المنشورات

على لسان عامل فقير:

زاحفتُ أيامي وزاحفنني ... دهرا فلم تنكل ولم أنكل1
لا عزمها واه ولا عزمتي ... تصادم الجندل بالجندل
رمت فلم تبق على مفصل ... لكنها طاشت عن المقتل
وليتها أصمت1 فما أبتغي ... من عيشها إن أنا لم أقتل
لا خير في الصبر على غمرة ... لا يأمل الصابر أن تنجلي
صبرت في البأساء صبر الذي ... قيد إلى القتل فلم يحفل
لا فضل في الصبر لمستسلم ... عي عن الفعل فلم يفعل
عشرون عاما لم تحل حالتي ... ما أشبه الآخر بالأول
أغدو إلى المعمل في شملة2 ... خرقاء لم تكس ولم تشمل
كأنها برقع مصرية ... لا تحجب الوجه عن المجتلي
تنم عن جسمي كما نم عن ... نفسي غزير المدمع المرسل
يميل بي الهم مميل النقا ... بين جنوب الريح والشمأل
فمن رآني ظن بي نشوة ... أجل بكأس الحزن لا السلسل
أقضي نهاري مقبلا مدبرا ... كأنني الآلة في المعمل
وصاحب المعمل لا يرتضي ... مني بغير الفادح المثقل
فإن شكوت النزر1 من أجره ... برح بي شتما ولم يجمل
حتى إذا عدت إلى منزلي ... وجدت سوء العيش في المنزل
أرى أيامي يشتكين الطوى ... إلى يتامى جوَّع نحَّل
أبيت والأجفان في سهدها ... كأنما شُدَّت إلى يذبل1
بين صغار سهد في الدجى ... يذرون دمع الثاكل المرمل
بين ضعيف الخطو لم يعتمد ... وشاخص في المهد لم يحول2
يدعون أما تتلظى أسى ... حذار يوم الحادث المثكل
ووالدا عيَّ بإسعافهم ... في العيش عي الفارس الأعزل
ما زال ريب الدهر ينتابني ... بالمعضل الفادح فالمعضل
حتى رماني بالتي لم تدع ... إلا بقايا الروح في هيكل3
فها أنا اليوم طريح الضنى ... وليس غير الصبر من معقل
في لفحة الرمضاء لا أتقي ... وهبة النكباء لا أصطلي1
هذا هو البؤس فهل من فتى ... تم له في البؤس ما تم لي
وقال ينعى على جماعة الفوضويين مذهبهم في قتل الملوك, ويشير إلى حادثة الفوضوي الذي وضع منذ سنوات قنبلة في طريق الفونس الثالث عشر ملك أسبانيا وهو عائد من الكنيسة مع عروسه في يوم حفلة قرانه, فأصابت القنبلة خيل المركبة وقتلت بعض الحاشية, ونجا الملك وعروسه وقبض على الفوضوي فقتل:
أيها الفاتك الأثيم رويدا ... كل يوم تكيد للتاج كيدا
لا أرى التاج في البرية إلا ... فلكا دائرا وأخذا وردا
يتخطى الرءوس رأسا فرأسا ... ماشيا في العصور عهدا فعهدا
فمحال أن يهدم المرء صرحا ... أعجز الدهر بأسه أن يهدا
عبثا تقتل الملوك وعذرا ... لك فيهم لو كنت تحمل حقدا
آفة العقل أن يرى الحمد ذما ... ويرى الخطة الدنيئة حمدا
لا يبالي بالموت من عرف المو ... ت ومن لا يرى من الموت بدا
غير أن الآجال فينا حدود ... كل حي تراه يطلب حدا
أي جفن أجريت منه دموعا ... كان لولاك في السماكين بعدا
أي روع أسكنته في فؤاد ... كان في فادح الحوادث جلدا
ما بكى الفونس خشية بل غراما ... ودموع الغرام أشرف قصدا
إن قلب الجبان يخفق رعبا ... غير قلب المحب يخفق وجدا
كان بين الحياة والموت شبر ... بُدّل النحس في مجاريه سعدا
فرأينا القتيل يعمر قصرا ... وغريم القتيل يعمر لحدا
أنت تقضي والله يقضي بعدل ... في البرايا والله أكبر أيدا1
جمرة أطفأ القضاء لظاها ... فغدا جمرها سلاما وبردا
إن للمالك الكريم قلوبا ... وقفت بينه وبينك سدا
فافتدته فكن خير فداء ... لمليك وكان نعم المفدى

















مصادر و المراجع :      

١- النظرات

المؤلف: مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المَنْفَلُوطي (المتوفى: 1343هـ)

الناشر: دار الآفاق الجديدة

الطبعة: الطبعة الأولى 1402هـ- 1982م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید