المنشورات

الْحَيَاءِ وَالْوَقَاحَةِ

يُقَالُ: حَيِيت مِنْ فُلان، وَحَيِيت مِنْ الأَمْرِ، وَاسْتَحْيَيْت مِنْهُ، وَاسْتَحْيَتْ بِيَاءٍ واحدة، وَهَذَا أَمْر يُسْتَحْيَا مِنْهُ وَيُسْتَحْيَ، وإِنِّي لأَسْتَحْيِي فُلاناً، وَأَسْتَحِيهُ، يُعْدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْحَرْفِ، وَقَدْ حَشِمْت مِنْهُ، وَاحْتَشَمْت، وَتَحَشَّمْت، وَقَالَ لِي كَذَا فحشَمَنِي، وأحْشَمَنِي، وَقَدْ انْقَبَضْت مِنْهُ حَيَاء، وَانْزَوَيْت حَيَاء.
وَفُلان رَجُل حَيِيٌّ، وَحَشِيمٌ، وإِنَّهُ لَحَيِيّ الْوَجْه، وَرَقِيق الْوَجْهِ، وَحَيِيّ الطَّبْع، وَهُوَ أَحْيَا مِنْ الْهَدِيّ، وَأَحْيَا مِنْ كَعَاب، وَأَحْيَا مِنْ عَذْرَاءَ، وَمِنْ مُخَدَّرَة، وَمِنْ مُخَبَّأَة.
وَتَقُولُ: قَنِيتُ حَيَائِي بِالْكَسْرِ أَيْ لَزِمْتهُ، قُنْيَاناً بِالضَّمِّ، وَقَدْ لَبِسْت عِطَاف الْحَيَاء، وَارْتَدَيْت بِرِدَاءِ الْحِشْمَةِ، وَإِنِّي لَيَقْتَنِينِي الْحَيَاء أَنْ أَفْعَلَ كَذَا أَيْ يَكُفُّنِي وَيَعِظُنِي، وَهَذَا أَمْر يَقْبِضُنِي عَنْهُ الْحَيَاء، وَيَصُدُّنِي عَنْهُ الْحَيَاء، وَيَزَعُنِي عَنْهُ وَازِع الْحِشْمَة، وَقَدْ اِنْقَدَعْت عَنْ الشَّيْءِ أَيْ اِسْتَحْيَيْت مِنْهُ.
وَيُقَالُ: طَنِئَ الرَّجُل إِذَا كَانَ فِي صَدْرِهِ شَيْء يَسْتَحْيِي أَنْ يُخْرِجَهُ، وَتَقُولُ: فُلان يَتَصَحَّبُ مِنَّا أَيْ يَسْتَحْيِي، وَقَدْ تَصَحَّبَ مِنْ مُجَالَسَتِنَا.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ مُسْتَحْيِياً وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُنْبَسِطِ فِي الظُّهُورِ: مَا أَنْتَ بِمُنْجَرِد السِّلْك.
وَقَدْ تَزَايِلَ الرَّجُل إِذَا اِحْتَشَمَ وَانْقَبَضَ، وَإِنَّهُ لَيَتَزَايَلُ عَنْ فُلانٍ إِذَا اِنْقَبَضَ مِنْهُ وَلَمْ يَجْتَرِئْ عَلَيْهِ، وَجَلَسَتْ فُلانَة إِلَيْنَا مُتَزَايِلَة إِذَا اِنْقَبَضَتْ وَسَتَرَتْ وَجْهَهَا.
وَيُقَالُ: اِمْرَأَة خَفِرَة، وَمِخْفَار، وَبِهَا خَفَرٌ بِفَتْحَتَيْنِ، إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةَ الْحَيَاءِ، وَقَدْ خَفِرَتْ بِالْكَسْرِ، وَتَخَفَّرَتْ، وَاِمْرَأَة قَدِعَةٌ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ، وَقَدُوعٌ، أَيْ كَثِيرَة الْحَيَاءِ قَلِيلَة الْكَلام، وامرأة خَرِيدَة، وَخَرِيدٌ، وَخَرُودٌ إِذَا كَانَتْ حَيِيَّة طَوِيلَة السُّكُوتِ خَافِضَةَ الصَّوْتِ، وَقَدْ خَرِدَتْ بِالْكَسْرِ، وَتَخَرَّدَتْ، وَإِنَّهَا لَذَات صَوْت خَرِيد أَيْ لَيِّن عَلَيْهِ أَثَر الْحَيَاءِ.
وَيُقَالُ: خَجِلَ الرَّجُلِ بِالْكَسْرِ خَجَلا إِذَا بُهِتَ مِنْ الْحَيَاءِ، وَهُوَ خَجِلٌ بِفَتْحٍ فَكَسْر، وَأَخْجَلَهُ ذَلِكَ الأَمْرُ، وَخَجَّلَهُ تَخْجِيلاً، وَأَخْجَلْته أَنَا، وَخَجَّلْته، وَقَدْ أَدْرَكَتْهُ مِنْ ذَلِكَ خَجْلَة بِالْفَتْحِ.
وَكَلَّمْتهُ فَتَضَرَّجَ خَدَّاهُ مِنْ الْخَجَلِ، وَقَنَّعَهُ الْخَجَل، وَعَلَتْ وَجْهُهُ حُمْرَة الْخَجَل، وَقَدْ شَرِقَ لَوْنُهُ بِالْكَسْرِ إِذَا اِحْمَرَّ مِنْ الْخَجَلِ، وَفُلان يُدْمِيه اللَّحْظ، وَيَجْرَحُ خَدَّيْهِ اللَّحْظ.
وَرَأَيْته وَقَدْ ارْفَضَّ عَرَقاً، وَنَدِيَ وَجْهه عَرَقاً، وَرَشَحَ جَبِينُه عَرَقاً، وَجَرَى عَلَى وَجْهِهِ عَرَق الْحَيَاءِ، وَأَعْرَضَ وَهُوَ نَدِيّ الْوَجْه، وَنَدِيّ الْجَبِين، وَذَهَبَ وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِين الْخَجَل.
وَعَاتَبْتهُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ فَازْوَرَّ خَجَلاً، وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ خَجَلاً، وَسَتَرَ وَجْهَهُ خَجَلاً، وَأَطْرَقَ رَأْسَه مِنْ الْخَجَلِ، وَنَكَّسَ بَصَره، وَكَسَرَ مِنْ طَرْفِهِ، وَقَدْ لَفَّ الْحَيَاء رَأْسَهُ، وَغَضَّ الْخَجَل طَرْفه، وَاعْتُقِلَ لِسَانُهُ مِنْ الْخَجَلِ، وَقَطَعَهُ الْحَيَاء عَنْ الْكَلامِ، وَكَادَ يَذُوبُ مِنْ الْحَيَاءِ، وَيَسُوخُ مِنْ الْخَجَلِ، وَخَجِلَ حَتَّى تَمَنَّى لَوْ سَاخَتْ بِهِ الأَرْض، وَمَرَّ وَهُوَ يَعْثُرُ فِي ثَوْبِهِ مِنْ الْخَجَلِ.
وَيُقَالُ: خَزِيَ الرَّجُل خَزَايَة بِالْفَتْحِ، وَتَشَوَّرَ، إِذَا اِشْتَدَّ حَيَاؤُهُ لأَمْرٍ قَبِيحٍ صَدَرَ مِنْهُ، وَهُوَ خَزْيَانُ، وَهِيَ خَزْياً، وأصَابَتْه خِزْيَة، وَشَوْرَة، وَهِيَ الْخَصْلَةُ يُسْتَحْيَا مِنْهَا، وَقَدْ وَأَبَ مِنْ ذَلِكَ الأَمْرِ إِبَةً كَعِدَة، وَاتَّأَبَ بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ خَزِيَ وَاسْتَحْيَا، وَالاسْم التُّؤْبَة مِثَال هُمَزَة، وَالْمَوْئِبَة بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهِيَ الْمُخْزِيَاتُ، وَالْمُوئِبَاتُ بِالضَّمِّ، لِكُلِّ فَعْلَةٍ يُخْزَى صَاحِبُهَا، وَقَدْ أَخْزَاهُ ذَلِكَ الأَمْر إِذَا أَوْرَثَهُ خَزَايَة، وَقُلْت لَهُ كَذَا فَأَخْزَيْته أَيْ أَخْجَلْتهُ.
وَيُقَالُ: أَوْأَبْته إِذَا فَعَلْت بِهِ فِعْلاً يُسْتَحْيَا مِنْهُ، وَكَذَلِكَ شَوَّرْتهُ، وَشَوَّرْت بِهِ، وَيُقَالُ: جَاءَ فُلان بِالْمُنْدِيَات أَيْ الْمُخْزِيَات، وَرَمَاهُ بِالْمُنْدِيَات إِذَا عَيَّرَهُ بِمَا يَخْجَلُ مِنْهُ.
وَيُقَالُ: فُلانٌ شُجَاعُ الْقَلْبِ جَبَان الْوَجْه أَيْ حَيِيّ وَيُقَالُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ هُوَ وَقِحٌ، وَوَقَاحٌ بِالْفَتْحِ وَالتَّخْفِيفِ، وَهِيَ وَقِحَة، وَوَقَاحٌ، وإِنَّ بِهِ وَقَاحَةً، وَقِحَة مِثَال عِدَة، وَقَدْ وَقُحَ بِالضَّمِّ، واتَّقَحَ، وَتَوَقَّحَ، وتَوَاقَحَ عَلَى فُلان، وَهُوَ أَوْقَحُ مِنْ ذِئْب، وَأَوْقَحُ مِنْ بَغْي.
وإِنَّهُ لَوَقِحُ الْوَجْه، وَوَقَّاح الْوَجْه، صَفِيق الْوَجْه، صُلْب الْوَجْهِ، صَخْر الْوَجْه، صُلْب الْجَبِينِ، قَلِيل الْحَيَاء، قَلِيل مَاء الْوَجْهِ، نَاضِب مَاء الْوَجْهِ، وَإِنَّهُ لا يَنْدَى لَهُ جَبِين، وَلا تَعْمَلُ فِيهِ الْمُنْدِيَات، وَلا تَغُضُّ طَرْفَهُ الْمَخَازِي، وَإِنَّ لَهُ وَجْهاً أَصْلَب مِنْ اللِّيطِ، وَأَصْلَب مِنْ الصَّخْرِ وَأَصْلَب مِنْ صُمّ الصَّفَا.
وَتَقُولُ: نَبَذَ فُلان الْحَيَاء، وَخَلَعَ الْحَيَاء، وَأَسْقَطَ الْحَيَاء، وَخَلَع عِذَار الْحَيَاء، وَنَضَبَ مِنْ وَجْهِهِ مَاء الْحَيَاءِ، وَأَبْرَزَ صَفْحَة الْوَقَاحَة، وَأَقْلَعَ عَنْ مَذَاهِبِ الْحِشْمَة، وَأَلْقَى عَنْهُ شِعَار الْحِشْمَة، وَخَلَعَ جِلْبَابَ الْحَيَاءِ، وَأَمَاطَ قِنَاع الْحَيَاءِ، وَأَلْقَى عَنْ وَجْهِهِ بُرْقُعَ الْحَيَاءِ، وَخَلَعَ رِبْقَة الْحِشْمَة، وَهَتَكَ سِتْر الْحِشْمَة، وَخَرَقَ حِجَاب الْحِشْمَة، وَيُقَالُ قَلَبَ فُلان مِجَنَّه إِذَا أَسْقَطَ الْحَيَاء.
وَفُلان رَجُل مُتَهَتِّكٌ، ومُسْتَهْتِكٌ، أَيْ لا يُبَالِي أَنْ يَهْتِكَ سِتْرَهُ، وَرَجُلٌ مُسْتَهْتَرٌ بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَيْ لا يُبَالِي مَا قِيلَ فِيهِ وَلا مَا قِيلَ لَهُ، وَقُلْت لَهُ قَوْلاً فَمَا أَلاحَ مِنْهُ أَيْ مَا اِسْتَحَى، وَإِنَّهُ لَرَجُل أَبَلّ أَيْ لا يَسْتَحْيِي، وَهُوَ رَجُلٌ ذَرِبُ اللِّسَان أَيْ فَاحِش لا يُبَالِي مَا يَقُولُ، وَقَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلأُ الْفَمَ أَيْ عَظِيمَة شَنِيعَة لا يَجُوزُ أَنْ تُحْكَى، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْر مُتَّئِبٍ أَيْ غَيْرِ مُسْتَحْيٍ، يُقَالُ: اِتَّئِبْ يَا هَذَا، وَفُلانٌ مَا يَتَصَحَّب مِنْ شَيْءِ أَيْ مَا يَتَوَقَّى وَمَا يَسْتَحْيِي، وَذُكِرَ هَذَانِ قَرِيباً.
وَيُقَالُ: جَلِعَتْ الْمَرْأَة بِالْكَسْرِ، وَجَالَعَتْ، إِذَا قَلَّ حَيَاؤُهَا وَتَكَلَّمَتْ بِالْفُحْشِ، وَهِيَ جَلِعَة، وَجَالِعَة، وَمُجَالِع، وَكَذَلِكَ الرَّجُل، وَالْمَجِعَة مِنْ النِّسَاءِ مِثْل الْجَلِعَةِ، وَفِيهَا مَجَاعَةٌ بِالْفَتْحِ.
وَتَجَالَعَ الرَّجُلانِ، وَتَمَاجَعَا، وَتَرَافَثَا، إِذَا تَمَاجَنَا وَتَجَاوَبَا بِالْفُحْشِ.
وَيُقَالُ: رَجُلٌ نَبْرٌ بِالْفَتْحِ أَيْ قَلِيل الْحَيَاء يَنْبِرالنَّاس بِلِسَانِهِ وَتَقُولُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ اِنْبَسَطَ الرَّجُلُ إِذَا تَرَكَ الاحْتِشَامَ، وَقَدْ حَلَّ حُِبْوَتَهُ، وَنَقَضَ حُِبْوَتَهُ، وَحَلَّ عُقَد التَّحَفُّظ، وَنَزَعَ مَلابِسَ التَّحَرُّز، وَأَرْسَلَ نَفْسَهُ عَلَى سَجِيَّتِهَا.
وَقَدْ تَذَيَّلَ فِي كَلامِهِ، وَتَبَسَّطَ فِيهِ، وَتَسَرَّحَ، إِذَا أَفَاضَ فِيهِ غَيْر مُحْتَشِم.
وَجَلَسَ إِلَى فُلان مُنْقَبِضاً فَبَاسَطْتهُ، وَبَسَطْت مِنْهُ، وَبَسَطْت مِنْ اِنْقِبَاضِهِ، وَأَزَلْت اِحْتِشَامَهُ، وَسَرَوْتُ عَنْهُ رِدَاء الْحِشْمَةِ، وَأَمَطْت عَنْهُ بُرْقُع الْخَجَلِ، وَأَزَلْت عَنْهُ كُلَف الاحْتِشَام، وَحَطَطْت عَنْهُ مَؤُونَة الاحْتِشَام.
وَيُقَالُ: جَاءَنَا فُلان مُدِلّاً أَيْ مُنْبَسِطاً، وَقَدْ أَدَلَّ عَلَى فُلان، وَتَدَلَّلَ عَلَيْهِ، وَلَهُ عَلَيْهِ دَالَّة وَهِيَ شِبْهُ الْجُرْأَةِ تَدُلُّ بِهَا عَلَى صَاحِبِك، وَفُلانٌ يَتَسَحَّبُ عَلَى إِخْوَانِهِ أَيْ يَتَدَلَّلُ.
وَيُقَالُ: اِمْرَأَة بَرْزَة إِذَا كَانَتْ كَهْلَة لا تَحْتَجِبُ اِحْتِجَاب الشَّوَابّ تَجْلِسُ لِلنَّاسِ وَتُحَدِّثُهُمْ.
وَغُلامٌ بَزِيعٌ أَيْ خَفِيف ظَرِيف يَتَكَلَّمُ وَلا يَسْتَحْيِي، وَقَدْ بَزُعَ الْغُلام، وَتَبَزَّعَ، وَفِيهِ بَزَاعَةٌ بِالْفَتْحِ.


















مصادر و المراجع :      

١- نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتوارد

المؤلف: إبراهيم بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن جنبلاط بن سعد الْيَازِجِيّ الْحِمْصِيّ نصراني الديانة (المتوفى: 1324هـ)

الناشر: مطبعة المعارف، مصر

عام النشر: 1905 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد
المزید
فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع
المزید
حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا
المزید
أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي
المزید
إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها
المزید