المنشورات
الْكُرْهِ وَالرِّضَى
تَقُولُ: رَغَمْتُ الرَّجُل عَلَى الأَمْرِ، وَأَرْغَمْتُهُ، وَأَجْبَرْتُهُ، وَأَكْرَهْتُهُ، وَقَهَرْتُهُ، وَقَسَرْتُهُ، وَاقْتَسَرْتُهُ، وَدَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، وَأَحْرَجْتُهُ، وَأَلْجَأْتُهُ، وَأَجَأْتُهُ.
وَقَدْ فَعَلَ هَذَا الأَمْر كَارِهاً، وَفَعَلَهُ كُرْهاً، وَجَبْراً، وَقَهْراً، وَفَعَلَهُ بِرَغْمِهِ، وَبِرَغْمِ أَنْفِهِ، وَبِالرَّغْمِ مِنْ أَنْفِهِ، وَمِنْ مَعَاطِسِهِ، وَمِنْ مَرَاعِفِه، وَهَذَا أَمْر لَمْ يَفْعَلْهُ إِلا مُكْرَهاً، وَمَا فَعَلَهُ إِلا بَعْدَ مَا عُفِّرَ وَأُرْغِمَ، وَبَعْدَ مَا خُزِمَ وَخُيِّسَ، وَقَدْ أَخَذْتُ بِكَظَمِهِ، وَأَخَذْتُ بِمُخَنَّقِهِ وَضَيَّقْتُ خِنَاقَهُ،وَأَغْصَصْتُهُ بِرِيقِهِ، وَأَجْرَضْتُهُ بِرِيقِهِ، وَبَلَغْتُ مَجْهُوده، وَأَبْطَرْتُهُ ذَرْعه، وَمَلَكْتُ عَلَيْهِ مَذَاهِبه، وَأَخَذْتُ عَلَيْهِ السُّبُلَ، وَحُلْتُ دُونَ مَسْرَبه.
وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ نَاوَصَ الْجَرَّة ثُمَّ سَالَمَهَا يُضْرَبُ لِمَنْ خَالَفَ ثُمَّ اُضْطُرَّ إِلَى الْوِفَاقِ.
وَتَقُولُ أَنَا مَدْفُوعٌ إِلَى هَذَا الأَمْرِ، وَمَسُوقٌ إِلَيْهِ، وَمَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا فَعَلْتُهُ مُضْطَراً، وَقَدْ تَحَامَلْتُ فِيهِ عَلَى نَفْسِي، وَحَمَلْتُ نَفْسِي عَلَى مَكْرُوهِهَا، وَرَدَدْتُهَا عَلَى مَكْرُوهِهَا، وَإِنَّمَا أَنَا مُسَيَّر فِيهِ لا مُخَيَّر.
وَتَقُولُ هَذَا أَمْر لا مَحِيدَ لَك عَنْهُ، وَلا مَحِيصَ عَنْهُ، وَلا مَنَاص مِنْهُ، وَأَمْر لا سَبِيلَ عَنْهُ وَلا سَبِيلَ إِلا إِلَيْهِ، وَلا تَبْرَحْ حَتَّى تَفْعَلَ، وَلا تَخْطُ حَتَّى تَفْعَلَ، وَلَتَفْعَلَنَّهُ طَائِعاً أَوْ كَارِهاً، وَلَتَفْعَلَنَّهُ عَلَى الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَلَتَفْعَلَنَّ ذَلِكَ صَاغِراً قَمِيئاً.
وَيُقَال لأَكُدَّنَّكَ كَدّ الدَّبِر، وَلآخُذَنَّك أَخْذ عَزِيز مُقْتَدِر، وَلأَعْصِبَنَّكَ عَصْب السَّلَمَة وَيُقَالَ جَعَلْتُ فُلانا لِزَازاً لِفُلان أَيْ ضَاغِطاً عَلَيْهِ لا يَدَعُهُ يُخَالِفُ وَلا يُعَانِدُ.
وَتَقُولُ فِي خِلافِ ذَلِكَ فَعَلَ هَذَا الأَمْر طَوْعاً، وَفَعَلَهُ طَائِعاً، وَعَنْ طَوْع، وَعَنْ رِضىً، وَعَنْ اِخْتِيَار، وَعَنْ إِيثَار.
وَقَدْ أَرَغْتُ ذَلِكَ مِنْهُ بِاللِّينِ، وَالرِّفْقِ، وَالْهَوَادَةِ، وَأَخَذْتُهُ بِالْمُلاطَفَةِ، وَالْمُلايَنَةِ، وَالْمُسَانَاةِ، وَالْمُسَاهَاة، وَالْمُهَاوَنَة، وَتَرَكْتُ الأَمْرَ إِلَى رَأْيِهِ، وَإِلَى هَوَاهُ، وَتَرَكْتُهُ فِي سَعَةٍ مِنْ فِعْلِهِ، وَفِي مُتَّسَع.
وَهَذَا أَمْر جَاءَ مِنْهُ عَفْواً، وَقَدْ نَشِطَ لِفِعْلِهِ، وَارْتَاحَ لَهُ، وَاسْتَرْسَلَ إِلَيْهِ، وَفَعَلَهُ مِنْ ذَات نَفْسه، وَمِنْ ذِي نَفْسه، وَفَعَلَهُ مُخْتَاراً، وَمُرِيداً، وَفَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ إِكْرَاه وَلا إِجْبَار.
وَتَقُولُ افْعَلْ هَذَا إِنْ أَحْبَبْتَ، وَإِنْ رَأَيْتَ، وَإِنْ نَشِطْتَ، وَافْعَلْ كَذَا غَيْر مَأْمُور، وَالأَمْر فِي ذَلِكَ إِلَيْك، وَإِلَى رَأْيِك، وَلَك فِي هَذَا الأَمْرِ رَأْيك، وَأَنْتَ فَاعِلٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
مصادر و المراجع :
١- نجعة الرائد وشرعة
الوارد في المترادف والمتوارد
المؤلف: إبراهيم
بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن عبد الله بن ناصف بن جنبلاط بن سعد الْيَازِجِيّ
الْحِمْصِيّ نصراني الديانة (المتوفى: 1324هـ)
الناشر: مطبعة
المعارف، مصر
عام النشر: 1905
م
17 يوليو 2024
تعليقات (0)