المنشورات
غدر الرجال
خُبِّرت عن الأصمعي قال: كان رجل من الأعراب يُظهر الوجدَ لامرأته، والحب لها. وكانت تُظهر له مثل ذلك، فتعاهدا ألاّ يتزوّج منهما الباقي بعد صاحبه، فاختُرمَت المرأة قبله، فخطب الرجل امرأةً من يومه ذلك، فقيل له: أتخطب بعد يمينك وعهدك؟ فقال:
خَطَبْتُ، كما لو كنتُ قد مُتُّ قبلها، ... لكانت، بلا شكٍّ، لأول خاطبِ
إذا غاب بعلٌ كان بعلٌ مكانه، ... ولا بدّ من آتٍ وأخرَ ذاهبِ
وخُبّرت أن بعض وُلاة العهود كانت له جاريةٌ، فكان يُظهر الميل إليها، والاستهتار بحبها. وكان يقول لها: إذا أفضتِ الخلافة إليه أن يفضّلها على نسائه، ويقدّمها في البِرّ والكرامة عليهنّ، فلما بلغ من ذلك أمله جفاها واطّرحها وقَلاها، فكتبت إليه:
أين ذاك الوُدُّ والقَبول، ... وأين ما كنتَ لنا تقول؟
فكتب إليها:
قد قال في أشعاره لَبيدُ: ... يا حبّذا الطارف والتليد
فعلمت أنه لا حاجة له فيها. فهذا في القُبح يتجاوز غدر النساء، ويعلو على كثير من جنايات الإماء، وإنهنّ، والله، على ما فيهن من الغدر والخيانة والشرّ، لربما عَشِقن فاشتهرن، ووفين فأحسنّ.
مصادر و المراجع :
١- الموشى = الظرف والظرفاء
المؤلف: محمد بن
أحمد بن إسحاق بن يحيى، أبو الطيب، المعروف بالوشاء (المتوفى: 325هـ)
المحقق: كمال
مصطفى
الناشر: مكتبة
الخانجي، شارع عبد العزيز، مصر - مطبعة الاعتماد
الطبعة: الثانية،
1371 هـ - 1953 م
19 يوليو 2024
تعليقات (0)