المنشورات
التَّنَدُّمِ
يُقَالُ نَدِمَ الرَّجُل عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، وَتَنَدَّمَ، وَحَسِرَ، وَلَهِفَ، وَتَحَسَّرَ، وَتَلَهَّفَ، وَقَدْ أَعْقَبَهُ الأَمْرُ نَدَماً، وَأَوْرَثَهُ حَسْرَة،وَأَرْهَقَهُ لَهْفَةً، وَلَهَفاً، وَبَاتَ يَمْتَعِضُ أَسَفاً، وَيَتَجَرَّعُ غُصَص النَّدَم، وَيَجْرَضُ بِرِيقه مِنْ الْكَمَدِ، وَرَأَيْته لَهِيفاً، حَائِراً، كَاسِف الْبَالِ، كَاسِف الْوَجْهِ، هَائِم اللُّبّ، مُشَرَّد الْفِكْرِ.
وَرَأَيْته نَادِماً سَادِماً، وَنَدْمَانَ سَدْمَان، أَيْ نَادِماً مَهْمُوماً وَلا يَكَادُ يُسْتَعْمَلُ السَّدَم إِلا مَعَ النَّدَمِ، وَقَدْ نَدِمَ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ، وَنَدِمَ عَلَى مَا فَاتَهُ، وَنَدِمَ عَلَى مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ، وَسُقِطَ فِي يَدِهِ، وَبَاتَ يَتَقَلَّبُ عَلَى مِثْل الْجَمْر مِنْ النَّدَمِ، وَيَتَقَلَّبُ عَلَى مِثْل شَوْك الْقَتَاد، وَبَاتَ يَقْرَعُ سِنَّهُ نَدَماً، وَيُقَلِّبُ كَفَّيْهِ نَدَماً، وَيُعَضِّضُ شَفَتَيْهِ لَهَفاً، وَيَعَضُّ عَلَى يَدَيْهِ، وَيَعَضُّ عَلَى بَنَانِهِ، وَقَدْ أَكَلَ بَنَانَهُ نَدَماً، وَأَكَلَ يَدَيْهِ نَدَماً، وَأَفْنَى يَدَيْهِ عَضّاً، وَقَطَّعَ نَفْسَهُ بِاللَّوْمِ، وَذَهَبَتْ نَفْسُهُ حَسَرَات.
وَقَدْ اِسْتَوْبَلَ عَاقِبَة أَمْرِهِ، وَاسْتَوْخَمَ غِبّ سَعْيه، وَذَاقَ وَبَالَ تَفْرِيطِهِ، وَجَنَى ثَمَرَةَ تَهَوُّرِهِ، وَتَرَدَّى فِي مَهْوَاة غُرُورِهِ، وَاحْتَقَبَ مِنْ فِعْلِهِ تَبِعَة النَّدَمِ، وَتَكَشَّفَتْ لَهُ عُقْبَى صَنِيعِهِ عَنْ رَأْيٍ فَطِيرٍ، وَحِلْم طَائِش، وَلُبّ أَفِين.
وَقَدْ نَدِمَ نَدَامَة الْكُسَعِيّ، وَلاتَ سَاعَةَ مَنْدَم، وَتَقُولُ ندَّمْتُ الرَّجُلَ عَلَى مَا فَعَلَ، وأَنْدَمْتُه، وَلُمْتُهُ، وَقَرَّعْتُهُ، وَعَنَّفْتُهُ، وَسَفَّهْتُ رَأْيَهُ، وعَجَّزتُ رَأْيَهُ، وَسَخَّفْتُ عَقْلَهُ، وَقَبَّحْتُ فِعْلَهُ، وَأَرَيْتُهُ عَاقِبَة أَمْرِهِ، وَأَبَنْتُ لَهُ سُوءَ صَنِيعِهِ.
وَتَقُولُ بَاعَ فُلان كَذَا أَوْ وَهَبَ كَذَا ثُمَّ تَبِعَتْهُ نَفْسُهُ، وَاسْتَوْحَشَ إِلَيْهِ، وَعُرِيَ إِلَيْهِ، كُلّ ذَلِكَ إِذَا أَدْرَكَهُ النَّدَمُ، وَقَدْ عُرِيَ إِلَى مَالِهِ أَشَدَّ الْعُرَوَاء، وَيُقَالُ لَوْ اِسْتَقْبَلَ فُلانٌ مِنْ أَمْرِهِ مَا اِسْتَدْبَرَ لَمَا فَعَلَ أَي لَوْ ظَهَرَ لَهُ أَوَّلا مَا ظَهَرَ لَهُ آخِراً لَمْ يَفْعَلْ، وَتَقُولُ فِي التَّحْذِيرِ أَوْ الْوَعِيدِ لَتَنْدَمَنَّ عَلَى مَا فَعَلْتَ، وَلَتَجِدَنَّ غِبَّهَا، وَلَتَعْلَمَنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِين.
مصادر و المراجع :
١- نجعة الرائد وشرعة
الوارد في المترادف والمتوارد
المؤلف: إبراهيم
بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن جنبلاط بن سعد الْيَازِجِيّ
الْحِمْصِيّ نصراني الديانة (المتوفى: 1324هـ)
الناشر: مطبعة
المعارف، مصر
عام النشر: 1905
م
16 يوليو 2024
تعليقات (0)