المنشورات

بول وفرجيني:

يا بني القفر سلاما عاطرا ... من بني الدنيا عليكم وثناء
وسقى العارض من أكواخكم ... معهد الصدق ومهد الأتقياء
كنتم خير بني الدنيا ومن ... سعدوا فيها وماتوا سعداء
عشتم من فقركم في غبطة ... ومن القلة في عيش رخاء
لا خصام لا مراء بينكم ... لا خداع لا نفاق لا رياء
خلق بر وقلب طاهر ... مثل كأس الخمر معنى وصفاء
ووفاء ثبت الحب به ... وثبات الحب في الناس الوفاء
أصبحت قصتكم معتبرا ... في البرايا وعزاء البؤساء
يجتلي الناظر فيها حكمة ... لم يسطرها يراع الحكماء
حكم لم تقرءوا في كتبها ... غير أن طالعتمو صحف الفضاء
وكتاب الكون فيه صحف ... يقرأ الحكمة فيها العقلاء
إن عيش المرء في وحدته ... خير عيش كافل خير هناء
فالورى شر وهمّ دائم ... وشقاء لا يدانيه شقاء
وفقير لغني حاسد ... وغني يستذل الفقراء
وقوي لضعيف ظالم ... وضعيف من قوي في عناء
في فضاء الأرض منأى عنهم ... ونجاء منهم أي نجاء
إن عيش المرء فيهم ذلة ... وحياة الذل والموت سواء
ليت "فرجيني" أطاعت "بولسا" ... وأنالته مناه في البقاء
ورثت للأدمع اللاتي جرت ... من عيون ما درت كيف البكاء
لم يكن من رأيها فرقته ... ساعة لكنه رأى القضاء
فارقته لم تكن عالمة ... أن يوم الملتقى يوم اللقاء
ما "لفرجيني" وباريس أما
... كان في القفر عن الدنيا غناء
إن هذا المال كأس مزجت ... قطرة الخمرة فيه بدماء
لا ينال المرء منه جرعة ... لم يكن في طيها داء عياء
عرضوا المجد عليها باهرا ... يدهش الألباب حسنا ورُواء
وأروها زخرف الدنيا وما ... راق فيها من نعيم وثراء
فأبته وأبى الحب لها ... نقض ما أبرمه عهد الإخاء
ودعاها الشوق للقفر وما ... ضم من خير إليه وهناء
فغدت أهواؤها طائرة ... بجناح الشوق يزجيها الرجاء
يأمل الإنسان ما يأمله ... وقضاء الله في الكون وراء
ما لهذا الجو أمسى قاتما ... ينذر الناس بويل وبلاء
ما لهذا البحر أضحى مائجا ... كبناء شامخ فوق بناء
وكأن الفلك في أمواجه ... ريشة تحملها كف الهواء
ولفرجيني يد مبسوطة ... بدعاء حين لا يجدي دعاء
لهفي والماء يطفو فوقه ... هيكل الحسن وتمثال الضياء
زهرة في الروض كانت غضة ... تملأ الدنيا جمالا وبهاء
من يراها لا يراها خلقت ... مثل خلق الناس من طين وماء
ظنت البحر سماء فهوت ... لتباري فيه أملاك السماء
هكذا الدنيا وهذا منتهى ... كل حي ما لحي من بقاء













مصادر و المراجع :      

١- النظرات

المؤلف: مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي المَنْفَلُوطي (المتوفى: 1343هـ)

الناشر: دار الآفاق الجديدة

الطبعة: الطبعة الأولى 1402هـ- 1982م

تعليقات (0)

الأكثر قراءة

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد

المزید

فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المزید

حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا

المزید

أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي

المزید

إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها

المزید