المنشورات

مدح رضوان

في رضوان، خازن الجنان، عملتها في وزن:
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان
ووسمتها برضوان. ثمّ ضانكت الناس حتى وقفت منه بحيث يسمع ويرى، فما حفل بي، ولا أظنّه أبه لما أقول.
فغبرت برهة، نحو عشرة أيام من أيّام الفانية، ثم عملت أبياتاً في وزن:
بان الخليط ولو طووعت ما بانا ... وقطَّعوا من حبال الوصل أقرانا
ووسمتها برضوان، ثمّ دنوت منه ففعلت كفعلي الأوَّل، فكأني أحرك ثبيراً، وألتمس من الغضرم عبيراً، والغضرم: تراب يشبه الجصَّ، فلم أزل أتتبع الأوزان التي يمكن أن يوسم بها رضوان حتى أفنيتها، وأنا لا أجد عنده مغوثةً، ولا ظننته فهم ما أقول، فلمّا استقصيت الغرض فما أنجحت، دعوت بأعلى صوتي: يا رضوان، يا أمين الجبَّار الأعظم على لفراديس، ألم تسمع ندائي بك واستغاثتي إليك؟ فقال: لقد سمعتك تذكر رضوان وما علمت ما مقصدك، فما الذي تطلب أيها المسكين؟ فأقول: أنا رجل لا صبر لي على اللواب أي العطش وقد استطلت مدة الحساب، ومعي صل بالتوبة، وهي للذنّوب كلّها ماحية، وقد مدحتك بأشعارٍ كثيرة ووسمتها باسمك. فقال: وما الأشعار؟ فإني لم أسمع بهذه الكلمة قطّ إلا الساعة. فقلت: الأشعار جمع شعرٍ، والشعر كلام موزون تقبله الغريزة على شرائط، إن زاد أو نقص أبانه الحسُّ، وكان أهل العاجلة يتقربّون به إلى الملوك والسادات، فجئت بشيء منه إليك لعلك تأذن لي بالدُّخول إلى الجنة في هذا الباب، فقد استطلت ما الناس فيه، وأنا ضعيف منين؛ ولا ريب أنّي ممن يرجو المغفرة، وتصحُّ له بمشيئة الله تعالى. فقال: إنك لغبين الرأي! أتأمل أن آذن لك بغير إذن من رب العزة؟ هيهات هيهات! وأنَّى لهم التناوش من مكان بعيد.















مصادر و المراجع :      

١- رسالة الغفران

المؤلف: أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان، أبو العلاء المعري، التنوخي (المتوفى: 449هـ)

الناشر: مطبعة (أمين هندية) بالموسكي (شارع المهدي بالأزبكية) - مصر

صححها ووقف على طبعها: إبراهيم اليازجي

الطبعة: الأولى، 1325 هـ - 1907 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید