المنشورات
سنن الظرف
اعلم أن عماد الظرف، عند الظرفاء وأهل المعرفة والأدباء، حفظ الجوار، والوفاء بالذمار، والأنفة من العار، وطلب السلامة من الأوزار، ولن يكون الظريف ظريفاً، حتى تجتمع فيه خصال أربع: الفصاحة، والبلاغة، والعفة، والنزاهة.
وسألت بعض الظرفاء عن الظرف فقال: التودد إلى الإخوان، وكف الأذى عن الجيران.
وقال آخر: الظرف ظلف النفس، وسخاء الكف، وعفة الفرج.
وأخبرني أحمد بن عبيد قال: قال الأصمعي وابن الأعرابي: لا يكون الظرف إلا في اللسان. يقال: فلان ظريف، أي هو بليغ، جيد المنطق، ومنه حديث عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: إذا كان اللص ظريفاً لم يقطع أي لأنه يكون له لسان فيحتج به، فيدفع عن نفسه.
قال: وروي عن محمد بن سيرين أنه قال: الظرف مشتق من الفطنة.
وقال غيره: الظرف حسن الوجه والهيئة. وقال بعض المشيخة: الظريف الذي قد تأدب، وأخذ من كل العلوم، فصار وعاءً لها، فهو ظرف.
وقال أحمد بن عبيد: معناه أنه يعي أدباً وعلماً، كما يعي ظرف الشيء ما يكون فيه، ولذلك معنى: إذا كان اللص ظريفاً لم يقطع، إذا كان واعياً للعلم لم يسرق إلا بتأول، كما فعل الشعبي، وقد دخل بيت المال، فأخذ منه دراهم، وإنما أراد به التأول لما له فيه من الحق.
وسألت بعض متظرفات القصور عن الظرف، فقالت: من كان فصيحاً عفيفاً كان عندنا متكاملاً ظريفاً، ومن كان غنياً عاهراً كان ناقصاً فاجراً.
وقال بعض الأدباء: الظرف ظلف النفس، ورقة الطبع، وصدق اللهجة، وكتمان السر. وسألت بعض الظرفاء فقال: الظرف في أربع خصال: الحياء، والكرم، والعفة، والورع؛
وأنشدني أبو عبد الله الواسطي لنفسه في هذا المعنى:
ليس الظريف بكامل في ظرفه، ... حتى يكون عن الحرام عفيفا
فإذا تورع عن محارم ربه، ... فهناك يدعوه الأنام ظريفا
ومثله لبعض المتأدبين:
إن أكن طامح اللِّحاظ، فإني، ... والذي يملك العباد، عفيف
ليس ظرف الظريف بالنفس لكن ... كل ذي عفة، فذاك ظريف
مصادر و المراجع :
١- الموشى = الظرف والظرفاء
المؤلف: محمد بن
أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء (المتوفى: 325هـ)
المحقق: كمال
مصطفى
الناشر: مكتبة
الخانجي، شارع عبد العزيز، مصر - مطبعة الاعتماد
الطبعة: الثانية،
1371 هـ - 1953 م
19 يوليو 2024
تعليقات (0)