المنشورات

أقمنا وربَّتنا الديار ولا أري ... كمربعتا بين الحنَّيين مربعا

قال يجيب الفرزدق*:
1 أقمنا وربَّتنا الديار ولا أري ... كمربعتا بين الحنَّيين مربعا
2 ألا حبَّ بالوادي الذي ربَّما نري ... به من جميع الحي مرأى ومسمعا
3 ألا لا تلوما القلب أن يتخشعا ... فقد هاجت الأحزان قلبًا مفزِّعا
4 وجودا لهند بالكرامة منكما ... وما شئتما أن تمنعا بعد فامنعا
5 وما حفلت هندٌ تعرُّض حاجتي ... ولا نوم عينيِّ الغشاش المروعا
6 بعيني من جارٍ على غربة النوي ... أراد بسلمانين بينًا فودعا
7 لعلك في شك من البين بعدما ... رأيت الحمام الورق في الدار وقَّعا
8 كأن غمامًا في الخدور التي غدت ... دنا ثم هزته الصِّبا فترفعا
9 فليت ركاب الحي يوم تحملوا ... بحومانة الدَّراج أصبحن ظلَّعا
10 بني مالك إن الفرزدق لم يزل ... فلوَّ المخازي من لدن أن تيفَّعا
11 رميت ابن ذي الكبرين حتي تركته ... قعود القوافي ذا علوب موقَّعا
12 وفقأت عيني غالبٍ عند كبره ... وأقلعت عن أنف الفرزدق أجدعا
13 مددت له الغايات حتي نخسته ... جريح الذُّنَّابي فاني السن مقطعا
14 ضعا قردكم لما اختطفت فؤاده ... ولابن وئيلٍ كان خدُّك أضرعا
15 وما غرَّ أولاد القيون مجاشعًا ... بذي صولة يحمي العرين الممنعا
16 ويا ليت شعري ما تقول مجاشع ... ولم تتَّرك كفَّاك في القوس منزعا
17 وأية أحلامٍ رددن مجاشعًا ... يعلُّون ذيقانًا من السَّم منقعا
18 ألا ربما بات الفرزدق قائمًا ... على حرّ نار تترك الوجه أسفعا
19 وكان المخازي طالما نزلت به ... فيصبح منها قاصر الطرف أخضعا
20 وإن ذياد الليل لا تستطيعه ... ولا الصبح حتي تستنير فيسطعا
21 تركت لك القينين قيني مجاشع ... ولا يأخذان النصف شتَّي ولا معا
22 وقد وجداني حين مدَّت حبالنا ... أشد محاماةً وأبعد منزعا
23 وإني أخو الحرب التي يصطلي بها ... إذا حملته فوق حال تشنعا
24 وأدركت من قد قبلي ولم أدع ... لمن بعدي في القصائد مصنعا
25 تفجَّع بسطام وخبَّره الصدّى ... وما يمنع الأصداء ألاَّ تفجعا
26 وقال أفينا باشر الكبر باسته ... وأغرل ربَّته قفيرة مسبعا
27 سيترك زيقٌ صهر آل مجاشع ... ويمنع زيقٌ ما أراد ليمنعا
28 أتعدل مسعودًا وقيسًا وخالدًا ... بأقيان ليلي لا نري لك مقنعا
29 ولما غررتم من أناس كريمةً ... لؤمتم وضقتم بالكرائم أذرعا
30 فلو لم تلاقوا قوم حدراء قومها ... لو سَّدها كبر القيون المرقعا
31 رأى القين أختان الشناءة قد جنوا ... من الحرب جرباء المساعر سلفعا
32 وإنك لو راجعت شيبان بعدها ... لأبت بمصلوم الخياشيم أجدعا
33 إذا فوَّزت عن نهر بين تقاذفت ... بحدراء دارٌ لا تريد لتجمعا
34 وأضحت ركاب القين من خيبة السُّري ... ونقل حديد القين حسري وظلّما
35 وحدراء لو لم ينجها الله برِّزت ... إلي شر ذي حرثٍ دمالاً ومزرعا
36 وقد كان نجسا طهِّرت من جماعه ... وآب إلي شر المضاجع مضجعا
37 وآب إلي خوّارةٍ من مجاشع ... هي الجفر بل كانت من الجفر أوسعا
38 متي يسمع الجيران قبقبة استها ... طروقًا وضيفاها الدَّخيلان يفزعا
39 فإنَّ لكم في شأن حدراء ضيعةً ... وجار بني زغد استها كان أضبعا
40 حميدة كانت للفرزدق جارة ... ينادم حوطًا عندها والمقطَّعا
41 سأذكر ما لم تذكروا عند منقر ... وأثني بعار من حميدة أشنعا
42 وجعثن نادت باستها بالدارم ... فلم تلق حرَّا ذا شكيمٍ مشجَّعا
43 تناومت إذ يسمو أريب ابن عسعس ... على سوأة راءي بها ثم سمَّعا
44 تعسَّفت السَّيدان تدعو مجاشعًا ... وجرَّت إلي قبس خشاخش أجمعا
45 وقد ولدت أمُّ الفرزدق فحَّةً ... تري بين رجليها مناحي أربعا
46 وقد جرجرته الماء حتي كأنما ... تعالج من أقصي وجارين أضبعا
47 ولو حملت للفيل ثمَّت طرَّقت ... بفيلين جاءا من مثابرها معا
48 ولو دخِّنت بعد العشاء بمجمرٍ ... لما انصرفت حتي تبول وتضفعا
49 لقد أولعت بالقين خور مجاشع ... وكان بها قين العديلة مولعا
50 تركتم جبيرًا عند ليلي خليفةً ... أصعصع بئس القين قينك صعصعا
51 وما حفلت ليلي ملامة رهطها ... ولا حفظت سرَّ الحصان الممنَّعا
52 دعاكم حواريُّ الرسول فكنتم ... عضاريط يا خشب الخلاف المصرعا
53 أبان لكم في غالب قد علمتم ... نجار جبير قبل أن يتيفعا
54 أغرك جار ضل قائم سيفه ... فلا رجع الكفّّين إلا مكنَّعا
55 وآب ابن ذيّالٍ جميعًا وأنتم ... تعدُّون غنمًا رحله المتمزَّعا
56 فلا تدع جارًا من عقال تري له ... ضواغط يلثقن الإزار وأضرعا
57 فلا قين شرٌ من أبي القين منزلا ... ولا لؤم إلا دون لومك صعصعا
58 تعدُّون عقر النِّيب أفضل سعيكم ... بني ضوطري هلاَّ الكميَّ المقنَّعا
59 وتبكي على ما فات قبلك دارما ... وإن تبك لا تترك بعينك مدمعا
60 لعمرك ما كانت حماة مجاشع ... كرامًا ولا حكَّام ضبَّة مقنعا
61 أتعدل يربوعًا خناثي مجاشع ... إذا هزَّ بالأيدي القنا فتزعزعا
62 تلاقي ليربوع إياد أرومةٍ ... وعزَّا أبت أوتاده أن تنزَّعا
63 وجدت ليربوعٍ إذا ما عجمتهم ... منابت نبعٍ لم يخالطن خروعا
64 هم القوم لو بات الزبير إليهم ... لما بات مفلولا ولا متطلَّعا
65 وقد علم الأقوام أنَّ سيوفنا ... عجمن حديد البيض حتي تصدَّعا
66 ألا ربَّ جبَّار عليه مهابةٌ ... سقيناه كأس الموت حتي تضلَّعا
67 نقود جيادًا لم تقدها مجاشع ... تكون من الأعداء مرأى ومسمعا
68 تداركن بسطامًا فأنزل في الوغى ... عناقًا ومال السرج حتي تقعقعا
69 دعا هاني بكرًا وقد عضَّ هانئًا ... عري الكبل فينا الصَّيف والمتربَّعا
70 ونحن خضبنا لابن كبشة تاجه ... ولاقي امرأ في ضمة الخيل مصقعا
71 وقابوس أعضضنا الحديد ابن منذر ... وحسان إذ لا يدفع الذُّلَّ مدفعا
72 وقد جعلت يومًا بطخفة خيلنا ... مجرَّا لذي التاج الهمام ومصرعا
73 وقد جرَّب الهرماس أنَّ سيوفنا ... عضضن برأس الكبش حتي تصدَّع
74 ونحن تداركنا بحيرًا وقد حوي ... نهاب العنابين الخميس ليربعا
75 فعاين بالمرُّوت أمنع معشر ... صريخ رياحٍ واللواء المزعزعا
76 فوارس لا يدعون بال مجاشع ... إذا كان يومًا ذا كواكب أشنعا
77 ومنا الَّذي أبلي صديَّ بن مالك ... ونفَّر طيرًا عن جعادة وقَّعا
78 فدع عنك لومًا في جعادة إنما ... وصلناه إذ لاقي ابن بيبة أقطعا
79 ضربنا عميد الصِّمِّتين فأعولت ... جداع على صلت المفارق أنزعا
80 أخيلك أم خيلي ببلقاء أحرزت ... دعائم عرش الحيِّ أن يتضعضعا
81 ولو شهدت يوم الوقيطين خيلنا ... لما قاظت الأسرى القطاط ولعلعا
82 ربعنا وأردفنا الملوك فظلِّلوا ... وطاب الأحاليب الثمام المنزَّعا
83 فتلك مساعٍ لم تنلها مجاشع ... سبقت فلا تجزع من الموت مجزعا













مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید