المنشورات

أخالد عاد وعدكم خلابا ... ومنيت المواعد والكذابا

قال جرير:
وكان العباس بن يزيد الكندي اعترض لجرير محلبًا، لبنى نميز حين قال جرير:
إذا غضبت عليك بنو تميم ... حسبت الناس كلهم غضابًا
فقال العباس:
ألا رغمت أنوف بنى تميم .. فساة التمر إن كانوا غضابا
فتأناه جرير، وشكاه إلى قومه، وأعذر، فلم يبنته، حتى نقّر له عن مثلبة، فرماه بها فقال جرير:
1 أخالد عاد وعدكم خلابا ... ومنيت المواعد والكذابا
2 ألم تتبينى كلفى ووجدى ... غداة يرد أهلكم الركابا
يردونها من البدو والرعى ليحتملوا إلى محاضرهم.
3 أهذا الود زاداك كل يوم ... مباعدة لإلفك واجتنابا
4 لقد طرب الحمام فهاج شوقًا ... لقلب ما يزال بكم مصابا
5 ونرهب أن نزوركم عيونًا ... مصانعةً لأهلك وارتقابا
مصانعة: أي يصنع ذلك لأهلك. وارتقابا: ع: أي حذارًا من أهلك ومداراة.
6 فما باليت ليلتنا بنجد ... ودمع العين ينحدر انسكابا
7 لذكرك حين فوزت المطابا ... على شرك تخال به سبابا
سباب: جماعة سبّ، والسّب: الشقة من الكتان. فوّزت. ركبت المفازة.
8 ألا يا قلب ما لك إذ تصابى ... وهذا الشيب قد طرد الشبابا
9 كما طرد النهار سواد ليل ... فأزمع حين حل به الذهابا
10 سأحفظ ما زعمت لنا وأرعى ... إياب الود، إن له إيابا
11 وليل قد أبيت به طويل ... لحبك ما جزيت به ثوابا
12 بنفسى من أزور فلا أراه ... ويضرب دونه الخدم الحجابا
14 أخالد لو سألت علمت أنى ... لقيت لحبك العجب العجابا
العجاب والعجيب: واحد، كما قالوا: حبيب وحباب، وسريع وسراع، وقريب وقراب، وخفيف وخفاف.
15 ستطلع من ذرا شعبى قواف .. على الكندي تلتهب التهابا
16 أعبدًا حل في شعبى غريبًا ... ألؤمًا لا أبا لك واغترابا
17 ويومًا في فزارة مستجبيرًا ... ويومًا ناشدًا حلفًا كلابا
18 إذا جهل اللئيم ولم يقدر ... لبعض الأمر أوشك أن يصابا
19 نفاك صريح كندة عن أبيهم ... ولم يعلم لكم أحد نصابا.
20 فما فارقت كندة عن تراض ... وما وبرت في شعبى ارتغابًا
وبرت: أي صرت مع الوبر في أعالي الجبال. شعبى: من جبال طي
21 ضربت بحفتى صنعاء لما ... أجاد أبوك بالجند العصابا
يقال: حف وحفة. والجند: مدينة باليمن
22 وكنت- ولم يصبك ذباب حربى .. ستلقى من معرتها ذبابا
يقول: كنت خليا من حربى. تم الكلام، ثم قال: ستلقى من معرتها.
والذباب: الشر، وذباب كل شيء: حده
23 ألم تخبر بمسرحى القوافى ... فلا عيا بهن ولا اجتلابا
الاجتلاب: الانتحال لأشعار الناس.
24 سأجعل نقد أمك غير دين ... وأنسئك العتاب فلا عتابا
25 عويت كما عوى لى من شقاة ... فذاقوا النار واشتركوا العذابا
26 عويت عواء جفنة من بعيد ... فحسبك أن تصيب كما أصابا
جفنة بن جعفر الهزانى.
27 إذا مر الحجيج على قنيع .. دببت الليل تسترق العيابا
قنيع: منعشّى بين البصرة إلى مكة
28 فقد حلت يمينك إن إمام ... أقام الحد واتبع الكتابا
29 تلاقى-طال رغم أبيك- قيسًا ... وأهل الموسمين لنا غضابا
30 أعنابًا تجاور حين أجنت ... نخيل أجًا وأعنزه الربابا
أجنت: أي حين حضر جناها. وأجا: أحد جبلى طيئ.
عناب: رجل من بني نبهان: وهو أبو حريث بن عناب الشاعر
والرّباب: جماعة ربى: وهي الحيثة الولاد من الشتء وهي مثل العائذ من الخيل والإبل.
31 أصابوا الجار ليلة غاب عنهم ... فبئس القوم إذا شهدوا وغابا
32 فما خفيت هضيبة حين جرت ... ولا إطعان سخلتها الكلابا
هضيبة: أخت العباس.
33 يقطع بالمعابل حالبيها ... وقد بلت مشيمتها الثيابا
ع: جمع معبلة: وهو نصل عريض من نصالهم السهام.
زعموا أن جريرًا تأناهم سنة لا يهجوهم، حتى وقع له على مثلبة: أن أخته هضيبة فجرت وأن العباس قتل والدها، فرمى به وقتلها؛ فرماه بها جرير، وعيره بذلك.
34 فقد حملت ثمانية ووفت ... بتاسعها وتحسبها كعابا
35 يلجفها وتحسبه لعابًا ... أساء غلام حيرتك اللعابا
يلجفها: يدخل يده تحتها إذا نكحها.
36 فأبصر حين أصبح وهو بردى ... سواد الغول نفرت الركابا
ردية: نكاحه. يقول: أصبح وهو ينكحها. فشبه قبحها بالغول.













مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید