المنشورات

الْجِدِّ وَالْهَزْلِ

يُقَالُ: جَدّ فُلان فِي كَلامِهِ، وَفِي فِعْلِهِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ جَاداً، وَقَدْ رَأَيْت مِنْهُ الْجِدَّ، وَعَرَفْت مِنْهُ الْجِدَّ، وَتَبَيَّنْت الْجِدّ فِي كَلامِهِ، وَتَبَيَّنْت الْجِدَّ فِي وَجْهِهِ، وَتَقُولُ: هَذَا كَلامٌ مَا أَرَدْت بِهِ إِلا الْجِدَّ، وَمَا كَلَّمْتهُ بِهِ إِلا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَعَلَى وَجْهِهِ، وَعَلَى حَقِيقَتِهِ، وَهَذَا كَلام لا ظِلَّ عَلَيْهِ لِلْهَزْلِ، وَلا مَحْمِل فِيهِ لِلْهَزْلِ، وَلا مَوْضِع فِيهِ لِلْمَزْحِ، وَهَذَا مِنْ الأُمُورِ الْجِدِّيَّةِ.
وَيُقَالُ: أَجِدَّك تَفْعَلُ هَذَا أَيْ أَجِداً مِنْك ثُمَّ أُضِيفَ وَانْتِصَابُه عَلَى الْحَالِ أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ، وَتَقُولُ: فُلان مِنْ أَهْلِ الْجِدِّ، وَإِنِّي مَا عَرَفْت فِيهِ مَذْهَبَ الْهَزْلِ، وَمَا رَأَيْته يَمْزَحُ قَطُّ، وَإِنَّ فُلاناً لَكَثِير الْجِدِّ حَتَّى يَكَادَ يَخْرُجُ إِلَى الْجَفَاءِ، وَيَكَادُ يَدْخُلُ فِي حَدِّ الْجُمُودِ.
وَتَقُولُ فِي خِلافِ ذَلِكَ: فُلان يَهْزِلُ، وَيَمْزَحُ، وَيَمْجُن، وَيَدْعَب، وَيَلْعَبُ، وَيَعْبَثُ، وَيَلْهُو.
وَإِنَّهُ لَهَزَّال وَمَزَّاح، وَمَجَّان، وَدَعَّابَة، وَعِبِّيث، وَإِنَّهُ لَتِلْعَاب، وَتِلْعَابَة، وَلُعَبة بِضَمٍّ فَفَتْح، وَإِنَّهُ لَدَعِب لَعِب، وَدَاعِب لاعِب، وَهُوَ كَثِير الْهَزْل، وَالْمَزْح، وَالْمُزَاح، وَالْمَجَانَة، وَالْمُجُون، وَالدُّعَابَة، وَاللَّعِب، وَالْعَبَث.
وَقَدْ هَازَل فُلانا، وَمَازَحَهُ، وَمَاجَنَهُ، وَدَاعَبَهُ، وَلاعَبَهُ، وَطَايَبَهُ، وَفَاكَهَهُ، وَبَاسَطَهُ، وَضَاحَكَهُ، وَيُقَالُ: عَبَث بِفُلانٍ إِذَا تَعَرَّضَ لَهُ بِمَا يُثِيرُهُ يُرِيدُ الضَّحِكَ مِنْهُ، وَأَنَّ فُلاناً لَيَتَدَاعَب عَلَى النَّاسِ إِذَا رَكِبَهُمْ بِالْهَزْلِ وَالْمُزَاحِ.
وَفُلان مُضْحِكُ الأَمِيرِ، وَمُضْحِكُ بَنِي فُلان، وَإِنَّهُ لَمَزَّاح، ظَرِيف، فَكِه، طَيِّب الْمُنَافَثَةِ، خَفِيف الرُّوحِ، طَيِّب النَّفْسِ، حُلْو الشَّمَائِلِ، مُسْتَمْلَح الْفُكَاهَة، كَثِير النَّوَادِرِ، كَثِير الْمُضْحِكَات، لَطِيف الْهَزْلِ، خَفِيف الْمَزْح، مُهَذَّب اللِّسَانِ، وَإِنَّ لَهُ لَمَزْحاً يُضْحِكُ الْحَزِين، وَيُحَرِّكُ الرَّصِين، وَيُذْهِلُ الزَّاهِدَ، وَيُخشِّنُ قَلْب الْعَابِدِ.
وَيُقَالُ: أحْمَض الْقَوْم إِذَا مَلُّوا الْجِدّ فَتَرَكُوهُ تَفَصِّياً وَاسْتِرْوَاحاً وَأَخَذُوا فِي الأَحَادِيثِ الْمُسْتَمْلَحَةِ، وَتَجَارَزَ الرَّجُلانِ، وَبَيْنَهُمَا مُجَارَزَة، وَهِيَ مُفَاكَهَةٌ تُشْبِهُ السِّبَابَ.
وَتَقُولُ: فُلان يَتَشَفَّى بِالْمُزَاحِ، وَهَذَا هَزْل يَشِفُّعَنْ جِدّ، وَهَزْل يُتَرْجَم عَنْ جِدّ، وَهَذَا مَزْح مُبَطَّن بِالْجِدِّ، وَهَذَا كَلام ظَاهِره هَزْل وَبَاطِنه جِدّ.
وَيُقَالُ: أَخَذَ فُلان مَالِي لاعِباً جَاداً إِذَا أَخَذَهُ عَلَى سَبِيلِ الْهَزْلِ فَصَارَ جِداً وَتَقُولُ: فُلان سَمْج الْمُزَاح، قَبِيح الدُّعَابَةِ، غَلِيظ الْمُفَاكَهَة، فَاحِش الْمُجُون، خَشِن الْمُجَارَزَة، ثَقِيل الرُّوح، غَلِيظ الرُّوحِ، غَلِيظ الطِّبَاعِ، بَعِيد عَنْ مَذْهَبِ أَهْل الظُّرْف.
وَإِنَّهُ لَفَاحِش اللِّسَانِ، قَذِع اللِّسَان، جَامِح اللِّسَان، كَثِير الْخَطَل، كَثِير الْهُرَاء، إِذَا هَزَلَ أَسْرَفَ فِي الْمُزَاحِ، وَبَالَغَ فِي الْعَبَثِ، وَتَعَدَّى الظُّرْف، وَأَسَاءَ الأَدَب، وَهَتَكَ سِتْر الْحِشْمَة، وَأَطْلَقَ لِسَانَهُ فِي الأَعْرَاضِ، وَتَنَاوَلَ الأَحْسَاب، وَخَرَجَ إِلَى السُّخْرِيَةِ، وَالْهُجْر، وَالْمُهَاتَرَة، وَالْمُقَاذَعَة، وَتَجَاوَز إِلَى هَتْكِ الْحُرُمَاتِ، وَالْعَبَثِ بِذَوِي الْمَقَامَات.














مصادر و المراجع :      

١- نجعة الرائد وشرعة الوارد في المترادف والمتوارد

المؤلف: إبراهيم بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن جنبلاط بن سعد الْيَازِجِيّ الْحِمْصِيّ نصراني الديانة (المتوفى: 1324هـ)

الناشر: مطبعة المعارف، مصر

عام النشر: 1905 م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید