المنشورات
بان الخليط برامتين فودَّعوا ... أو كلَّما رفعوا لبينٍ تجزع
قال يهجو الفرزدق وجميع الشعراء*:
1 بان الخليط برامتين فودَّعوا ... أو كلَّما رفعوا لبينٍ تجزع
2 ردُّوا الجمال بذي طلوح بعدما ... هاج المصيف وقد تولي المربع
3 إنَّ الشَّواحج بالضحى هيجنني ... في دار زينب والحمام الوقَّع
4 نعب الغراب فقلت بينٌ عاجل ... وجرى به الصرد الغداة الألمع
5 إنَّ الجميع تفرَّقت أهواؤهم ... إن النَّوى يهوي الأحبة تفجع
6 كيف العزاء ولم أجد مذ بنتم ... قلبًا يقرُّ ولا شرابًا ينقع
7 ولقد صدقتك في الهوي وكذبتنى ... وخليتني بمواعدٍ لا تنفع
8 ... قد خفت عندكم الوشاة ولم يكن ... لينال عندي سرك المستودع
9 ... كانت إذا نظرت لعبدٍ زينةً ... هشَّ الفؤاد وليس فيها مطمع
10 تركت حوائم صادياتٍ هيَّما ... منع الشِّفاء وطاب هذا المشرع
11 أيام زينب لا خفيفٌ حلمها ... همشي الحديث ولا رواد سلفع
12 بان الشباب حميدةٌ أيامه ... ولو أنَّ ذلك يشتري أو يرجع
13 رجف العظام من البلى وتقادمت ... سنِّي وفي لمصلحٍ مستمتع
14 وتقول بوزع قد دببت على العصا ... هلا هزئت بغيرنا يا بوزع
15 ولقد رأيتك في العذارى مرَّةً ... ورأيت رأسي وهو داجٍ أفرع
16 كيف الزيارة والمخاوف دونكم ... ولكم أمير شناءة لا يربع
17 يا أثل كابة لا حرمت ثري الندا ... هل رام بعدي ساجرٌ فالأجرع
18 وسقي الغمام منيزلا بعنيزة ... إمَّا تصاف جدّي وإمَّا تربع
19 حيوا الديار وسائلوا أطلالها ... هل ترجع الخبر الديار البلقع
20 ولقد حبست بها المطيّ فلم يكن ... إلا السلام ووكف عين تدمع
21 لمَّا رأى صحبي الدموع كأنَّها ... سحُّ الرَّذاذ على الرَّداء استرجعوا
22 قالوا تعزَّ فقلت لست بكائن ... منى العزاء وصدع قلبي يقرع
23 فسقاك حيث حللت غير فقيدةٍ ... هزج الرواح وديمةٌ لا تقلع
24 فلقد يطاع بنا الشفيع لديكم ... ونطيع فيك مودَّة من يشفع
25 هل تذكرين زماننا بعنيزةٍ ... والأبرقين وذاك ما لا يرجع
26 إنَّ الأعادي قد لقوا لي هضبةً ... تنبي معاولهم إذا ما تقرع
27 ما كنت أقذف من عشيرة ظالم ... إلا تركت صفاهم يتصدَّع
28 أعددت للشعراء كأسًا مرَّة ... عندي مخالطها السِّمام المنقع
29 هلاَّ نهاهم تسعةٌ قتَّلتهم ... أو أربعون حدوتهم فاستجمعوا
30 خصَّيت بعضهم وبعضٌ جدِّعوا ... فشكا الهوان إلي الخصيّ تلأجدع
31 كانوا كمشتركين لما بايعوا ... خسروا وشفَّ عليهم فاستوضعوا
32 أفينتهون وقد قضيت قضاءهم ... أم يصطلون حريق نار تسفع
33 ذاق الفرزدق والأخيطل حرَّها ... والبارقي وذاق منها البلتع
34 ولقد قسمت لذي الرِّقاع هديَّةً ... وتركت فيه وهيَّةً لا ترقع
35 ولقد صككت بني الفدوكس صكَّة ... فلقوا كما لقي القريد الأصلع
36 وهن الفرزدق يوم جرَّب سيفه ... قينٌ به حممٌ وآمٍ أربع
37 أخزيت قومك في مقام قمته ... ووجدت سيف مجاشع لا يقطع
38 لا يعجبنَّك أن تري لمجاشع ... جلد الرجال ففي القلوب الخولع
39 ويريب من رجع الفراسة فيهم ... رهل الطَّفاطف والعظام تخرَّع
40 بذرت خضاف لهم بماء مجاشع ... خبث الحصاد حصادهم والمزرع
41 إنَّا لنعرف من نجار مجاشع ... هدَّ الحفيف كما يحف الخروع
42 أيفايشون وقد رأوا حفَّاثهم ... قد عضَّه فقضي عليه الأشجع
43 هلاَّ سألت مجاشعًا زيد استها ... أين الزبير وحله المتمزع
44 أجحفتم جحف الخزير ونمتم ... وبنو صفيَّة ليلهم لا يهجع
45 وضع الخزير فقيل أين مجاشع ... فشحا جحافله جراف هبلع
46 ومجاشع قصبٌ هوت أجوافه ... غرُّوا الزبير فأي جار ضيعوا
47 إنَّ الرزيّة من تضمّن قبره ... وادي السباع لكل جنب مصرع
48 لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشَّع
49 وبكي الزبير بناته في مأتم ... ماذا يردُّ بكاء من لا يسمع
50 قال النَّوائح من قريش إنما ... غدر الحتات وليِّنٌ والأقرع
51 ترك الزبير على منّي لمجاشع ... سوء الثناء إذا تقضَّي المجمع
52 قتل الأجارب يا فرزدق جاركم ... فكلوا مزاود جاوركم فتمتعوا
53 أحباريات شقائقٍ موليَّةٍ ... بالصيف صعصعهن باز أسفع
54 لو حلَّ جاركم إليَّ منعته ... بالخيل تنحط والقنا يتزعزع
55 لحمي فوارس يحسرون دروعهم ... خلف المرافق حين تدمي الأذرع
56 فاسأل معاقل بالمدينة عندهم ... نور الحكومة والقضاء المقنع
57 من كان يذكر ما يقال ضحي غد ... عند الأسنة والنفوس تطلَّع
58 كذب الفرزدق إن قومي قبلهم ... ذادوا العدو عن الحمى فاستوسعوا
59 منعوا الثًّغور بعارض ذي كوكب ... لولا تقدُّمنا لضاق المطلع
60 إنَّ الفوارس يا فرزدق قد حموا ... حسبًا أشمَّ ونبعةً لا تقطع
61 عمدًا عمدت لما يسوء مجاشعًا ... وأقول ما عملت تميمٌ فاسمعوا
62 لا تتبع النخبات يوم عظيمة ... بلغت عزائمه ولكن تتبع
63 هلاَّ سألت بني تميم أيُّنا ... يحمي الذَّمار ويستجار فيمنع
64 من كان يستلب الجبابر تاجهم ... ويضر إذ رفع الحديث وينفع
65 أيفا يشون ولم تزن أيامهم ... أيامنا ولنا اليفاع الأرفع
66 منا الفوارس قد علمت ورائسٌ ... تهدي قنابله عقابٌ تلمع
67 ولنا عليك إذا الجباة تفارطوا ... جاب له مددٌ وحوضٌ مترع
68 هلاَّ عددت فوارسًا كفوارسي ... يوم ابن كبشة في الحديد مقنَّع
69 خضبوا الأسنَّة والأعنَّة إنَّهم ... نالوا مكارم لم ينلها تبَّع
70 وابن الرِّباب بذات كهف قارعوا ... إذ فضَّ بيضته حسامٌ مصدع
71 واستنزلوا حسَّان وابني منذر ... أيام طخفة والسروج تقعقع
72 تلك المكارم لم تجد أيامها ... لمجاشع فقفوا ثعالة فارضعوا
73 لا تظمئون وفي نحيح عمكم ... مروى وعند بني سويد مشبع
74 نزف العروق إذا رضعتم عمَّكم ... أنفٌ به خثمٌ ولحي مقنع
75 قتل الخيار بنو المهلَّب عنوةً ... فخذوا القلائد بعده وتقنَّعوا
76 وطئ الخيار ولا تخاف مجاشع ... حتى تحطَّم في حشاه الأضلع
77 ودعا الخيار بني عقال دعوةً ... جزعًا وليس إلي عقال مجزع
78 لو كان فاعترفوا وكيعٌ منكم ... فزعت عمان فما لكم لم تفزعوا
79 هتف الخيار غداة أدرك روحه ... بمجاشع وأخو حتاتٍ يسمع
80 لا يفزعنَّ بنو المهلب إنه ... لا يدرك التّرة الذليل الأخضع
81 هذا كما تركوا مزادًا مسلمًا ... فكأنما ذبح الخروف الأبقع
82 زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً ... أبشر بطول سلامةٍ يا مربع
83 إن الفرزدق قد تبيَّن لؤمه ... حيث التقت حششاؤه والأخدع
84 حوق الحمار أبوك فاعلم علمه ... ونفاك صعصعة الدَّعي المسبع
85 وزعمت أمَّكم حصانًا حرَّةً ... كذبًا قفيرة أمُّكم والقوبع
86 وبنو قفيره قد أجابوا نهشلاً ... باسم العبودة قبل أن يتصعصعوا
87 هذي الصحيفة من قفيرة فاقرءوا عنوانها وبشر طينٍ تطبع
88 كانت قفيرة بالقعود مربَّةً ... تبكي إذا أخذ الفصيل الرَّوبع
89 تلقي نساء مجاشع من ريحهم ... مرضي وهنَّ إلي جبير نزَّع
90 ليلي التي زفرت وقالت حبَّذا ... عرق القيانة من جبيرٍ ينبع
91 كلَّ الَّذي غيَّرتم أن قلتم ... هذا لعمر أبيك قين مولع
92 بئس الفوارس يا نوار مجاشعٌ ... خورٌ إذا أكلوا خزيرًا ضفدعوا
93 يغدون قد نفخ الخزير بطونهم ... رغدًا وضيف بني عقال يخفع
94 أين الذين بسيف عمرو قتِّلوا ... أم أين أسعد فيكم المسترضع
95 حرَّبتم عمرًا فلما استوقدت نار الحروب بغَّربٍ لم تمنعوا
96 وبأبرقي ضحيان لاقوا خزيةً ... تلك المذلَّة والرقاب الخضَّع
97 خور لهم زبدٌ إذا ما استأمنوا ... وإذا تتابع في الزمان الأمرع
98 هل تعرفون على ثنيَّة أقرنٍ ... أنس الفوارس يوم شكَّ الأسلع
99 وزعمت ويل أبيك أن مجاشعًا ... لويسمعون دعاء عمرو ورَّعوا
100 لم يخف غدركم بغور تهامة ... ومجرٌ جعثن والسَّماع الأشنع
101 أخت الفرزدق من أبيه وأمه ... باتت وسيرتها الوجيف الأرفع
102 قد تعلم النخبات أنَّ فتاتهم ... وطئت كما وطئ الطريق المهيع
103 هلاّ غضبت على قروم مقاعسٍ ... إذ عجَّلوا لكم الهوان فأسرعوا
104 نبِّئت جعثن دافعتهم باستها ... إذ لم تجد لمجاشع من يدفع
105 أمدحت ويحك منقرا أن ألزقوا ... بالحارقين فأرسلوها تظلع
106 باتت لكلِّ محرَّف حامي القفا ... حابي الضلوع مقاعسيَّ تكسع
107 ياليت جعثن عند حجرة أمها ... إذ تستدير بها البلاد فتصرع
108 قال الفرزدق وابن مرة جامحٌ ... كيف الحياة وفيك هذا أجمع
108 * [وجدوا لجعثن حين قبقبت استها ... مثل الوجار أوى إليه الأضبع]
108 * * [هدموا وجارك بعدما خبَّرتهم ... ألا تكاد تجوز فيه الإصبع]
109 جرت فتاة مجاشع في منقر ... غير المراء كما يجرُّ المبكع
110 يبكي الفرزدق والدماء على استها ... قبحًا لتلك غروب عين تدمع
111 أوقدت نارك فاستضأت بخزيةٍ ... ومن الشهود خشاخشٌ والأجرع
112 تبَّا لجعثن إذ لقيت مقاعسًا ... متخشِّعًا ولأي شكر تخشع
113 هذا الفرزدق ساجدًا لمقاعس ... والقين أجزل بالصِّفاح موقَّع
114 جدعت مسامعك التي لم تحمها ... سعد فليس بنابتٍ لك مسمع
115 سعد بن زيد مناة عزٌّ فاضل ... جمع السعود وكلَّ خير يجمع
116 يكفي بني سعد إذا ما حاربوا ... عزُّ قراسية وجدُّ مدفع
117 الذائدون فلا يهدَّم حوضهم ... والواردون فوردهم لا يقدع
118 ما كان يضلع من أخي عمِّيَّةٍ ... إلا عليه دروء سعد أضلع
119 فاعلم بأن لآل سعد عندنا ... عهدًا وحبل وثيقة لا يقطع
120 يعتاد مخدعه الفرزدق زانياً ... أفلا يهدَّم يا نوار المخدع
121 عرفوا لنا السلف القديم وشاعرًا ... ترك القصائد ليس فيها مصنع
122 ورأيت نبلك يا فرزدق قصَّرت ... ووجدت قوسك ليس فيها منزع
مصادر و المراجع :
١- ديوان جرير بشرح محمد بن
حبيب
المحقق: د. نعمان
محمد أمين طه
الناشر: دار
المعارف، القاهرة - مصر
الطبعة: الثالثة
14 يوليو 2024
تعليقات (0)