المنشورات

أصناف المجتهدين:

ثم المجتهدون من أئمة الأمة: محصورون في صنفين؛ لا يعدوان إلى ثالث
أصحاب الحديث، وأصحاب الرأي:
أصحاب الحديث:
وهم أهل الحجاز؛ هم: أصحاب مالك بن أنس، وأصحاب محمد بن إدريس الشافعي، وأصحاب سفيان الثوري، وأصحاب أحمد بن حنبل، وأصحاب داود بن علي بن محمد الأصفهاني. وإنما سموا: أصحاب الحديث؛ لأن عنايتهم: بتحصيل الأحاديث، ونقل الأخبار، وبناء الأحكام على النصوص؛ ولا يرجعون إلى القياس الجلي والخفي ما وجدوا: خبراً، أو أثراً.
وقد قال الشافعي: إذا وجدتم لي مذهباً، ووجدتم خبراًعلى خلاف مذهبي؛ فاعلموا أن مذهبي: ذلك الخبر. ومن أصحابه: أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، والربيع بن سليمان الجيزي، وحرملة بن يحيى التجيبي، والربيع بن سليمان المرادي، وأبو يعقوب البويطي، والحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، وأبو ثور إبراهيم بن خالد الكلبي. وهم لا يزيدون على اجتهاده اجتهاداً؛ بل يتصرفون فيما نقل عنه: توجيهاً؛ واستنباطاً، ويصدرون عن رأيه جملة؛ فلا يخالفونه ألبتة.
أصحاب الرأي:
وهم أهل العراق هم: أصحاب أبي حنيفة النعمان بن ثابت. ومن أصحابه: محمد بن الحسن، وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن محمد القاضي، وزفر بن الهذيل، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وابن سماعة، وعافية القاضي، وأبو مطيع البلخي، وبشر المريسي.
وإنما سموا أصحاب الرأي؛ لأن أكثر عنايتهم: بتحصيل وجه القياس، والمعنى المستنبط من الأحكام، وبناء الحوادث عليها؛ وربما يقدمون القياس الجلي على آحاد الأخبار. وقد قال أبو حنيفة: علمنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه؛ فمن قدر على غير ذلك فله ما رأى، ولنا ما رأينا.
وهؤلاء ربما يزيدون على اجتهاده اجتهاداً، ويخالفونه في الحكم الاجتهادي. والمسائل التي خالفوه فيها معروفة.
تفرقة وتذكرة:
إعلم أن بين الفريقين اختلافات كثيرة في الفروع، ولهم فيها تصانيف، وعليها مناظرات؛ وقد بلغت النهاية في مناهج الظنون؛ حتى كأنهم؛ قد أشرفوا على القطع واليقين. وليس يلزم من ذلك تكفير، ولا تضليل؛ بل كل مجتهد مصيب كما ذكرنا قبل هذا.














مصادر و المراجع :      

١- الملل والنحل

المؤلف: أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبى بكر أحمد الشهرستاني (المتوفى: 548هـ)

الناشر: مؤسسة الحلبي

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید