المنشورات

ألم تر أن الجهل أقصر باطله ... وأمسى عماء قد تجلت مخايله

قال يجيب الفرزدق:
1 ألم تر أن الجهل أقصر باطله ... وأمسى عماء قد تجلت مخايله
2 أجن الهوى أن طائر البين شفَّنى ... بجمد الصفا تنعابه ومحاجله
3 لعلك محزون لعرفان منزل ... محيل بوادى القريتين منازله
4 فإنى ولولا لام العواذل مولع ... بحبِّ الغضا من حب من لا يزايله
5 وذا مرخ أحببت من حب أهله ... وحيث انتهت في الروضتين مسايله
6 أتنسى لطول العهد أم أنت ذاكر خليلك ذا الوصل الكريم شمائله
7 لحبَّ بنار اوقدت بين محلب ... وقردة لو يدنو من الحبل واصله
8 وقد كان أحيانًا بى الشوق مولعًا ... إذا الطَّرف الظَّعان ردَّت حمائله
9 فلما التقى الحيان ألقيت العصا ... ومات الهوى لما أصيبت مقاتله
10 لقد طال كتمانى أمامة حبها ... فهذا أوان الحب تبدو شواكله
11 إذا حليت فالحلى منها بمعقد ... مليح وإلا لم تشنها معاطله
12 وقال اللواتى كن فيها يلمنتى ... لعل الهوى يوم المغيزل قاتله
13 وقلن تروَّح لا تكن لك ضيعة ... وقلبك لا تشغل وهن شواغله
14 يوم كإبهام القطاة مزيَّن ... إلىَّ صياد غالب لى باطله
15 لهوت بجنِّى عليه سموطه ... وإنسٌ مجاليه وأنسٌ شمائله
16 فما معزلٌ أدماء تحنو لشادن ... كطوق الفتاة لم تشدَّد مفاصله
17 بأحسن منها يوم قالت أناظر ... إلى الليل بعض النَّيل أم أنت عاجله
18 فلو كان هذا الحب حبَّا سلوته ... ولكنه داء تعود عقابله
19 لم أنس يومًا بالعقيق تخايلت ... ضحاه وطابت بالعشى أصائله
20 رزقنا به الصَّيد الغزير ولم أكن ... كمن نبله محرومة وحبائله
21 ثوانى أجياد يودعن من صحا ... ومن بثه عن حاجة اللهو شاغله
22 فأيهات أيهات العقيق ومن به ... وأيهات وصلٌ بالعقيق تواصله
23 لنا حاجة فانظر وراءك هل ترى ... يروض القطا الحىَّ المروَّح جامله
24 إن أجاً مثل الفوالج دونهم .. ورملٌ حبيت أنقاؤه وخمائله
25 رددنا لشعثاء الرسول ولا أرى ... كيومئذ شيئًا ترد رسائله
26 فلو كنت عندي يوم قوّ عذرتنى ... بيوم زهتنى جنه وأخابله
27 يلن إذا ما حلَّ دينك عندنا ... وخير الذي يقضى من الدين عاجله
28 لك الخير لا تقضيك إلا نسيئة ... من الدين أو عرضًا فهل أنت قابله
29 أمن ذكر ليلى والرسوم التى خلت ... ينعق المنقَّى راجع القلب خامله
30 عشية بعنا الحلم بالجهل وانتحت ... بنا أريحيات الصِّبا ومجاهله
31 وذلك يوم خيره دون شره ... تغيَّب واشيه وأقصر عاذله
32 وخرقٍ من الموماة أزور لا ترى ... من البد إلا بعد خمس مناهله
33 قطعت بشجعاء الفؤاد نجيبةٍ ... مروح إذا ما النِّسع غرز فاضله
34 وقد قلَّصت عن منزل غادرت به ... من الليل جونًا لم تفرَّج غياطله
35 واجلاد مضعوف كأن عظامه ... عروق الرُّخامى لم تشدد مفاصله
36 ويدمى أظلاها على كل حرة ... إذا استعرضت منها حزيزًا تناقله
37 أنخنا فسبَّحنا ونورت السُّرى ... بأعراف ورد اللون بلق شواكله
38 وأنصب وجهى للسموم ودونها ... شماطيط عرضى تطير رعابله
39 لنا إبلٌ لم تستجر غير قومها ... وغير القنا صمَّا تهز عوامله
40 رعت منبت الضَّمران من سبل المعى ... إلى صلب أعيار ترنٌ مساحله
41 سقتها الثريا ديمةً واستقت بها ... غروب سماكىِّ تهلل وأبله
42 ترى لحبييه ربابًا كأنه ... غوادى نعام ينفض الزَّف جافله
43 تراعى مطافيل المها ويروعها ... ذباب الندى تغريده وصواهله
44 إذا حاول الناس الشؤون وحاذروا ... زلازل أمر لم ترعها زلازله
45 يبيح لها عمرو وحنظلة الحمى ... ويدفع ركن الفزر عنها وكاهله
46 بنى مالكٍ من كان للحىّ معقلا ... إذا نظر المكروب أين معاقله
47 بذى نجب ذدنا وواكل مالكٌ ... أخًا لم يكن عند الطعان يواكله
48 تفشُّ بنو جوخى الخزير وخلينا ... تشظى قلال الحزن يوم تناقله
49 أقمنا بما بين الثَّربَّة والملا ... تغنِّى ابن ذى الجدَّين فينا سلاسله
50 ونحن صبحنا الموت بشرًا ورهطه ... صراحًا وجاد ابنى هجمة وابله
51 ألا تسألون الناس من ينهل القنا ... ومن يمنع الثغر المخوف تلاتله
52 لنا كل مشبوب يروّى بكفه ... جناحا سنان ديلمىّ وعامله
53 يقلِّص بالفضلين فضل مفاضة ... وفضل نجاد لم تقطع حمائله
54 وعمى رئيس الدَّهم يوم قراقر ... فكان لنا مرباعه ونوافله
55 وكأن لنا خرجٌ مقيم عليهم ... وأسلاب جبار الملوك وجامله
55 [أتهجون يربوعًا وأترك دارمًا ... تهدم أعلى جفركم وأسافله]
56 ودَهْم كجنح الليل زرنا به العدا ... له عثير مما تثير قنابله
57 إذا سوموا لم تمنع الأرض منهم ... حريدًا ولم تمنع حريزًا معاقله
58 نحوط الحمى والخيل عادية بنا ... كما ضربت في يوم طل أجادله
59 أغرك أن قيل الفرزدق مرة ... وذو السن يخصى بعدما شقَّ بازله
60 فإنك قد جاريت لا متكلِّفًا ... ولا شنجًا يوم الرهان أباجله
61 أنا البدر يعشى طرف عينيك فالتمس ... بكفيك يابن القين هل أنت نائله
62 لبست أداتى والفرزدق لعبة ... عليه وشاحًا كرّج وجلاجله
63 أعدُّوا مع الحلى الملاب فإنما ... جرير لكم بعل وأنتم حلائله
64 وأعطوا كما أعطت عوانٌ حليلها ... أقرت لبعل بعد بعل تراسله
65 أنا الدهر يفنى الموت والدهر خالد ... فجئنى بمثل الدهر شيئًا يطاوله
66 أمن سفه الأحلام جاءوا بقردهم ... إلىّ وما قرد لقرم يصاوله
67 تغمده آذىّ بحر فغمه ... وألقاه في الحوت فالحوت آكله
68 فإن كنت بابن القين رائم عزنا ... فرم حضنًا فانظر متى أنت نائله
69 بنى الخطفى حتى رضينا بناءه ... فهل أنت إن لم يرضك القين قاتله
70 بنينا بناء لم تنالوا فروعه .. وهدم أعلى ما بنيتم أسافله
71 وما بك رد للأوابد بعد ما ... سبقن كسبق السيف ما قال عاذله
72 ستلقى ذبابى طائفًا كان يتقى ... وتقطع أضعاف المتون أخايله
73 وما هجم الأقيان بيتًا ببيتهم ... ولا القين عن دار المذلة ناقله
74 وما نحن أعطينا أسيدة حكمها ... لعان أعضت في الحديد سلاسله
75 ولسنا بذبح الجيش يوم أوارة ... ولم يستبحنا عامر وقنابله
76 عرفتم بني عبس عشية أقرنٍ ... فخلىّ للجيش اللواء وحامله
77 وعمران يوم الأقراعين كأنما ... أناخ بذى قرطين خرس خلاخله
78 ولم يبق في سيف القرزدق محمل ... وفي سيف ذكوان بن عمرو محامله
79 هو القين يدنى الكير من صدإ استه ... وتعرف مس الكبتين أنامه
80 ويرضع من لاقى وإن يلق مقعدًا ... يقود بأعمى الفرزدق سائله
81 إذا وضع السربال قالت مجاشع ... له منكبا حوض الحمار وكاهله
82 وأنت ابن ينخوبي من مجاشع ... تخضخض من ماء القيون مفاصله
83 على حفر السِّيدان لاقيت خزية ... ويوم الرحا لم ينق ثوبك غاسله
84 وقد نوختها منقر قد علمتم ... بمعتلج الدأيين شعرء كلاكله
85 يفرِّج عمران بن مرة كينها ... وينزو نزاء العير أعلق حابله
86 أصعصع ما بال ادعائك غالبًا ... وقد عرفت عيني جبير قوابله
87 أصعصع أين السيف عن متشمِّس ... غير أربِّت بالقيون حلائله
88 وتزعم ليلى من جبير بريئةٌ ... وقد ضهلت في رحم ليلى ضواهله
89 وزاول قيها القين محبوكة القفا ... كما زاول الكردوس في القدر ناشله
90 أحارث خذ من شئت منا ومنهم ... ودعنا نقس مجدًا تعد فواضله
91 فما في كتاب الله تهديم دارنا ... بتهديم ماخور خبيث مداخله
92 وفي مخدع منه النوار وشربه ... وفى مخدع اكياره ومراجله
93 تميل به شرب الحوانيت رائحًا ... إذا حرَّكت أوتار صنج أنامله
94 ولست بذى درءٍ ولا ذى أرومة ... وما تعط من ضيم فإنك قابله
95 جعتم إلى صنَّاجةٍ هرويَّة ... على حين لا يلقى مع الجدّ باطله
96 إذا صقلوا سيفًا ضربنا بنصله ... وعاد إلينا جفنه وحمائله

















مصادر و المراجع :      

١- ديوان جرير بشرح محمد بن حبيب

المحقق: د. نعمان محمد أمين طه

الناشر: دار المعارف، القاهرة - مصر

الطبعة: الثالثة

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید