المنشورات

ألا حىّ المنازل والخيام ... وسكنا طال فيها ما أقاما

قال لهريم بن أبي طحمة المجاشعى وهلال بن أحوز المازني:
1 ألا حىّ المنازل والخيام ... وسكنا طال فيها ما أقاما
2 أحييها وما بي غير أني ... أريد لأحدث العهد القدامى
3 منازل قد خلت من ساكنيها ... عفت إلا الدعائم والثماما
4 محتها الريح والأمطار حتى ... حسبت رسومها في الأرض شاما
الشام: السواد. أراد آثار الرماد، كأنها شامات، كما تكون الشامة في جلد الإنسان وغيره.
5 وجرَّ بها الكلاكل كلُّ جون ... أجشُّ الرعد يهتزم اهتزاما
أراد: وجر كل غمار جون كلا كله: جمع كلكل، والكلكل: الصدر.
6 يزيف ويستطير البرق فيه ... كما حرَّقت في الأجم الضِّراما
7 كأن وميضه أقراب بلقٍ ... تحاذر خلفها خيلا صياما
وميضة: بريقه. شبه بياض البرق في سواد السحاب بخيل دهم بيض الأقراب، والأقراب: الخواصر، وإذا انكشفت بدا البلق.
8 كأن ربابه الضُّلاَّل فيه ... نعام جافل لاقى نعاما
الرباب: السحاب الذي يتريَّع دون السحاب، كأنه دخان أو سحاب معلق
9 قفا يا صاحبى فخبراني ... علام تلو عاذلتى علاما
10 علام تلوم عاذلتي فإني ... لأبغض أن أليم وأن ألاما
11 وربِّ الراقصات إلى الثنايا ... بشعث أيدعوا حجًّا تماما
أيدع بالحج: إذا ما عزم عليه، يودع إيداعًا.
12 أحبُّك يا أمام وكلَّ أرض ... سكنت بها وإن كانت وخاما
وخمة: وبيئة.
13 كأنى إن أمامة حلَّأتنى ... أرى الأشراب آجنةً سداما
المحلأة: الممنوع من الماء. والأشراب: جماعة شرب. والآجنة: المتغيرة. والسِّدام الدفاق.
14 كصادٍ طل محتمًّا لشرب ... فلا على شرائعه وحاما
الصادى: العطشان. والمحتم والمهتم واحد، إلا أنه لا يكون الاحتمام إلا مع السّهر. واللائب: الذي لا يطوف حول الماء عطشًا، وكذلك الحائم، يقال لاب يلوب لوبًا ولووبا.
15 ولو شاءت أمامة قد نقعنا ... بعذب بارد يشفي السقاما
16 فما عصماء لا تحنو لإلف ... ترعَّى في ذرا الهضب البشاما
17 ترى نبل الرماة تطيش عنها ... وإن أخذ الرُّماة لها سهاما
18 موقَّاة إذا ترمى صيودٌ ... ملقَّاةٌ ... إذا ترمى الكراما
19 بأنور من أمامة حين ترجو ... جداها أو تروم لها مراما
20 كما تنأى إذا ما قلت تدنو ... شموس الخيل حاذرت اللجاما
21 فإن سألوك عنها فاجل عنها ... بما لا شك فيه ولا خصاما
22 وقد حلت أمامة بطن وادٍ ... به نخل، وقابلت الرَّغاما
23 تربَّبها النعيم به فتمَّت ... كقرن الشمس زايلت الجهاما
24 كأن المرط ذا الأنيار يكسى ... إذا اتزرت به عقدًا ركاما
أراد أنه ديباج أو غيره، لأن له أنيارًا عدَّة, عقد: رملة متعقدة متراكم بعضه على بعض.
25 ترى القصب المسوَّر والمبرَّى ... خدالا تمَّ منها فاستقاما
الخدل: الغليظ. المسور: الساعدان. والمبرى الساقان، وكل حلقة فهي برة، وأنشد:
ربَّ خليل لك بالعراق ... مطوَّق الجيد مبرَّى الساق
26 فلولا أنها تمشى الهوينا ... كمشي مواعس وعثًا هياما
يريد أنها تمشي رويدًا لثقلها، كما يمشي الرجل المواعس، والوعساء والأوعس واحد: وهو الرمل اللين الموطوء، وكذلك الوعث من الرمل: ما اشتد المشي فيه. والهيام: المنهال.
27 إذًا لتقصَّم الحجلان عنها ... وظنَّا في مكانهما رتاما
رتمه: إذا دقَّه.
28 ولو خرجت أمامه يوم عيدٍ ... لمدَّ الناس أيديهم قياما
(يعني) يشيرون إليها.
29 ترى السُّود الهباج يلذن منها ... حذار الغم يكرهن الزحاما
الهباج: المتهبّجة اللحم.
30 معاذ الله أن تدنون منها ... وإن ألبسن كتَّانًا وخاما
أي لا يقربن منها. والثياب القصب وما يلبس خاما.
31 كلا يومى أمامة يوم صدق ... وإن لم تأتها إلا لماما
أي يوم صالح، كما تقول: رجل صدق: أي صالح.
32 (فأما يوم آتيها فإني ... كأنى شاربٌ سقى المداما):
33 وأما يوم أذكرها فإني ... كأنَّ المزن تمطرني رهاما
الرهام: المطر اللين. يقول: هذا يوم مطير لذيذ.
34 فإنك يا أمام وربِّ موسى ... أحبُّ إلىّ من صلَّى وصاما
35 متى ما تنجل الغمرات يعلم ... هريمٌ وابن أحوز ما ألاما
أي لم يأتيا ما يلامان عليه.
36 هما ذادا لخندف عن حماها ... ونار الحرب تضطرم اضطراما
37 إذا غدرت ربيعة واستقادوا ... لطاغية دعا بشرًا طغاما
من الطغيان: وهو أن يرتفع فوق قدره ويركب ما لا يحلّ وما يفسد الدين، كما يفسد طغيان الماء ما يغرقه، الطغام: السفلة.
ويسمى الطغام: رعاع الناس وقزمهم وخمانهم وجفالتهم وحثالتهم وجدمهم وسفلتهم وأوغادهم.
38 فمناهم منًى لم تغن شيئًا ... غلام الأزد واتبعوا الغلاما
39 فولَّوه الظهور وأسلموه ... بملحمة إذا ما النِّكس خاما
40 ولم يحموا النساء وقد رأوها ... حواسر ما يوارين الخداما
41 ومن يفرع بنا الروقين يعرف ... لنا الرأس المقدَّم والسناما
42 ألم تر من نجا منهم سليما ... عليهم في محافظة ذماما
43 وأغضضنا السيوف مجردات ... بهام الأزد قبِّح ذاك هاما
44 نكر الخيل عائدة عليهم ... توطَّأ منهم قتلى لئاما
يعنى بقندابيل
45 [ومن أهل اليمامة آب فلّ ... ترى بظهورهم منا كلاما]
46 ومن بلغوا الحزيز وهم عجال ... وقد جعلوا وراءهم سناما
47 فذوقوا وقع أطراف العوالى ... فيا أهل اليمامة لا يماما
48 وبكر قد رفعنا السيف عنها ... ولولا ذاك لا قتسموا اقتساما
49 فودوا يوم ذلك إذ رأونا ... نحسُّ الأسد لو ركبوا النعاما
الحس: القتل.
50 وعبد القيس قد رجعوا خزايا ... وأهل عمان قد لاقوا غراما
51 مشوا من واسط حتى تناهت فلولهم وقد وردوا تؤاما
تؤام: ما لبنى سامة بعمان.
52 فمنهم من نجا وبه جراج ... وآخر مقعصٌ لقى الحماما
53 فلولا أن إخوتنا قريش ... وأنا لا نحلٌ لهم حراما
54 وأنهم ولاة الأمر فينا ... وخير الناس عفوًا وانتقاما
55 لكان لنا على الأقوام خرجٌ ... وسمنا الناس كلهم ظلاما
56 منعنا بالرماح بياض نجد ... وقتلنا الجبابرة العظاما
57 بجرد كالقداح مسوَّمات ... بأيدينا يعارضن السَّماما
السمام: طير يشبه الإبل بها في السرعة. بجرد تعارض هذه الإبل التي كأنها السَّمام.
58 وكم من معشر قدنا إليهم ... بحرِّ بلادهم لجبًا لهاما
59 يسهّل حين يغدو من مبيت ... أوائله لآخره الإكاما
60 بكل طوالةٍ من آل قيد ... تكاد تقض زفرتها الجزاما
61 عصمنا في الأمور بني تميم ... وزدنا مجدها أبدًا تماما















مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید