بأمعز واردات ... نعام الصيف زفً مع الرِّئال
أراد/ فإنكم نعام واردات. هذا يوم الوقيط. والرِّئال: فراخ النعام، واحدها رأل. زفيفه: سرعته
54 فأرسل في الضئين مجاشعيًّا ... أزبَّ المنخرين أبا رخال
الضئين: جماعة ضأن. يقول: افتحل المجاشعى في غنم، فإنه مئناث يلد الرُّخال واحدها رخل والذكر حمل، ورخلة: باطل.













مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید