المنشورات
السُّمُوِّ إِلَى الْمَعَالِي وَالْقُعُودِ عَنْهَا
يُقَالُ: فُلان خَطِير النَّفْس، رَفِيع الأَهْوَاء، بَعِيد الْهِمَّةِ، وَبَعِيد مُرْتَقَى الْهِمَّة، وَإِنَّ لَهُ هِمَّةً بَعِيدَة الْمَرْمَى، وَنَفْساً رَفِيعَة المَصْعَد، وَإِنَّهُ لَيَسْمُو إِلَى مَعَالِي الأُمُورِ، وَيَصْبُو إِلَى شَرِيف الْمَطَالِب، وَتَطْمَحُ نَفْسُهُ إِلَى خَطِيرِ الْمَسَاعِي، وَتَنْزِعُ هِمَّته إِلَى سَنِيّ الْمَرَاتِب، وَتَحْفِزُهُ إِلَى بَعِيد الْمَدَارِك، وَتَحُثُّهُ عَلَى طَلَبِ الأُمُورِ الْعَالِيَةِ، وَتَوَقُّل الدَّرَجَات الرَّفِيعَة، وَبُلُوغ الأَقْدَار الْخَطِيرَة.
وَإِنَّ فُلاناً لَطَلاعُ ثَنَايَا، وَطَلاع أَنْجُد، أَيْ يَؤُمُّ مَعَالِي الأُمُورِ، وَإِنَّهُ لِيَجْرِيَ فِي غِلاء الْمَجْد، وَيَتَوَقَّلُ فِي مَعَارِج الشَّرَف، وَيَتَسَوَّرُ شُرُفَات الْعِزّ، وَيَطَأُ أَعْرَاف الْمَجْد، وَيَبْنِي خِطَط الْمَكَارِم، وَيَمُدّ فِي وُجُوهِ الْمَجْدِ غُرَراً.
وَقَدْ بَنَى لَهُ مَجْدّاً مُؤَثَّلاً، وَتَسَنَّمَ ذِرْوَة الشَّرَف، وَرَقِيَ يَفَاع الْمَجْد، وَتَقَمَّصَ لِبَاس الْعِزِّ، وَتَفَرَّعَ ذِرْوَة الْمَعَالِي، وَتَذَرَّى سَنَام الْمَجْدِ، وَصَعِدَ إِلَى فُرُوع الْعُلَى، وَوَثَبَ إِلَى قِمَّةِ الشَّرَفِ، وَبَلَغَ إِلَى رِفْعَةٍ لا تُسَامَى، وَعِزَّةٍ لا تُغَالَبُ، وَرُتْبَة لا يَسْمُو إِلَيْهَا أَمَل، وَمَنْزِلَة لا يَتَعَلَّقُ بِهَا دَرَك، وَغَايَة تَتَرَاجَعُ عَنْهَا سَوَابِق الْهِمَم، وَيَقْصُرُ عَنْ إِدْرَاكِهَا الْمُتَنَاوِل.
وَيُقَالُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ: فُلانٌ قَاعِد الْهِمَّة، عَاجِز الرَّأْي، مُتَخَاذِل الْعَزْمِ، خَامِل الْحِسّ، ضَعِيف النَّفْسِ، صَغِير الْهِمَّة، لا تَطْمَحُ نَفْسه إِلَى مَأْثَرة، وَلا تَسْمُو هِمَّته إِلَى مَنْقَبَة، وَلا يَدْفَعُهُ طَبْعُهُ إِلَى مَكْرُمَة.
وَقَدْ رَضِيَ بِالْهُونِ صَاحِباً، وَأَلِفَ جَنْبُهُ مَضَاجِع الامْتِهَان، وَاسْتَوْطَأَ مِهَاد الْخُمُول، وَأَخْلَدَ إِلَى الصَّغَارِ، وَاسْتَنَامَ إِلَى الضَّعَةِ، وَرَضِيَ مِنْ دَهْرِهِ بِالدُّونِ، وَقَنِعَ مِنْ زَمَانِهِ بِالنَّصِيبِ الأَخَسِّ، وَقَنِعَ مِنْهُ بِسَهْمٍ أَفْوَقَ، وَبِأَفْوَقَ نَاصِل، وَقَعَدَ عَمَّا تَسْمُو إِلَيْهِ النُّفُوسُ الْعَزِيزَةُ، وَتَرْقَى إِلَيْهِ الْهِمَمُ الشَّرِيفَةُ، وَفُلان هَمّه فِي قَعْبَيْنِ مِنْ لَبَن وَقَصْعَة مِنْ ثَرِيد.
مصادر و المراجع :
١- نجعة الرائد وشرعة
الوارد في المترادف والمتوارد
المؤلف: إبراهيم
بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن جنبلاط بن سعد الْيَازِجِيّ
الْحِمْصِيّ نصراني الديانة (المتوفى: 1324هـ)
الناشر: مطبعة
المعارف، مصر
عام النشر: 1905
م
16 يوليو 2024
تعليقات (0)