المنشورات

مقاطعة:

أتاني كتابك وقد أبللت من مرض حبك وصحوت من رقدة طال علي الغيب فيها, حتى خفت أن تتصل برقدة الموت، فلم ترُعني روائعك1، ولا أجدى عندي اعتذارك، ولا أخذ حديثك من قلبي مأخذه من قبل، ولم أر بين سطورك ذلك النور الذي كان يملأ عيني روعة2، وقلبي هيبة، فالحمد لله الذي أدالني منك، وأعتقني من رقك، وكشف لي من مكنونك ما كشف غشاء الهوى عن بصري، فجفت الدموع التي طالما أذلتها3 بين يديك، وقرت العين التي كنت أساهر بها الكوكب شوقا إليك، ولم يبق في خاطري من ذكرك إلا كما بقي في قلوب الناس من الوفاء، والحب شجرة يغرسها الأمل في القلب، ثم يغذوها بمائه وهوائه، فلا تزال تشتجر أغصانها، وترف4 ظلالها، وترن أطيارها، حتى يعصف بها عاصف من اليأس فتموت، ولقد عالجت هذا القلب الشموس5في الرجوع إلى سالف عهدك، وسابق ودك، فجمح جموح المهر الأرِن6، وركب رأسه إلى حيث لا مطمع في أوبته، وله العتبى فيما فعل، فقد ملكني قياده برهة من الزمان فأسأت عشرته، وخفرت ذمته، وأرغمت معطسه، وركبت به في سبيلك أخشن مركب، وأنهلته من جفائك وكبريائك شر منهل، فما هو إلا أن أمكنته الغرة فانطلق انطلاق السجين من سجنه، والطائر من قفصه، فلا أوبة حتى يئوب القارظان، ويبلى الجديدان:
إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد ... إليه بوجه آخر الدهر تقبل













مصادر و المراجع :      

١- النظرات

المؤلف: مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المَنْفَلُوطي (المتوفى: 1343هـ)

الناشر: دار الآفاق الجديدة

الطبعة: الطبعة الأولى 1402هـ- 1982م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید