المنشورات

النسطورية:

أصحاب نسطور الحكيم الذي ظهر في زمان المأمون، وتصرف في الأناجيل بحكم رأيه. وإضافته إليهم إضافة المعتزلة إلى هذه الشريعة. قال: إن الله تعالى واحد، ذو أقانيم ثلاثة: الوجود، والعلم، والحياة. وهذه الأقانيم ليست زائدة على الذات، ولا هي هو. واتحدت الكلمة بجسد عيسى عليه السلام، لا على طريق الامتزاج كما قالت الملكانية، ولا على طريق الظهور به كما قالت اليعقوبية، ولكن كإشراق الشمس في كوة على بلورة. وكظهور النقش في الشمع إذا طبع بالخاتم.
وأشبه المذاهب بمذهب نسطور في الأقانيم: أحوال أبي هاشم من المعتزلة، فإنه يثبت خواص مختلفة لشيء واحد، ويعني بقوله: واحد، يعني الإله. قال هو واحد بالجوهر، أي ليس هو مركبا من جنسين بل هو بسيط وواحد. ويعنى بالحياة والعلم أقنومين جوهرين، أي أصلين مبدأين للعالم. ثم فسر العلم بالنطق، والكلمة. ويرجع منتهى كلامه إلى إثبات كونه تعالى موجودا، حيا، ناطقا كما تقول الفلاسفة في حد الإنسان، إلا أن هذه المعاني تتغاير في الإنسان لكونه جوهرا مركبا، وهو جوهر بسيط غير مركب.
وبعضهم يثبت لله تعالى صفات أخر بمنزلة القدرة والإرادة ونحوهما. ولم يجعلوها أقانيم كما جعلوا الحياة والعلم أقنومين.
ومنهم من أطلق القول بأن كل واحد من الأقانيم الثلاثة: حي، ناطق، إله. وزعم الباقون أن اسم الإله لا يطلق على كل واحد من الأقانيم.
وزعموا أن الابن لم يزل متولدا من الآب، وإنما تجسد واتحد بجسد المسيح حين ولد.
والحدوث راجع إلى الجسد والناسوت، فهو إله وإنسان اتحدا، وهما جوهران، أقنومان، طبيعتان: جوهر قديم، وجوهر محدث، إله تام، وإنسان تام. ولم يبطل الاتحاد قدم القديم، ولا حدوث المحدث، لكنهما صارا مسيحا واحدا، طبيعة واحدة. وربما بدلوا العبارة، فوضعوا مكان الجوهر: الطبيعة، ومكان الأقنوم: الشخص.
وأما قولهم في: القتل، والصلب فيخالف قول الملكانية واليعقوبية. قالوا: إن القتل وقع على المسيح من جهة ناسوته، لا من جهة لاهوته، لأن الإله لا تحله الآلام.
وبوطينوس، وبولس الشمشاطي يقولان: إن الإله واحد، وإن المسيح ابتدأ من مريم عليها السلام، وإنه عبد صالح مخلوق، إلا أن الله تعالى شرفه وكرمه لطاعته وسماه ابنا على التبني، لا على الولادة والاتحاد.
ومن النسطورية قوم يقال لهم المصلين، قالوا في المسيح مثل ما قال نسطور، إلا أنهم قالوا: إذا اجتهد الرجل في العبادة، وترك التغذي باللحم، والدسم، ورفض الشهوات الحيوانية والنفسانية: تصفى جوهره حتى يبلغ ملكوت السماوات، ويرى الله تعالى جهرة وينكشف له ما في الغيب فلا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
ومن النسطورية من ينفي التشبيه، ويثبت القول بالقدر، خيره وشره من العبد كما قالت القدرية.
















مصادر و المراجع :      

١- الملل والنحل

المؤلف: أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أبى بكر أحمد الشهرستاني (المتوفى: 548هـ)

الناشر: مؤسسة الحلبي

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید